خرجت الحكومة التونسيةالجديدة من جلستها الاولى أول أمس متفائلة بقدرتها على اعادة توحيد البلاد التي اجتاحتها أعمال شغب دموية، وتهدئة المواطنين الذين لا يزالون يصبون جام غضبهم على حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الذي حكم البلاد دونما منازع 23 سنة. وفي أول قراراتها مشروع قانون عفو عام، يشمل إسلاميي حزب النهضة المحظور ستحيله على مجلس النواب لاقراره، وعزم على استعادة «الممتلكات المنقولة وغير المنقولة» لحزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وذلك في إطار تعهدها «القيام بعملية فصل بين الدولة والتجمع الدستوري الديموقراطي». ومع ذلك، استمرت التظاهرات الشعبية، وأطلقت الشرطة النار في الهواء لتفريق مئات من المحتجين الذين كانوا يطالبون بخروج وزراء التجمع الذي اضطر الى حل لجنته المركزية بعد استقالة وزراء منها. وأبلغ وزير التنمية أحمد نجيب الشابي الصحافيين لدى خروجه من جلسة مجلس الوزراء أن «وزير العدل قدم مشروع قانون عفو عام وقد تبناه مجلس الوزراء الذي قرر احالته على البرلمان». وأوضح وزير التعليم العالي احمد ابرهيم أن «حركة النهضة ستكون معنية بالعفو العام». وكان حزب النهضة الإسلامي المحظور، أعلن الثلثاء انه سيتقدم بطلب للحصول على ترخيص، وذلك غداة تصريح رئيس الوزراء محمد الغنوشي الاثنين عن عزمه على اتخاذ تدابير لبسط الديموقراطية، منها منح الاحزاب السياسية تراخيص. وأسس حزب النهضة عام 1981 مفكرون استلهموا تجربة «الاخوان المسلمين» في مصر، وتساهلت السلطات في البداية معه، بما في ذلك نظام الرئيس بن علي الذي تولى الحكم عام 1987. لكن ناشطيه تعرضوا للملاحقة والسجن بعد انتخابات 1989 التي شارك فيها الاسلاميون في لائحة «مستقلة» وحققوا نتيجة بلغت نسبتها 17 في المئة. الممتلكات وبعد إطلاق الحكومة الائتلافية الجديدة تحقيقاً في ثروات أقارب بن علي وزوجته ونشاطاتهم واعمالهم، صرح الناطق باسم الحكومة التونسية الانتقالية الطيب بكوش بأن الدولة تستعيد «الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستوري الديموقراطي». وقال بعد جلسة الحكومة: «اتخذ قرار ان تستعيد الدولة كل الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستوري الديموقراطي». وفي الاطار عينه، بث التلفزيون التونسي إن المصرف المركزي سيطر على مصرف «الزيتونة» الذي يملكه صخر الماطري، زوج احدى بنات بن علي. الى ذلك، اعلنت الحكومة معاودة الدروس في المدارس والجامعات «الأسبوع المقبل». تظاهرات ومازالت التظاهرات مستمرة في شوارع تونس، إذ خرجت احتجاجات في العاصمة، كما في بلدات أخرى في تونس للمرة الاولى منذ اطاحة بن علي. وفي شارع محمد الخامس بوسط العاصمة، أطلق المحتجون هتافات تطالب باطاحة سائر «اللصوص»، وأحرقوا شعار التجمع وحملوا لافتات تطالب برحيل الحكومة. ورفض المحتجون التراجع عندما أطلقت الشرطة عيارات نارية من خلف سياج معدني. واعلن التلفزيون الرسمي ان اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديموقراطي قد حلت، بعد انسحاب أعضائها الذين صاروا وزراء في الحكومة الجديدة تحت ضغط المعارضة. واوضح ان قرار الحل لا يشمل الحزب نفسه. وفي ما يشكل ضربة جديدة للحكومة، أفادت وكالة «تونس أفريقيا» إن وزير الدولة زهير المظفر استقال «من أجل مصالح الدولة العليا سعياً الى إخراج البلاد من أزمتها وضمان انتقال الحكم بصورة ديموقراطية». وتراجعت في الأيام الاخيرة أعمال إطلاق النار والنهب في الشوارع، لكن أحد سكان حي المروج الذي يقع على مسافة خمسة كيلومترات من وسط تونس، قال إن الشرطة والجيش تدخلا ليل الاربعاء - الخميس عندما بدأ مسلحون إطلاق النار، وأن طائرات هليكوبتر حلقت فوق الحي، واستخدمت قوى الأمن مكبرات الصوت لتطلب من الناس البقاء في بيوتهم. ونظراً الى افتقار الشرطة الى الثقة الشعبية بعد دورها في قمع الاحتجاجات قبل رحيل بن علي، تعتمد الحكومة الموقتة بقوة على الجيش لحفظ النظام. وظل الجيش بعيداً من السياسة على الأقل من الناحية العلنية، لكن محللين يقولون إنه يتمتع بنفوذ كبير من وراء الكواليس. الى ذلك، سعى المصرف المركزي التونسي الى طمأنة الدائنين الدوليين، قائلا إن لديه ما يكفي من الاحتياطات من العملة الأجنبية للوفاء بالالتزامات المالية والتجارية.