وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    دول الساحل تعلن دعمها الكامل للمغرب وتثمن مبادرة "الرباط – الأطلسي" الاستراتيجية    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    جريمة قتل جديدة في ابن أحمد    طنجة تحتضن النسخة الحادية عشرة من الدوري الدولي "مولاي الحسن" بمشاركة أندية مغربية وإسبانية    الشيبي يسهم في تأهل بيراميدز    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    مرسوم حكومي جديد يُحوّل "منطقة التصدير الحرة طنجة تيك" إلى "منطقة التسريع الصناعي" ويوسّع نطاقها الجغرافي    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكتسبات والمعيقات والتحديات» للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي 2/2
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 07 - 2015

تنتظم قراءتنا النقدية لهذا التقرير التحليلي ، حول خمسة عناوين رئيسة تركز على الجوانب المنهجية، على أن تتلوها لاحقا قراءات وملاحظات تشمل مضامينه وخلاصاته.
وللتذكير فقد أحدث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتاريخ 16 ماي 2014، تطبيقا لمقتضيات دستور2011، ليحل محل المجلس الأعلى للتعليم . ومن أدواره فضلا عن تقديم المشورة ،» تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي «.لذلك كان من الطبيعي أن ينجز هذا التقرير ألتقييمي والذي جعلناه محورا لهذه القراءة النقدية والتي نبغي منها ،المساهمة بدورنا و بموضوعية وتجرد ،في تنوير كل من يهمه الأمر بمن فيهم أعضاء الهيأة التي أشرفت على إعداده، والمساهمة بالتالي في تطوير التعليم ببلادنا.
4 - فقر منهجي وغياب النموذج
سواء في تقديم التقرير أو في المذكرة المنهجية في نهايته (ص 173)، يتحدث واضعوه عن المنهجية المتبعة في التقييم،بقولهم، «إن الأمر يتعلق بتقييم تراكمي واسترجاعي وشامل. فهو تراكمي، لأنه يتتبع المراحل الكبرى لتطبيق الإصلاحات المنصوص عليها في الميثاق. وهو استرجاعي، لأنه يعالج التطور الحاصل خلال فترة تتعدى العشرية، وذلك ابتداء من سنة 2000. وهو شامل، لأنه لا يقف على كل تفاصيل توصيات الميثاق. وقد واجه هذا التقييم الشامل إكراهات مقترنة بمدى توفر المعطيات الكمية والكيفية. ففي غياب نظام إعلامي يسمح بولوج قواعد المعطيات الكمية المتجانسة والتي تحظى بالمصداقية، اضطر هذا العمل التقييمي إلى اعتماد معطيات متفرقة وخام، بذلت الهيئة الوطنية للتقييم مجهودا كبيرا لتنظيمها مسبقا وتصحيحها.»
كما يذكر التقرير أنه تم اعتماد منهجيتين، نظرا لحدود التقييم الإجمالي وهما:
أولا: منهج مقطعي يعمل على تقييم كل دعامة من دعامات الميثاق، انطلاقا من الأهداف التي رسمها؛وعلى القياس الكمي والتقديرات الكيفية للفوارق القائمة بين ما هو منصوص عليه في الميثاق وبين النتائج التي تم تحقيقها.
ثانيا : منهجية مستعرضة و شمولية تركز على الدعامات الرئيسية للميثاق، التي تمثل الرهانات الكبرى لنظام التربية والتكوين وتعمل على تقويم مدخلات inputs ومخرجات outputs نظام التربية والتكوين والبحث العلمي من خلال المداخل التالية:
1 - الموارد )المادية والبشرية(التي تمت تعبئتها خلال عشرية الإ صلاح من جهة، ومدى ملاءمتها لأهداف وتوصيات الميثاق من جهة أخرى، وكذلك تكوين المدرسين والدعم الاجتماعي.
2 - عمليات تطبيق الميثاق من خلال الأجهزة القانونية والمؤسساتية، والإصلاحات التي تم الشروع فيها، والإجراءات المتخذة وكذا آليات الحكامة الموضوعة، لنظام التربية والتكوين. وقد شكل مرجعا أساسيا بالنسبة لتقييم الفوارق القائمة بين ما نص عليه وما تم تطبيقه.وعدة الإصلاح البيداغوجي...
3 - النتائج المحصل عليها عند نهاية عشرية تطبيق الميثاق (المخرجات)عبر:
-. تعميم وتوسيع التربية ؛- إنجازات المدرسة والجامعة مع التأكيد على أهم المداخل المحددة لجودة النظام التربوي والتجديد الفعلي للمدرسة، والمتمثلة في مكتسبات التحصيل الدراسي للتلاميذ والإنصاف المدرسي و المردودية الخارجية والاندماج المهني، وكذا تثمين البحث العلمي ...»
إننا لا نفهم كيف يمكن أن تكون المنهجية مقطعية ومستعرضة وشمولية في نفس الآن، ففي الطب مثلا، تستعمل هذه «الطريقة»، فيقال الفحص بالأشعة المقطعية في التشخيص، ولكن في سياق مغاير وبأدوات ولأهداف مختلفة تماما. أما في حالتنا فإن المنهجية المعتمدة في هذا التقرير هي المنهجية المبنية على المقاربة النسقية (المدخلات- العمليات- المخرجات) دون أن يدري واضعوه او على الأقل دون آن يذكروا ذلك. لكنهم يستعملون التحليل النسقي بشكل ناقص وبعد إفراغه من محتواه. وكانت النتيجة التقليل من شأن العديد من الجوانب والمدخلات المهمة وفي مقدمتها الجوانب البيداغوجية والديداكتيكية والنماذج المنهاجية (الكريكلومية) والعمليات التربوية المصاحبة من استراتيجيات وطرق ووسائل تربوية وأنشطة موازية وبرامج الدعم والمواكبة... فأتت كلها باهتة في التقرير حيث لم تغطيها سوى بضع صفحات محسوبة على رؤوس الأصابع، من حجم التقرير الذي بلغ 187 صفحة من الحجم الكبير.في حين أن إصلاح التعليم،في نظرنا، هو إصلاح بيداغوجي - نفسي ثقافي - أخلاقي بالأساس وبالدرجة الأولى وهي الجوانب التي همشها التقرير الذي أغرقنا في مستنقع من المعطيات الكمية، وليس الإصلاح ببناء المدارس وربطها بشبكة الكهرباء والقضاء على الاكتظاظ والأقسام المشتركة وإعداد المدرسين وتوفير دورات المياه...فهذه الأمور ،هي من التصريف اليومي العادي، الذي يجب أن يوكل للمؤسسات و النيابات والأكاديميات ، وينبغي ألا نفخر بها على مستوى المركز كمنجزات، بل ينبغي أن نخجل من الحديث عنها بعد 60 سنة من الاستقلال.
كما كان بالإمكان اللجوء إلى نماذج و منهجيات للتقييم أكثر ملاءمة وأكثر تطورا ،بدل تكرار الشكوى من انعدامها. «وفي الحقيقة، كما يقول المؤلفون، فإن هذا التقرير لا يتضمن تقييما للأثر الحاسم أو للنجاعة، بسبب ندرة المعطيات والنمذجات الملائمة». وهذا غير صحيح ،فالمنهجيات والنماذج متوفرة ، ومن بين المنهجيات التي كان بالإمكان تطبيقها ، في هذا التقرير،نذكر على سبيل المثال، التحليل الإستراتيجي في التقييم وهو نموذج يحظى بأهمية بالغة اليوم ، عند تقييم المؤسسات والأنظمة .
يعتبر التحليل الإستراتيجي أداة رئيسة لتحديد العناصر الإستراتيجية في البيئة الخارجية (السياق والمحيط ) من فرص متاحة ومخاطر تحد من قدرة المنظومة على الاستفادة من هذه الفرص، وموازنتها مع عناصر القوة والضعف في البيئة الداخلية للمنظومة .
والغاية من التحليل الإستراتيجي ،هي معرفة وتوظيف أربعة مفاهيم أساسية : نقاط القوة والضعف الداخلية، الفرص والتهديدات الخارجية. وهذا التحليل يبنى على دراسة المنظومة من جوهرها والمحيط الذي هو حولها. وأمام غياب مثل هذا النموذج في التحليل، أتى التقرير التقييمي ضعيفا من حيث النظرة الشمولية ومن حيث ربط المنظومة بالسياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... والتي لها بالغ الأثر في منظومة التعليم، ومن حيث ما كان سيضيفه التحليل السوسيولوجي لفهم أزمة التربية والتعليم ،من معطيات ثمينة. إننا نعتقد أن أي تشخيص للوضعية و أية إستراتيجية إصلاحية تتجاهل السياق العام للمنظومة والسياسة العامة للبلاد، محكوم عليها بالفشل.
5 - ضعف المصادر ومراجع منتهية الصلاحية
وفي مقابل ذلك القصور في المقاربة البيداغوجية النسقية وغياب النظرة الإستراتيجية والتحليل السوسيولوجي ،نجد واضعي التقرير يتهربون ويبررون، «إن التقييم الشامل لتطبيق الميثاق، يجب أن يركز على تقويمات قطاعية مقترنة بمختلف جوانب نظام التربية والتكوين والبحث العلمي وبكل مكوناتها ومردوديتها الداخلية والخارجية. والحال، أن هذه التقييمات القطاعية والمنجزة بشكل نسقي ومنظم، منعدمة». لهذا، ستكون مهمة تجاوز هذه الوضعية مستقبلا (إن شاء الله)، موكولة ،حسب واضعي التقرير ،للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، عبر جهازه وهو: الهيئة الوطنية للتقييم.
وبالنسبة للمصادر يقول تقرير المجلس :»ومن أجل القيام بتقييم تطبيق الميثاق، سيرتكز هذا التقرير على بعض التقييمات القطاعية، في حال توفرها، مثل تقييم البرنامج الوطني لتقييم التحصيل الدراسي PNEA الذي أنجز على المستوى الوطني سنة 2008، والتقييمات المنجزة على المستوى الدولي من طرف الهيئة الدولية لتقييم التحصيل التربوي IEA ما بين سنتي 2000 و2011 والاتجاهات في الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم TIMSS والدراسات الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم PIRLS والتي دأب المغرب على المشاركة فيها منذ سنة 1995. كما سيرتكز على تقييمات البحث المنجز سنة 2003 حول العلوم الحقة وفي سنة 2006 حول العلوم الإنسانية، والتي وفرت معطيات لتقييم المردودية الداخلية لنظام التربية والتكوين والبحث العلمي، وأيضا على أبحاث متعلقة بالإدماج المهني، أجريت بثلاث جامعات وأبحاث حول مسارات خريجي التكوين المهني، لتقييم المردودية الخارجية، فضلا عن معطيات بحوث أخرى. كما اعتمد هذا التقرير على معطيات القطاعات الوزارية التي قامت الهيئة الوطنية للتقييم بتجميعها، استنادا إلى القاعدة الطولية للتربية (BLE) وقاعدة المعطيات الديموغرافية و المنوغرافيات والدراسات المنجزة حول التربية والتكوين بالمغرب.
فيما يخص مصدر تقييم مكتسبات التلاميذ والأداء المدرسي، يتعين كذلك وحسب تقرير المجلس، «التوقف عند نتائج الدراسة المنجزة في إطار البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات» (PNEA) ،والتي أنجزت منذ سنة 2008؛ وهي دراسة همت أربعة مستويات )الرابعة والسادسة ابتدائي، والثانية والثالثة إعدادي(؛ وكان الهدف منها تقييم مكتسبات التلاميذ في الرياضيات والعلوم واللغتين العربية والفرنسية.هذه الدراسة شكلت قاعدة معطيات البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات الدراسية وشملت هذه القاعدة، كذلك، عدة أنواع من المعطيات، من قبيل الاختبارات، والخصوصيات الفردية )استمارة التلميذ(، وخصوصيات المدرسة )استمارة المدير(، وخصوصيات الأسرة )استمارة الآباء(واتسمت العينة المعتمدة فيها بكونها شمولية: إذ ضمت 230 مؤسسة ابتدائية،و 212 مؤسسة إعدادية؛ وشملت ما مجموعه 6900 تلميذ في الابتدائي، و 6360 تلميذ في الإعدادي.
ويذكر المجلس أنه و بالإضافة إلى تلك المصادر و«للتخفيف من نقص المعطيات الكيفية(النوعية) الضرورية لتقييم الجوانب التي لا يمكن تكميمها، تم إنجاز دراسات حول الحكامة واستطلاعا للرأي حول تصور مدرسي الابتدائي والثانوي لتطبيق الميثاق، وهي الدراسات التي أغنت هذا التقرير».
وللتذكير فإن العديد من الدراسات المعتمدة كمصادر في هذا التقرير التحليلي، أنجزت أوائل عهدنا بالميثاق وانتهت مدة صلاحيتها. كما أن بعض القواعد المعتمدة في هذا التقرير تستند على معطيات قديمة تم التوصل إليها منذ أزيد من عشر سنوات. وحتى الدراسات التي أنجزها مؤخرا المجلس الأعلى للتعليم في نسخته الحالية الجديدة، غير ملائمة ومتسرعة، رغم المدة الطويلة والكافية التي خصصت لإعداد رؤيته الإستراتيجية . وعلى سبيل المثال نذكر «الدراسة الاستطلاعية لآراء المواطنين المساهمين عبر البوابة الإلكترونية للمجلس الأعلى، في النقاش المفتوح حول تشخيص حالة المنظومة التربوية واستشراف آفاق تطويرها والتي اعتمدها في إعداد «رؤيته لإصلاح المدرسة المغربية 2015-2030».. هذه الدراسة التي أنجزت سنة 2013 ونشرها المجلس في 114 صفحة سنة 2014 تحت عنوان :» تشخيص حالة المنظومة واستشراف آفاق تطويرها: دراسة استطلاعية لآراء المواطنات والمواطنين».
حيث طلب المجلس عبر موقعه في الشبكة العنكبوتية، من مختلف المواطنات و المواطنين والفاعلين و المهتمين بالشأن التربوي، تقديم آرائهم وتصوراتهم وفق ثلاثة محاور أساسية:
- جرد أهم مكتسبات منظومة التربية والتكوين المنجزة التي ينبغي تعزيزها وتثمينها؛
- رصد الاختلالات التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين؛
- تقديم الاقتراحات والتصورات الكفيلة بتطوير المنظومة وتأهيلها؛
وتبعا لذلك، تلقى المجلس 4000 مساهمة، وبعد مراجعتها، تم الاحتفاظ ب 1700 مساهمة في مرحلة أولى. وبعد تمحيص المساهمات في ضوء المنهجية المؤطرة لهذه الاستشارة العمومية، تم الاقتصار على 1027 مساهمة قابلة، حسب معدي الدراسة، للاستثمار بشكل «علمي ومنهجي»، بعد توزيعها على مجموعة من الفئات، سواء تلك المنتمية للحقل التربوي، أو المهتمة به.
* * *
إننا نتحفظ على هذه الدراسة الاستطلاعية والتي اعتمدها المجلس في وضع تقريره التقييمي وإستراتيجيته الإصلاحية وكنا نفضل أن يقوم ببحث تشخيصي معمق، بدل الدراسة الاستطلاعية والتي لا تقبل أكاديميا و لا يمكن اعتماد نتائجها علميا، سوى باعتبارها خطوة استكشافية أولية وتمهيدية لبحوث أكثر عمقا. و يلجأ إليها الباحثون في العادة، كتمهيد لبلورة إشكالية البحث واستكشاف فرضياته ووضع أدواته .
كما نتحفظ عليها لأننا نفضل البحوث الميدانية التي تتصل بشكل مباشر بأفراد العينة بواسطة المقابلات او الاستمارات وغيرها وللمجلس من الإمكانيات المادية والبشرية ما يمكنه من ذلك.
ولقد أعفانا المسؤولون عن هذه الدراسة الاستطلاعية، من عناء النقد،حيث يذكرون تحت عنوان «حدود الدراسة وصعوباتها» (صفحة 15 وما بعدها) ما يلي: «تتداخل في موضوع هذه الدراسة الاستطلاعية عدة عوامل، وتؤثر فيهاعدة متغيرات ?صعب حصر?ا والتحكم فيها. فهي لا تدعي الإحاطة بالموضوع المستطلع من جميع جوانب?ا، والتمكن من بلورة رؤية مكتملة حول الموضوع، بالنظر لكون العديد من الجوانب تم إغفالها، ولم تنل حظها1من النقاش والتحليل والتشخيص، كالجوانب النفسية والثقافية والسوسيو-اقتصادية والبيئية، الداعمة والمحتضنة لمنظومة التربية والتكوين. وعليه، فقراءة النتائج والخلاصات المتوصَّل إليها ضمن هذه الدراسة تظل رهينة السياق الذي أفرزها وطبيعة العينة التي تجاوبت مع استشارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي».
وعلى العموم، يمكن إجمال الحدود والصعوبات،(حسب محرري هذه الدراسة)، فيما يلي:
«- ضيق الحيز الزمني المخصص لتلقي مساهمات المواطنين والمواطنات الممتد من شتنبر 2013 إلى غاية أكتوبر من نفس السنة .»وعن ضيق الحيز الزمني المخصص لإنجاز الدراسة، نعتقد أن في المسألة خطأ ما، نظرا للمدة الطويلة والكافية التي استغرقها المجلس لإعداد رؤيته».
- «صعوبة استكمال بعض المعلومات الواردة على البوابة الإلكترونية للمجلس، من خلال مراجعة أصحاب المساهمات»؛
- «آراء رجال التعليم ووجهات نظر الفئات الأخرى المساهمة في الدراسة، لا يمكن اعتبارها محايدة (رجال التعليم المساكين...) إلا في حدود معينة، فهم يعتبرون أنفسهم طرفا معنيا بالدراسة؛ ولهذا يحاولون من خلال إجاباتهم التأثير في مجريات الدراسة، وإبراز الجوانب التي تهمهم وتحظى بانشغالاتهم، وتسليط الضوء أكثر على الاختلالات التي تتسبب فيها الفئات الأخرى، وإلقاء اللوم أكثر عليها، وتحميلها مسؤولية الإخفاق»؛
- كما يعترفون «بصعوبة التأكد من صفة المساهمين(ات) وطبيعة فئاتهم؛ حيث وردت بعض المشاركات دون تغيير ضمن مجموعة من الفئات، وأخرى تم إدراجها مكررة في فئة معينة»؛
-»وبعشوائية العينة بحيث لم يتم ضبط عملية مشاركة الفئات، واشتقاق أفراد العينة طبقا لنظام حصص الفئات المسا?مة، تبعا لما هو موجود في المجتمع الأم، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار بعض معايير العينة، كالجنس، والسن، والسلم، والانتماء السوسيو مهني، والمستوى الدراسي والأكاديمي... وانتقاء أفراد من كل مجموعة بما يتناسب مع حجمها الحقيقي في المجتمع الأم».
فكيف يمكن اعتماد مثل هذه الدراسات في عمل كبير وخطير ، يرهن مستقبل الأجيال ومصير الأمة لخمس عشرة سنة قادمة؟
كما كان من الضروري اللجوء إلى دراسات مقارنة، لمقارنة تقييم الوضعية عندنا مع تقييمات بعض الدول لأنظمتها التربوية ،لأن الأشياء التي لا يمكن مقارنتها مع ما للآخرين لا قيمة لها في حد ذاتها، خاصة وأن أي تقييم لابد أن يستند على معايير الجودة المعروفة والمقبولة عالميا والتي لا يوليها هذا التقرير كبير عناية. فكان بالإمكان الاستئناس والاسترشاد المنهجي ببعض المنظمات الدولية التي تلجأ في هذا الإطار، إلى مقارنة أداء الأنظمة التربوية إقليميا و دوليا، من مثل :
- الجمعية الدولية لتقييم الفعالية في مجال التعليم (LEA).
- اليونسكو.
- شبكة Eurydice للمعلومات حول الأنظمة وسياسات التعليم في أوربا (...)
* * *
أما بخصوص المراجع المعتمدة و المثبتة في نهاية التقرير ( ص 168 وما بعدها) فلنا عليها جملة من الملاحظات، نلخصها في النقاط التالية:
1 -على 78 مرجعا معتمدا ،لا تمثل المراجع العربية سوى نسبة 10 في المائة وهي 8 مراجع فقط ، كلها مذكرات ووثائق صادرة إما عن المجلس نفسه وإما عن وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي.
2 - كما نجد 30 مرجعا من أصل 78 (اي بنسبة 38 في المائة )، مراجع صادرة عن وزارة التربية الوطنية نفسها،أي عن الجهة التي تشكل موضوع السؤال والتقييم والتي من المفروض أن نحاسبها على مدى تطبيقها أم لا، لتوصيات الميثاق (شهد شاهد من أهلها).
3 - كما تتضمن لائحة المراجع 13 مرجعا ،لهم أزيد من عشر سنوات وانتهت مدة صلاحيتهم ،على الأقل بالنسبة لهذا التقرير التقييمي.
4 - وخمسة مقالات فقط ، نشرت لمؤلفين مغاربة «يفكرون» ويكتبون باللغة الفرنسية .
5- و15 مرجعا لباحثين ومؤلفين أجانب..
6- لا تتضمن اللائحة ولو مرجعا واحدا لباحثين وأكاديميين مغاربة يكتبون وينشرون باللغة العربية ،أي لم «يعثر» مؤلفو التقرير، على كتاب أو بحث جامعي واحد أو مقالة واحدة حول التعليم في المغرب، صادرة بالعربية، خلال طول الفترة التي يغطيها التقرير (حوالي 14 سنة).. ألم ينتج المغرب بعد 60 سنة من الاستقلال، مفكرين وباحثين وكفاءات، كان يمكن الاعتماد عليهم والاستشهاد بهم في هذا التقرير «غير المسبوق»، لماذا هذا التهميش؟ إننا نطرح السؤال فحسب.
(*) أستاذ باحث في علوم التربية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.