ما تعيشه الدارالبيضاء من خروقات في الحملات الانتخابية الجماعية والجهوية لم يسبق لهذه المدينة أن عاشته خلال ما سبق من مناسبات انتخابية، فهي لا تعكس ما جاء به الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب، بل على العكس من ذلك وكأن الرسائل المشفرة التي أطلقها جلالة الملك قد استوعبت بطريقة عكسية.. الغريب أن معظم هيئات سياسية من داخل الحكومة الحالية ومسيري الدارالبيضاء بالجماعة الحضرية أو الجهة هم من شوهوا كليا هذه الحملة اعتمادا على صرف أموال طائلة يجهل مصدرها، فالعمدة غزا مقاطعة عين الشق باعتماده على كائن انتخابي سمح لنفسه أن يكون سمسارا من النوع الثقيل سخر سيولة مالية تقدر بعشرات الملايين وجند ما يفوق ألف عامل وعاملة انتشروا واكتسحوا تراب المقاطعة دون نظام، بل سخروا نظام البلطجية وعوض القيام بما هو ملزم، بادروا إلى خلق الفوضى والفتنة واتهام باقي المرشحين في واللوائح المنافسة ب"الشفارة" والفاسدين رغم أن ذلك يدخل في خانة السب والقذف وأشياء أخرى، ناهيك عن استعمال ممنوعات أخرى هي عبارة عن إغراءات من كل الأنواع، ما يجري بهذه المقاطعة قد يكون مضاعفا في مناطق أخرى من نفس الهيئة وهيئات أخرى. رغم أن هناك قانونا ينظم الحملات الانتخابية، فإن العديد من الأحزاب تخترق بنوده.. وعلى سبيل المثال هناك مناطق لإلصاق شعار الحزب أو رمزه إلا أن بعض المنافسين خرجوا عن هذا النطاق كما فعل حزب الجرار الذي جاء بالعديد من الجرارات ووضعها في عدة نقط أو أمام المقرات المكترية، مما يسبب احتلال الملك العمومي بالاضافة إلى وضع لافتة بعيدة عن المقر ومنهم من وضعها وسط الطريق وبين عمودين للكهرباء أمام أعين السلطات المحلية والتي اختارت التفرج من بعيد. حزب العدالة والتنمية هو الآخر خرج عن القوانين بتسخيره لمجموعة من السيارات، بل ناقلات زودها بمكبر الصوت لترديد أحاديث دينية ممزوجة بابتهالات وتكبيرات، هذا بالاضافة إلى مجموعات تخترق الشوارع مصحوبة بمكبرات الصوت (باف) متنقل هو الآخر يصم الآذان ويحدث إزعاجا اشتكت منه الساكنة مستنكرة إقحام الدين في الحملة الانتخابية، وأيضا يجري هذا أمام أعين ومسمع السلطات المحلية التي لا تحرك ساكنا، وكأنها تنتظر احتجاج المنافسين. غير بعيد وبمنطقة بوسكورة، تطورالانفلات الانتخابي إلى معارك قوية أدت إلى وقوع بعض الضحايا كما وقع يوم الخميس 27 غشت 2015 حين اعترض قريب من أحد المرشحين بلائحة مرشحي لائحة البام وهوى بسيفه الكبير على السيارة مماأدى إلى تكسير الواجهة الزجاجية وإصابة المرشح في فمه نقل على إثر ذلك إلى المستشفى وسلمت له شهادة طبية مدة العجز فيها 21 يوما. الدرك الملكي ببوسكورة رفض، في البداية الاستماع إلى الضحية، لكن ما أن علم أن الأمور ممكن أن تتطور حتى بادر إلى الاستماع وتحرير محضر في النازلة. إن ما يعرفه الشارع البيضاوي من أحداث في غمرةالحملات الانتخابية لشيء مؤسف ومن شأنه أن يسيئ للعملية الانتخابية الجماعية والجهوية خصوصا وأن المغرب يراهن عليها كثيرا لإحداث قفزة تنموية وضع جلالة الملك لها خارطة الطريق، وزكى ذلك بخطابه التاريخي. لكن ?على ما يبدو-لا حياة لمن تنادي.. فرؤية جلالته في واد ورؤية رموز الفساد في واد آخر.