منذ أن فجر مكتب التحقيقات الأمريكي فضيحة الرشوة التي تلقاها بعض المسؤولين بالفيفا، وسقوط العديد من الأسماء المتورطة، وذكر أسماء دول بعينها، سارعت بعضها إلى نفي الاتهامات باستثناء المسؤولين المغاربة الذي لزموا الصمت بشكل مثير للاستغراب، وكأن الأمر عاد ولا يمس سمعة الوطن. صحيح أن المجال الرياضي لا تتحكم فيه النتائج الموضوعية فقط، وأن اللوبيات الضاغطة التي تحركها مصالحها ترسم خيوطا تفرض في الكثير من الأحيان الانصياع لمتطلباتها، وأن الفيفا لا يمكنها أن تستمر بكل قوتها المالية دون دعم المؤسسات العالمية الكبرى التي حسمت في العديد من ملفات ترشيح بعض الدول لاستضافة نهائيات كأس العالم، وكان المغرب من أولى ضحاياها، دون أن تكون له القدرة آنذاك على توضيح الأمور وكشف الخفايا، على الأقل لتنوير الرأي العام الوطني الذي كان يمني النفس باحتضان المغرب أكبر تظاهرة كونية. الوثيقة الأمريكية، أو صك الاتهام، تتكون من 35 صفة ترصد كل تفاصيل الفضيحة، وهي منشورة في موقع وزارة العدل الأمريكي، تؤكد أن شوك بليزرالكاتب العام لاتحاد شمال ووسط أمريكا والكاريبي «كونكاكاف»، سافر إلى المغرب بعد أن تلقى دعوة من الجانب المغرب المكلّف بملف التنظيم، وأنه تسلّم رشوة لم تساعد المغرب في الظفر بشرف التنظيم، واعتمدت الوثيقة في اتهامها على إفادات شوك بليزر نفسه، بعد تعاونه مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، تفاديا لسجنه لعدم تأدية ما بذمته لمصلحة الضرائب الأمريكية لمدة 21 سنة عندما كان في منصب الكاتب العام للكونكاكاف، وكشف بليزر أنه كان حاضرا عندما قدم ممثل عن اللجنة المغربية المنظمة- لم يذكر اسمه ? رشوة من أجل منح صوته للمغرب والتي تم قبولها. الاتهامات صريحة، ولا خبر من المسؤولين المغاربة يؤكده أو ينفيه، لبقى الرأي العام الوطني سجين أخبار الصحافة العالمية أو بعض القصاصات التي تشتغل فقط على ترديد ما يمرره القضاء الأمريكي لحسابات لم تعد خافية على أحد، علما أن فساد الفيفا ليس وليد اليوم، وأن القضاء الأمريكي كان على علم بكل ما كان يروج داخل المؤسسة الكروية، وهو ما أكدته التحقيقات التي تم الكشف عليها مؤخرا. فهل دفع المغرب الرشوة أم لم يدفعها؟ ومن هو الشخص المغربي عضو اللجنة المنظمة الذي ساوم شوك بليزر؟ وهل هذا التصرف، إن كان صحيحا، لا يخص سوى عضو اللجنة المكلفة بالملف المغربي؟ أم هو اختيار اللجنة بكاملها؟ أسئلة نطرحها على كل المسؤولين الذين تعاقبوا على الإشراف على الملفات المغربية لتنظيم كأس العالم، لمعرفة الحقيقة التي ظلت نائمة كل هذه السنوات. فمن يملك الشجاعة لكشف حقائق الأمور، دفاعا عن سمعة الوطن، أو لتبرئة الذمة على الأقل.