شاهدتُ مؤخرا فلما رائعا عن ازدواج الشخصية. وفهمتُ بعد ذلك من خلال قراءاتي أن هذه الظاهرة تحدث عند النساء اللواتي يعانين من الهستيريا. فما هي الهستيريا بالتحديد؟ و هل» ازدواج الشخصية «حقيقة علمية؟ الهستيريا مرض نفسي ، تَعود تسميتُه إلى كلمة «هسْتيروسْ» اليونانية، التي تعني «الرحم»، والطبيب الإغريقي القديم «أبقراط» هو من سَمّاها كذلك، لأنه كان يعتقد أن سببها يكمن تحديدا في الرحم . وكان «جالينوس» أيضا يظن أن هذا المرض - الذي يشاهَد لدى النساء في الغالب - إنما يَنجم عن طول الحرمان الجنسي ! واعتقد كبار الأطباء العرب والمسلمين القدامى كذلك بوجود السبب الذي ذكره أبقراط، مثلما آمنوا بنظرية « الفاضل جالينوس». وفي هذا السياق يقول أبو بكر الرازي، متحدثا عن الهستيريا: «تلك العلة تصيب النساء الأرامل، وخاصة اللاتي كنّ يحبلن كثيرا. كما تَحدث أيضا في الأبكار إذا اشتهين الباه وفقدْنَه». وليست الهستيريا في الحقيقة حكرا على النساء و لكنها نادرة جدا لدى الرجال. - و تتجلى الأعراض الجسدية لهذا المرض في حدوث النوبات الاختلاجية المعروفة. إذ تتمدد المريضة أرضا ثم تنتابها حركات لاإرادية عنيفة على مستوى الأطراف بالخصوص. وقد تطلق بعض الصرخات الحادة، فيما تبدو فاقدة للوعي. وهذا ما جعل القدماء يعتقدون أن هناك أرواحا شريرة تَسكن أجساد أولئك النساء ! وقد تكون هذه النوبة مسبوقة باضطرابات بصرية مع إحساس بما يشبه الكُرة في الحلق . وخلال نوبة الاختلاج تبدو المريضة فاقدة للوعي وما هي كذلك في حقيقة الأمر. فهي تسمع ما يقال من حولها، وإن كان يُخيل إليها عندئذ أن الأصوات التي تسمعها قادمة من مكان بعيد. - وتتميز شخصية المرأة الهستيرية - في الغالب - بانعدام التلقائية مع مبالغة شديدة في الحركات والكلام و ميل واضح إلى الاختلاق . كما تتميز بقابلية شديدة للإيحاء و بعدم الاستقرار العاطفي، مع إضفاء طالع إيروسي ، شبقي ، على العلاقات مع الغير. ومن بين الأعراض الشائعة للهستيريا نَذكر الفقدان المباغت للذاكرة. أما حالة « ازدواج الشخصية «فهي حقيقة لا جدال فيها لدى الهستيريات، لكنها تبقى نادرة جدا في حقيقة الأمر. وتتميز هذه الحالة بغشاوة تعتري الإدراك، مع إحساس حاد بالغربة. وقد تغادر المريضة بيتها أو عملها دون وجهة محددة، معتقدة أنها امرأة أخرى، في الوقت الذي تنسى فيه كل شيء عن شخصيتها الحقيقية .