أصبح اليوم جهاز الكمبيوتر أو هاتف ذكي، إضافة إلى غرفة مظلمة، وأبواب ونوافذ مغلقة، وسرير للاسترخاء، كاف للحصول على تذكرة لرحلة الضياع في عالم الهلوسة والمخدرات. إن هذا النوع الخاص من الموسيقى أو ما يعرف ب "المخدرات الرقمية" يعمل على إيصال نغمات بترددات متفاوتة إلى الدماغ لتؤثر على ذبذباته الطبيعية، ودرجة نشاطه واستقباله للألم والتحكم في الحالة النفسية للمستمع وتدخله إلى عالم آخر من الاسترخاء. إذ يعطي تأثيرا أشبه بالتنويم المغناطيسي، ليحاكي تأثير الهيروين والكوكايين وغيرهما من المخدرات الكيميائية، بل وتصل إلى حالات انتشاء وهلوسة كالتي تصاحب تعاطي المخدرات. تأخذ منتجات هذا النوع من المخدرات شكل ملفات صوتية، يتم تحميلها أولا بشكل مجاني كعينة تجريبية، لتحقق غرضها وتوقع المستمع إليها ضحية الإدمان. وغالبا ما تكون ملف (mp3) لتتم المتاجرة به عبر مواقع الإنترنت. وعلى الرغم من أن هذه المخدرات حديثة العهد في العالم العربي، إلا أن الشباب المغاربة بدورهم يستمعون للمخدرات الإلكترونية عبر مواقع الإنترنت. ليصبح متعاطيها مدمنا أو مهووسا ينجذب نحو الأماكن المظلمة، يرتدي ملابس فضفاضة ويضع سماعات. على غرار مثيلتها الكيميائية فإن المخدرات الرقمية تعمل على إسقاط المستمع إليها في عالم الإدمان والهلوسة، وتحظى هي الأخرى بتنوع واسع في أصنافها وتسمياتها وذلك حسب درجة تأثيرها. فنجدها تأخذ أسماء معتادين على سماعها ك "الكوكايين" و "المار يوانا" وغيرها، إلا أن هذه المخدرات تقدمت على سابقتها بالاستخدامات، لنجد من بين استخداماتها "المخدرات الرقمية إنقاص الوزن"، ومسميات أخرى ك "أبواب الجحيم" و"المتعة في السماء". وتعمل المواقع الالكترونية على ترويج هذا النوع من المخدرات، عبر تشجيع المدمنين الجدد على تعاطيها، بحجة أنها خالية من أي مواد كيميائية، ليظنوا أنها لا تحمل في ألحانها ونغماتها تأثيرات سلبية. إذ خلصت إحدى الدراسات المعنية إلى أن تأثير المخدرات الرقمية قد يعادل التأثير الذي تحدثه المخدرات التقليدية على عمل الدماغ والتفاعلات الكيميائية والعصبية والحالة النفسية للمتعاطي، لكن في المقابل فإن المدمن التقليدي لن يستطيع الاستعاضة بها عن المخدرات وذلك لحاجة جسده الفيسيولوجية للمواد المخدرة، ما يعني أنها لا تشكل حلا، بل خطرا إضافيا يتنامى معه عدد المدمنين في المجتمعات.