بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس الثلاثاء، زيارة دولة إلى الولاياتالمتحدة، تستغرق أربعة أيام، يزور خلالها مدن سياتل وواشنطن ونيويورك. ويعول الجانبان على لقاء القمة الذي سيجمع الرئيسين شي جين بينغ وباراك أوباما لتبديد مخاوفهما المتبادلة بخصوص العديد من القضايا وتفهم انشغالاتهما حيال مصالحهما الحيوية ، على أمل وضع علاقات أقوى اقتصادين في العالم على سكة التطور المستدام وتفادي المواجهة. ويوضح اختيار الرئيس شي لمدينة سياتل كمحطة أولى لزيارته أن بلاده تعطي أولوية للتعاون الاقتصادي واعتماده كركيزة لتطوير العلاقات الثنائية، بالنظر لما تتمتع به المدينة من إمكانيات واسعة للتعاون بين البلدين. كما يذكر هذا الخيار بالزيارة التاريخية التي قام بها للمدينة قائد الانفتاح الاقتصادي الصيني الرئيس دينغ كسياو بينغ، عام 1979، تلك الزيارة التي أطلق عليها «زيارة كسر الجليد»، والتي توخت بالخصوص «تبادل الآراء مع قادة الولاياتالمتحدة في قضايا تطوير العلاقات الثنائية وحماية السلام العالمي». وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد صرح في وقت سابق بأن زيارة الرئيس شي «ستركز على دعم الثقة ومحاولة تبديد المخاوف الأمريكية حيال وجود تعارض بين البلدين في التعامل مع القضايا المختلفة». وأعلن الوزير أن الزيارة ستشهد توقيع سلسلة واسعة من اتفاقيات التعاون في مجالات المالية والتجارة والطاقة وتغير المناخ وحماية البيئة والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والطيران والبنية الأساسية. وأعرب عن أمل بلاده في أن «يؤكد الجانبان على النهج التنموي الخاص بكل منهما ونظرتهما الاستراتيجية وتوسيع المصلحة والمسؤولية المشتركة لحماية السلام والاستقرار والتنمية في العالم». وإضافة إلى ملف بحر الصين الذي يشهد نزاعات حدودية بين الصين وجيرانها حلفاء الولاياتالمتحدة وخصوصا اليابان والفلبين، وتبادل الاتهامات بخصوص القرصنة الإلكترونية، تحتل المفاوضات الجارية للتوصل لاتفاق الاستثمار الثنائي أولوية مركزية ضمن جدول أعمال الزيارة. ويأمل البلدان في أن تدفع المباحثات بين شي وأوباما قدما بهذه المفاوضات وإزالة العوائق القائمة، مما يجعل الملف يكتسي «أولوية قصوى» في علاقات البلدين الاقتصادية، فضلا عن الانعكاسات الإيجابية التي ستكون للاتفاق أيضا على الاقتصاد العالمي. ويرى الخبراء أن الاتفاق سيعطي دفعة قوية لأكبر اقتصادين عالميين، خصوصا أن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى رؤوس أموال للنهوض بالبنية التحتية واستعادة عافيتها الاقتصادية، في حين أن الصين التي تتمتع بوفرة في السيولة المالية، أصبحت بالفعل مصدرا لرأس المال، كما أن الحكومة الصينية تتبع إستراتيجية لتشجيع المقاولات على الاستثمار في الخارج. وقد بدأت مفاوضات اتفاق الاستثمار الثنائي الصعبة، في 2008، لكنها لم تحرز أي تقدم، قبل أن يتفق البلدان عام 2013 على إجراء مفاوضات على أساس اعتماد القائمة السلبية، التي تحدد قطاعات مغلقة أمام الاستثمار الأجنبي. وتقدمت المفاوضات في يونيو الماضي، بعدما تبادل الجانبان عروضا مبدئية من القوائم السلبية، على أن يتم الحسم في القوائم السلبية الثانية خلال الجولة المقبلة (الجولة 20) من المفاوضات في بكين. وقد أعرب نائب وزير المالية الصيني تشو غوانغ ياو عن أمل بلاده في استكمال المفاوضات قبل انتهاء ولاية الرئيس أوباما في يناير 2017. كما تأمل الصين في أن تعمل الولاياتالمتحدة على تحسين بيئتها الاستثمارية أمام الشركات الصينية، التي تغلق أمامها الأبواب بذرائع متعلقة بالأمن القومي، مما يجعل هذه المقاولات عرضة لشكوك وقيود متزايدة في بلاد العم سام. وتنتظر الصين من الجانب الأمريكي أن يعامل المقاولات الصينية على قدم المساواة مع غيرها ويتخلى عن ممارساته التمييزية ومفهومه القائم على أن جميع الاستثمارات الصينية ذات خلفية حكومية وتتحرك بدوافع سياسية وعسكرية غير مكشوفة. وأعلن المجلس الأمريكي الصيني للأعمال في تقريره السنوي الأخير «أن الصين الآن تعد ثالث أكبر سوق للولايات المتحدة بعد كندا والمكسيك. وارتفعت الصادرات الأمريكية إلى الصين بنسبة 198 في المائة، خلال العشرة أعوام الماضية، أي أعلى من معدل النمو في أي بلد أخر. إضافة إلى ذلك، ففي إطار تحول الاقتصاد الصيني إلى نموذج نمو قائم على الاستهلاك المحلي، ستصبح الصين التي تعد مصنع العالم اليوم أكبر مورد وأكبر سوق في العالم، وفقا لدراسة مشتركة حول العلاقات التجارية الأمريكيةالصينية خلال العقد القادم. ورغم تنامي الميل لشراء المنتجات الأمريكية، فلا تزال الصين أكبر مورد للولايات المتحدة. وتجاوز الفائض التجاري الصيني مع الولاياتالمتحدة 237 مليار دولار في 2014، في حين بلغ حجم المبادلات التجارية الثنائية 555 مليار دولار، وفقا لمصلحة الجمارك الصينية.