عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. أحضر عناصر البوليساريو في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء 18 غشت 2005 عشر حافلات ، حيث أوقفوها في ساحة أمام مدخل مركز الرابوني ، وقام مسؤولو وفد منظمة الصليب الأحمر الدولي بعد جمعنا وتنظيمنا في صفوف بتسليم كل أسير حقيبة أمتعة بها بدلة عسكرية من النوع الذي يرتدونه عناصر البوليساريو ، حيث طلبوا منا ارتداءها فاستجبنا على مضاضة لطلبهم ، ثم خضعنا لعملية تفتيش دقيق من طرف حراس سجن الرابوني ، حيث حملونا على متن هذه الحافلات إلى منطقة تسمى الأًسبوعي ، وقد وجدنا بها عبد العزيز المراكشي الذي قام بإلقاء خطبة علينا بحضور ممثلي منظمة الصليب الأحمر الدولي ، جاء فيها : » أنتم الآن ذاهبون إلى مغربكم وأنا أشارككم فرحتكم ، لكن كونوا على يقين أنكم ذاهبون لتفرشوا ( الكارطون ) في المغرب ، ونرجو منكم أن تذكرونا بالخير ، واذكروا على أننا كنا نعاملكم أحسن معاملة خلال فترة أسركم « ، وكان كل واحد من 404 أسير مغربي في تلك اللحظة يرد عليه في صدره قائلا : » نعلة الله عليك يا أكبر مجرم في الدنيا ومرتزق حرب مفتعلة من طرف الجزائر ومواليها ، حساد وحدة تراب مغربنا الحبيب « ، وعند انتهائه من خطبته أوصلونا بعد قطع 23 كيلومتر من الرابوني إلى مطار تندوف ، حيث وجدنا جنودا ومسؤولين جزائريين ، انشغلوا منذ وصولنا إلى مكان تواجدهم بإعطاء كل واحد منا حقيبة أمتعة أخرى بها بدلة رياضية يسمونها الجزائريين ( تشاندر ) بالإضافة إلى موس حلاقة ، حيث جلسنا في قاعة الانتظار بالمطار ننتظر الطائرة التي ستقلنا إلى المغرب ، وعندما وصلت الساعة الرابعة بعد الزوال أدخلونا إلى مكان وقوف طائرتين عسكريتين من الحجم الكبير تحملان رسم العلم الأميركي أتى بها جنود رفقة مسؤولي وفد أمريكي ، حيث قاموا بتوزيعنا على طائرتين إحداهما تحمل علما أزرق والأخرى تحمل علما أحمر حسب لون بطاقات حمراء وزرقاء سلموها إلينا عند وصولنا إلى هذا المطار ، وهكذا أقلعت الطائرتين من مطار تندوف ، وبعد مرور 42 دقيقة بالضبط على الساعة السابعة مساء وبضع دقائق حطت بنا الطائرتين على مدرج مطار أكادير المسيرة الدولي ، حيث وجدنا في استقبالنا كل من وزير الداخلية سابقا مصطفى الساهل ووزير الخارجية السابق محمد بنعيسى وعبد العزيز بناني الجنرال دوكور دارمي المفتش العام السابق للقوات المسلحة الملكية ونائبه وعدد من الشخصيات ، وكان كلما نزل أحدنا من سلم الطائرة يركع ساجدا مقبلا الأرض حامدا الله بعودته إلى بلاده ووطنه ، لكن الغريب في الأمر لم نسجل قط بأن يد وزير من هؤلاء الوزراء والشخصيات صافحت يد أسير منا خلال هذا الاستقبال ، بل كلهم كانوا يتهافتون للسلام على رؤساء هذا الوفد الأمريكي ، الشيء الذي أعطانا قناعة ويقينا مبينا على أن سبب وجود هذا الوفد الوزاري المغربي لم يأت لاستقبالنا بل جاء فقط لاستقبال الوفد الأمريكي ، لتبدأ من جديد سلسلة معاناة نفسية وغير نفسية بالنسبة للأسرى المغاربة أقدم أسرى في العالم عند عودتهم إلى أرض الوطن ، وبعدما قيام عدد من رجال الدرك الملكي وجنود القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة بعمليات تقسيمنا إلى ثلاث مجموعات من الأسرى ، الأولى للدرك الملكي والثانية للعسكريين والثالثة للقوات المساعدة ، بادروا بتوزيعنا على عدد من الثكنات العسكرية بمدينة أكادير في الوقت الذي غاب فيه أعضاء هذا الوفد المغربي على أنظارنا في رمشة عين و كأن الأرض بلعته ، ولم نحظ ولو بكلمة ترحاب من أعضائه يمكنها أن تنسينا آلام وأحزان عذاب أسر ذقنا خلاله علقم مرارة معاناة نفسية وجسدية لعقود من الزمن لا يقدر ما أضاعه هذا الأسر من حياتنا وأفراد أسرنا بأي ثمن .