صدر مؤخرا عن «مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث» تقرير جديد عن الحالة الدينية في المغرب بين سنتي 2014 و2015، حيث أشرف على إعداده وتنسيق مواده العلمية كل من مدير المركز الأستاذ منتصر حمادة الباحث في الحركات الاسلامية والأستاذ سمير الحمادي الباحث في العلوم السياسية، وساهم في تحرير محاوره التسعة باحثون مغاربة شباب متخصصون في العلوم السياسية والاجتماعية وعلم الاجتماع الديني الذين يخوضون غمار مجال بقي لسنوات طوال حكرا على مراكز الأبحاث والدراسات الغربية، التي تبدي اهتماما كبيرا بالتطورات والتفاعلات التي يحفل بها حقل التدين في البلدان الإسلامية ومن ضمنها المغرب. تم تقسيم مواد هذا التقرير إلى تقديم عام يرصد سياق الإصدار ومنهجية إعداد التقرير، إضافة إلى تسعة محاور كبرى ومادة بيبليوغرافية تضمنت أهم المصادر والمراجع المعتمدة في صياغة أعمال التقرير. فالتقديم العام أكد أن صدور هذا التقرير يأتي بالتزامن مع التحولات الجوهرية في بنية التدين المحلي بالمغرب (الإسلام المغربي) إن على صعيد نمط التدين العام (التدين التقليدي الشعبي) أو على صعيد أنماط التدين الفرعية (التدين الأصولي الحركي)، وارتباط هذه التحولات بمجموعة من التفاعلات التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي والوطني،من هنا جاءت فكرة إصدار تقرير سنوي عن الحالة الدينية في المغرب ليفتتح به «مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث» أولى إصداراته، من أجل فهم وإدراك معالم الحقل الديني وأنماطه ومساراته ومجالات تفاعله، وكذا أدوار ورهانات الفاعلين الدينيين في مختلف المواقع، وبعبارة أخرى دراسة واقع التدين وتحولاته في المجال التداولي المغربي، من خلال محاور مخصصة لأداء المؤسسات الدينية الرسمية والطرق الصوفية والحركات الإسلامية والتيارات السلفية وتدين الهامش وغيرها من الموضوعات اللصيقة بطبائع التدين في المجتمع. أما منهجية إعداد التقرير، فقد تضمنت الإشكاليات المعرفية والمنهجية التي أطرت دراسات الباحثين وأهم مراحل إعداده، إضافة إلى طريقة الاشتغال بشكل قطاعي عبر تخصيص كل محور لأداء أحد الفاعلين، والطابع الوصفي الذي غلب على مجمل دراسات الباحثين الشباب. وفيما يتعلق بمحاور التقرير، فقد كانت البداية مع المحور الأول المعنون ب «مؤسسة إمارة المؤمنين: توظيف للرأسمال الديني وحضور على المستوى الدولي» حيث تناول خلاله حسام هاب الباحث في التاريخ الراهن الموضوع عبر أربعة مباحث رئيسية وهي: مؤسسة إمارة المؤمنين بين المقدس الديني والنص الدستوري، والديبلوماسية الملكية في إفريقيا وتوظيف الرأسمال الرمزي: الديني والروحي والتاريخي، ومؤسسة إمارة المؤمنين والحضور على المستوى الدولي، وأخيرا إمارة المؤمنين ومظاهر التحكم في الحقل الديني بالمغرب. وفي المحور الثاني، تطرقت الصحفية المتخصصة في الشأن الديني سناء القويطي إلى موضوع «أداء المؤسسات الدينية» عبر رصد أهم الأحداث والوقائع والقرارات التي عرفتها ما بين 2013 و2015. أما المحور الثالث، فكان تحت عنوان «الأداء الصوفي» وخصص لتناول موضوع الطرق الصوفية، حيث قدم الباحث المتخصص في التصوف بدر الدين الخمالي رصدا لمعالم الأداء الصوفي في المغرب بين 2013 و2014 عبر أربعة مباحث تناول خلالها رصدا تأصيليا للتصوف ضمن الخطاب الديني الرسمي ثم أداء التصوف الطرقي، ومبحثين أخيرين حول الحضور الإعلامي والثقافي للتصوف والإشعاع الديبلوماسي. و المحور الرابع كان مخصصا لل «الحالة السلفية: بين المدافعة السياسية والمدافعة الجهادية» تناول فيه الباحث في العلوم السياسية سمير الحمادي الحالة السلفية بالمغرب عبر مبحثين: الأول رصد لأهم التحولات والتفاعلات في صفوف السلفية التقليدية، والثاني خصص للتحولات التي عرفتها السلفية الجهادية خلال سنة 2013 في خضم سياق الحراك العربي، ووضعية معتقلي السلفية الجهادية في السجون المغربية. وخصص المحور الخامس ل «أداء الحركات الإسلامية: انتظارية وأفول وإدماج» عالج فيه الباحث في الحركات الإسلامية منتصر حمادة حالة حركات الإسلام السياسي بالمغرب من خلال نموذجي جماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، وذلك عبر ثلاث مباحث أساسية: جماعة العدل والإحسان انتظارية مستمرة ، وحركة التوحيد والإصلاح جدلية الاختراق والإدماج، وإسلاميو الهامش ... الأفول مستمر. وخصصت ثلاثة محاور في التقرير للعلاقة بين الحقل الديني بالمغرب وعدد من التيارات الدينية والديانات السماوية، وكانت البداية مع المحور السادس المعنون ب «الشيعة والتشيع: الرؤى، الاستراتيجيات والمرجعيات بالمغرب» الذي اشتغل عليه الباحث محمد بوشيخي المتخصص في علم الاجتماع من خلال ثمانية مباحث رصد خلالها موقف العلماء المغاربة من التشيع، واستراتيجية الشيعة في اختراق المجال الديني المغربي على المستوى السياسي والحقوقي والإعلامي ثم صراع المرجعيات، قبل أن يختم دراسته برصد تجربة الخط الرسالي. أما المحور السابع فقد تطرق فيه الباحث عبد الحميد بنخويا المتخصص في الثقافة اليهودية بالمغرب إلى موضوع «أداء الطائفة اليهودية» من خلال متابعة ورصد أهم ما صدر عن الطائفة اليهودية بالمغرب من مبادرات ومواقف عبر أربعة مباحث خصص أولها للتعريف بالطوائف اليهودية بالمغرب وتفرعاتها، ثم الأعياد الدينية عند اليهود المغاربة، والأداء الثقافي للطائفة اليهودية، قبل أن يختم بحثه بتناول بملف التطبيع. وكان لإشكالية التبشير في المغرب حضور في التقرير من خلال المحور الثامن «واقع التبشير والتنصير» اشتغل عليه الباحث والصحفي عبد الرحمن الأشعاري راصدا واقع التبشير والتنصير بالمغرب وبمخيمات تندوف عبر تناول إشكالاته القانونية والدينية والمعطيات والأرقام المتعلقة به. أما المحور التاسع والأخير من التقرير فقد كان تحت عنوان «الحقل الديني في المغرب تحت مجهر التقارير البحثية» حيث عملت الصحفية سناء كريم على جرد أهم التقارير البحثية والدراسات المتعلقة بالشأن الديني، ورصد أهم مضامين التقارير البحثية التي تناولت الحالة الدينية في المغرب سواء تلك التي صدرت عن مراكز دراسات وأبحاث دولية أو محلية.