تحيلنا العديد من الأغاني الرائعة لمجموعتي ?ناس الغيوان? و ?جيل جيلالة? على عدة أغراض شعرية، التي تغنى بها تراثنا الشعبي منذ مئات السنين، ولم يكن هناك أي حرج في إنشادها أو إلقائها، مما تتسم به من فنية في البناء وحسن في الصياغة، تجعل الكبير والصغير يستسيغهالأعطي مثالا، هناك أغنية جميلة لدى ?ناس الغيوان? مستوحاة بالطبع من التراث الشعبي، يختتمون بها وصلاتهم الفنية في الحفلات والتظاهرات وهي أغنية ?»لهمامي»?، العديد من أجيال السبعينيات يفهمون هذا المصطلح والدلالة التي يعنيها وتقول الأغنية : أرواح أوا ل تاوررة لموالف بها تشوف العزبة محنية والخواتم ف يديها تشوف الكصة مجممة والغربي يديها وينتقلون بعد ذلك إلى مقطع أكثر جرأة، بل وفيه حتى التصوير الأدبي.. فحينما يرددون الزين ما خفاني إلى هز نقابه عينه كحلة مريشة والفلجة واثاتو الساق المبروم يا ربي حيد لباسو يمشي ويجي ف الفراش حتى طاب نعاسو ثم ينتقلون إلى مقطع آخر يرددون فيه راحت راحت شمس لْعشي راحت في أحكام الباري تعالى وقال الزين أنا بغيت نمشي وقت الرواح هذا ما فيه مقالة وللي ما سار يسير غير يمشي ليام فايتة والدنيا رحالة. وهي دعوة إلى المكوث مع الحبيبة أو الحبيب، في أمسية، ويحث الشاعر أن تقضي هذا الوقد الزهوي، لأن العمر قصير والدنيا لا تدومالمثير والعجيب في تراثنا هو أنه يحيلك على مدى الانفتاح الذي كان يتمتع به المجتمع المغربي، في غابر السنين دون أن يعترضهم عقل متحجر، أو ينعتهم بالكفر ملتح مزور أو يقمعهم سافر، وكان الكلام مقبولا. المثير أيضاً، أن بعض هذه الأغاني تعطيك صورة حتى على الأجواء التي كان يعيش فيها الإنسان المغربي، هناك أجواء مقرفة حقاً، ولكن كانت هناك أيضاً أجواء للمرح واللهو والزهو، وقد تغنى العديد من القبائل والشعراء الشعبيين بهذا الزهو، منها مثلا قول الشاعر. زَهْو الدنيا الكاس ورفيد لقرطاس وركوب الخيل ولغواني قل شية وصحابي ما تلات والوقت حمات آ المولى جود علي وهاد الزمان يبلي به من قال زين يعطي شقاه للقوم المعمية بكرا ليام مشات شور أولاد غفير سقصيها أصاحبي وسول يا محبوب الخاطر إلى بغيت اللامة عود اصبر لكلام بلا مزية يبقى ف الخاطر هنا يسترجع الشاعر ذكرياته الجميلة بأولاد غفير قبل أن تتغير الأحوال? ويذكر بأن الزهو مرتبط بالخمرة والشجاعة وركوب الخيل والغواني، بل يذهب إلى شرح كيف على الإنسان أن يكون إذا أراد دخول عالم الزهو الذي له طقوس خاصة، منها ألا تتحدث بدون معنى، وألا تقول قولا، قد يغضب الجمع الملتئم في لحظة زهو. العديد من الناس رسموا فكرة واحدة على ?ناس الغيوان?، وهو أنهم لا يتغنون إلا بالهموم والمشاكل، ولعكس المفارقات التي يعيشها المجتمع، ولكن في الحقيقة لهذه الفرقة، جملة من الأغاني التي تتغنى بالحبيب والحب، هنا لا يجب أن ننسى أن من أولى الأغاني التي غنتها مجموعة ?ناس الغيوان?، أيام المرحوم بوجميع وتواجد مولاي عبد العزيز الطاهري، أغنيتان تذهبان لهذا الغرض، الأولى ملحونية ومستوحاة من فن الملحون وهي أغنية ?»حن وشفق»?، التي ننقل هنا بعض المقتطفات منها. كيف يواسي للي فرق محبوبو وبقى بلا عقل ف لرسام فريد أنا كيف جفاني حبيب قلبي ما خلى غير صورتو ونعوتو وخيالو من لا عمري نظرت زين ف البدور بحالو هنا الشاعر الملحوني يتغنى بحبيبه الذي فارقه ويتذكر الأيام التي قضاها معه، وهنا يقول امتى يا مالكي نشاهد خدك يضوي عل الرسام ما بين محافل الريام ونقول بريت من علالي ونسيت محاين الجفا بمعنى أن هناك من كان يملك الجاريات، وأن هذا الأمر كان طبيعياً جداً ويتغنى بهن، ولما جفته إحداهن تحسر من خلال . القصيدة التي بين أيدينا، ومن بين صور الأجواء الحميمية يقول الشاعر أما دوزت من وقات كنت مغطي بتوبها تسوى الياقوت والتقات والسعد سقى منها والكاس مدامعو جرات على الشمعة وضيها ما تسمع غير كب هات والخمرة فاح سرها صدقوا من جربو وقالوا مادامت للزهو أيام لو كان تدوم للقدام لو كان الشمس ف سماها تبقى ديما مشرقة