الكوميديا تحتاج لروح جديدة اكتملت الصورة التلفزيونية للقناة الأولى و الثانية.. في هذا الموسم الرمضاني، الذي هو موسم الإنتاج الدرامي على طول السنة وعرضها بامتياز، إنتاج ستعيش القناتان على " فضلاته" أو تكاد، بقية شهور السنة الأحد عشر المقبلة، عن طريق الإعادات المتتالية إلى حد الملل. هذه الصورة، كالعادة، لم تكن كلها "وردية" مثلما هو الحال في الرمضانات السابقة بالنسبة لجميع المشاهدين الذين لم يجدوا، في القناتين معا، مبتغاهم، مرة أخرى، إلا في بعض الدراما الاجتماعية، و الدراما التاريخية، حيث تم احترم بعضا من معايير صناعة هذا اللون من الدارما، سواء على مستوى الإخراج و التشخيص... وبالأخص على مستوى الكتابة التي ارتقت نسبيا إلى الأعلى و إلى ما يأمله المشاهدون، حيث تابعنا سيناريوهات جادة محبوكة بطريقة جيدة أفرزت حكايات اجتماعية.. مثيرة مشوقة تشتم منها رائحة الإبداع الحقيقي و المجهود المبذول من أجل أن تكون في اللحظة، التي هي كبيرة على كل حال، إن في زمن البث، أو في أعداد المتابعين الذين يقدرون بالملايين.. أما عدا هذا النوع من الدراما الذي شكل الاستثناء، فإن بقية الأنواع الأخرى، ونقصد بالضبط هنا الكوميديا، كانت معظمها استبلادا و استخفافا وضحكا على الذقون، و"طبخها" كان على طريقة " الكوكوت مينوت"، لا " رائحة" زكية فيه و لا نكهة طيبة .. ذائقها لا تجعله يعيد الكرة مرة أخرى، وهذا ما يفسر نفور الكثير من المتتبعين لها في هذا الشهر عن مواصلة المشاهدة.. هذا الواقع " الدرامي" المضحك - المبكي الذي يتكرر باستمرار كل رمضان، خلا استثناءات قليلة جدا ، يستدعي وقفة جدية للتأمل و البحث عن مكامن الخلل التي تجعل أموالا كثيرة، وهي أموال عمومية، تهدر هباء، دون تحقيق إفادة، إلا استفادة " منفذيها الذين يحتكرون " صناعتها " ، وكأن ليس هناك طاقات أخرى وكفاءات وأفكار وأسماء جديدة ممن يمكن أن تشرع لها الأبواب دون عراقيل كي تحقق المأمول.. فالكوميديا فن حي، و الحي لابد من أن يتطور مثلما تتطور الحياة، و التطور نحو الأفق الواعد يفرض دما جديدا وإرادة جديدة .. وفي حالتنا هاته " ربيعا" كوميديا جديدا، ، لأن الإصرار على تكرار التجارب السابقة مرة أخرى سيولد أعمالا "ذابلةّ" لا روح فيها ولا رائحة..