عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. استجابة لبعض مطالب الأسرى المغاربة في سجون لحمادة ، استطاع مسؤولو منظمة الصليب الأحمر الدولي اقناع قياديي جبهة البوليساريو بعدم اجبارنا على الاستقرار داخل حفر توجد بساحات هذه السجون في ظروف جد مأساوية ، الشيء الذي جعلهم يسمحوا لنا ببناء بيوت من الطوب المصنوع بالطين أثناء أوقات فراغنا بمراكز تندوف ، حيث شمرنا على سواعدنا وفي ظرف وجيز بنينا عددا لا يستهان به حسب الحاجة من هذه البيوت بعدة مراكز بتندوف ، كما وافينا هذه المنظمة بما نلاقيه من قسوة التعذيب بسجن الرشيد المتعارف عليه ب ( أدْخَل ) لدى الجميع بالصحراء المغربية ، حيث يعتبر أخطر سجن على وجه الإطلاق بلحمادة نتيجة ما يتعرض إليه الأسرى من شتى أشد أنواع التعذيب إلى أن تخمد أنفاسهم ، هذا التعذيب الذي يفوق أحيانا ما يعانيه معتقلو سجن غوانتانامو بأمريكا ، حيث يصح أن يقال على سجن الرشيد (أدْخَل) تلك القولة المشهورة : » داخلو مفقود وخارجو مولود « ، سجن هو عبارة عن حفرة جد عميقة على شكل ( مثمورة ) أو بئر كبير كل زنزاناته توجد تحت الأرض ، حيث يتم إنزال وصعود الأسرى إليه ومنه بواسطة حبال ، و لا يقدر أو يجرأ أي أسير على الصعود منه إلا عندما يريد الحراس تعذيبه ، وقد كان هذا السجن بمثابة مقبرة لدفن الأسرى أحياء ، مما جعل منه مقبرة كلها أكواما من هياكل عظام قضى حتف أصحابها عبر مرور عقود من الزمن دون أن يعلم أحد منا بخبرهم ، هذه الأخبار دفعت بمسؤولي منظمة الصليب الأحمر الدولي في إطار تعميق أبحاثهم في هذه القضية إلى أن يقضوا معنا أوقاتا طويلة بغية إيجاد السبل السهلة للوصول إلى تقصي حقائقها أكثر دقة في عين المكان ، حيث عمدوا لكسب ثقتنا بتمكيننا من استعمال هواتفهم النقالة اثناء الاتصال بعائلاتنا مدة خمسة دقائق على الأكثر لكل أسير يتوفر على رقم هاتف عائلته ، وبعدما أصبح عدد من الأسرى المغاربة بداية سنة 2004 لهم دراية كافية بحسن استعمال الهاتف النقال بفضل أخذهم عدة تجارب أثناء حضور ممثلي الصليب الأحمر الدولي بسجن الرابوني ، أخذنا نطلب من الحراس هواتفهم من أجل الاتصال بعائلاتنا بالمغرب ، فمنهم من كان يتعاطف معنا ويستجيب بسهولة لطلباتنا ، ومنهم من رفض الاستجابة لهذه الطلبات ، مما أجبرنا على اتخاذ قرار استعمال أسلوب أسميناه أنذاك ( سيستام دّي ) ، بمعنى اعتماد الأسير على نفسه بغية الحصول على هاتف نقال ، وهكذا أصبح كل واحد منا كلما أتيحت له فرصة سرقة هاتف نقال في ملك من كان من الزوار الأجانب أو حتى عناصر البوليساريو يقوم الأسير بسرقته ، وبعدما يهدأ الوضع وتكون الأجواء ملائمة لاستعماله كالعادة ما بعد منتصف الليل ، نقوم بإخراجه والاتصال بعائلاتنا للتعرف على حال وأحوال أفرادها وأقاربنا وعلى مستجدات أخبار قضيتنا الخاصة بالأسرى المغاربة لدى البوليساريو ، ومن جملة أغرب الأخبار بالنسبة إلينا التي توصل بها بواسطة الهاتف الأسير الأخ عبد الرحيم خانة من وزان ، أن خطيبته التي سبق له أن خطبها بأيام قليلة من أسره سنة 1980 مازالت تنتظره ، رغم تقدم عدد كبير من العرسان إليها بعد انقطاع أخباره ، لكنها رفضتهم جميعا لأن حدسها وتشجيع أبيها كانا يقويانها على الاستمرار في انتظار خطيبها عبد الرحيم خانة ، وأنها كانت تعتقد على أنه مازال حيا يرزق ، وسيعود ذات يوم إلى وطنه لتكون المناسبة فرصة لفرحة كبرى برجوع عبد الرحيم من الأسر والاحتفال بزواجهما ، وقد اهتمت عدة قنوات تلفزية وطنية وأجنبية عربية بمجرد علمها بقصة حب هذا الأسير وخطيبته من مدينة وزان بشمال المغرب.