عبد الكريم الشاذلي: من المخابرات الى العمل الحزبي أعلن عبد الكريم الشاذلي انضمامه في نهاية الأسبوع الماضي إلى حزب سياسي " الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، وكشف عن دخول 400 سلفي جهادي كانوا يقبعون بالسجون إلى المعترك السياسي . والشاذلي من منظري السلفية الجهادية، وأحد المعتقلين السابقين على خلفية أحداث 16 ماي بالدار البيضاء، استفاد من العفو الملكي في 2011 بعد استجابة الملك محمد السادس لمذكرة رفعها رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان إدريس اليزمي وأمينه العام محمد الصبار، وبعد خروجه لم يدل بأية تصريحات لوسائل الإعلام . وقد وزع في اللقاء الذي احتضنه حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية "نبذة عن حياته" على الحاضرين، أبرز فيها أنه كان يشتغل من 1989 إلى 1992 مسؤولا بالمديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) . وجاء في سيرة الشاذلي أنه عمل موظفا ساميا بإدارة الدفاع الوطني بالرباط بين 1989 و 1992 في قسم التعاون الدولي والعلاقات العسكرية المغربية الأمريكية، بالإضافة إلى عمله في قسم التجهيز بإدارة الدفاع الوطني و المديرية العامة للدراسات والمستندات(لادجيد) . ولا يعرف ما هي الرسالة التي يريد الشاذلي توجيهها في اجتماع سياسي يهم الشأن الداخلي لحزب عرشان، ولا علاقة له بهذه الامور التي جاءت في سيرة حياته.. فحتى لو كان اشتغل يوما في هذا الجهاز لا يجوز ذكره حسب تعليق بعض الفضوليين... يشار إلى أن عبد الكريم الشاذلي، الذي تحول من الفلسفة إلى التنظير الجهادي، دشن مساره ضمن تنظيمات الإسلام الحركي منذ شبابه، إذ ساهم في تأسيس الجماعة الإسلامية رفقة قيادات إسلامية بارزة... وكان الشاذلي عضوا نشيطا بها إلى أن قرر مغادرتها سنة 1985 ، وسبق اعتقاله بين سنتي 1984 و 1985، ثم في عام 1995 والتحقيق معه في إطار تكوين خلايا إسلامية وسط الجيش. وفي نهاية التسعينيات أعلن أن مسار التيار السلفي الجهادي ناجح و سيفرض نفسه عالميا. ومع بداية محاكمته على خلفية أحداث البيضاء الإرهابية، أنكر علاقته بتنظيم السلفية الجهادية واستنكر أحداث 16 ماي الدامية بالدار البيضاء. وقد أكد الشيخ السلفي، عبد الكريم الشاذلي، أن إثبات انتساب الكاتب والمفكر، إدريس هاني، إلى الشيعة الرافضة، يعرضه للتكفير، مشيًا على نهج السنة والجماعة، وذلك على خلفية التحاق هاني بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، رفقة الشاذلي، وعبد الكريم فوزي، القيادي السابق في الشبيبة الإسلامية. وقال الشاذلي إن لا علم له بتشيّع هاني، أو أنه على مذهب الرافضة، بل إن نظرته له كانت مقتصرة على كونه مجرّد مفكر مغربي، له ولاءات سياسية لإيران، وهو ما يبقى خيارًا عاديًا، إذ للكثير منا أفكاره الخاصة بالسياسات الدولية". واستدرك الشيخ السلفي القول في تصريحات لهسبريس: "إن ثبت أن هاني على مذهب الرافضة، وهو ما لم يصرّح به أبدًا، فموقفي واضح، وهو موقف أهل السنة والجماعة، من تكفير الكثير من طوائف الشيعة الإمامية والروافض، وإذا كان حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية يسع الجميع، فهو يستثني الشيعة والعلمانيين". وتابع الشاذلي أنه "لا يقبل أن يكون متواجدًا مع من يسبّ الأمة، ويحقّر من الصحابة، وآل البيت، مشيرًا إلى أن "إدريس هاني قال في اللقاء الذي شهد انضمام الأعضاء الثلاثة، إنه سني المذهب، ولم يبدِ أيّ إشارة حول ما يروج عن تشيعه، أو زعامته للشيعة بالمغرب". وزاد الشيخ السلفي :" نحن لا نكفر الشيعة ككل، بل الطوائف التي كفرّها أئمة أهل السنة، وهي الطوائف الرافضة والإمامية الاثنا عشر، لا الأعيان، أي الأفراد المنضمين إلى هذه الطوائف حتى تثبت عليهم حجة سب وشتم الصحابة وآل البيت، أما الطائفة الشيعية اليزيدية، فنحن لا نكفرها". وبخصوص فئة العلمانيين، أوضح الشاذلي بالقول "أنا أستثني من الحزب العلمانيين الذين يحاربون الإسلام، وليس الآخرون الذين يحترمون هذا الدين، إذ أنه لا يعقل بعد 42 سنة من العمل في الحركة الإسلامية، أن أجلس إلى جانب علماني من النوع الأوّل". وعن أسباب عدم التحاقه رفقة بقية السلفيين بحزب النهضة والفضيلة الذي انضم له عام 2013 بعض الوجوه السلفية المعروفة، قال الشاذلي إن الأمر يبقى مجرّد اختلاف سياسي يمكّن من إضفاء التنوّع على الساحة المغربية، معربًا عن تقديره لمن وصفهم بإخوانه الموجودين في حزب "الشمس"، ومؤكدًا إمكانية التعاون معهم في ملفات متعددة. وأضاف الشاذلي أن 400 سلفي يوجدون داخل السجون المغربية، أعلنوا عن انضمامهم إلى حزب عرشان، وقرابة العدد نفسه أو أقل ممّن يوجدون خارج السجون، معتبرًا أن مجموعة كبيرة من السلفيين اقتنعت بضرورة الدخول إلى المجال السياسي، وضرورة تقريب وجهات النظر بينها وبين الدولة، زيادة على الحفاظ على أمن واستقرار البلاد. ويعدّ الشاذلي من أبرز الوجوه السلفية، وقد قضى ثماني سنوات في السجن من أصل 30 سنة بسبب محاكمته بقانون الإرهاب، عبد الكريم فوزي ذراع مطيع الذي اغتال الشهيد عمر بنجلون يلتحق بالعمل الحزبي التحق عبد الكريم فوزي أحد عناصر الشبيبة الإسلامية، الذي عاد من المنفى خلال السنوات الأخيرة ، بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية في الاسبوع الماضي ويعتبر عبد الكريم فوزي الذراع الأيمن لزعيم الشبيبة الاسلامية عبد الكريم مطيع سواء اثناء تواجده في المغرب او خلال تواجده في الخارج. ودعا مطيع منذ سنة 1981 إلى "الثورة المسلحة بالمغرب" من منفاه بطرابلس، ووفر معسكرات التدريب لأتباعه بليبيا وتندوف وأفغانستان، وتسبب في محاكمة قرابة مائة شخص، واغتراب العشرات، دون أن يتمكن من تنفيذ أي عملية بالمغرب، باستثناء الهجوم على فندق أطلس آسني صيف 1994، وبعد تخليه عن حلم "حرب العصابات" أصبح يشن "حرب البيانات" التي ركزت »نيرانها« منذ مدة قبل أن تشتد أكثر في الأيام الأخيرة ضد حكومة عبد الاله بنكيران وحزبه العدالة والتنمية ، بعد أن فر من طرابلس إلى لندن بعد سقوط نظام القذافي!!! قضية نشطاء »الشبيبة الإسلامية« لم تنته بعد بأوروبا، فبعد توقيف حسن بكير، اللاجئ السياسي المقيم بهولاندا، منذ 2005 من طرف الأمن الإسباني شهر شتنبر من السنة الماضية، وتوقيف محمد حكيمي اللاجئ السياسي المقيم بسويسرا منذ سنة 1998 من طرف الشرطة الألمانية شهر ماي الماضي، لازالت المخابرات الفرنسية تبحث عن عبد الكريم مطيع. طبعا لا تتعقب خطوات عبد الكريم مطيع، زعيم التنظيم الذي حط رحاله بلندن مباشرة بعد سقوط نظام القذافي بطرابلس، التي استقر بها منذ عام 1981، باستثناء فترة غير طويلة قضاها خارج بلد العقيد بين الجزائر وأوروبا . إنها تجري تحرياتها للقبض على عبد الكريم أفقير الذي اختفى أثره منذ تنفيذ عملية أطلس آسني بمراكش صيف 1994. فالضربة الأمنية التي تلقاها تنظيم مطيع بعد محاكمة مجموعة 71 سنة 1984 واضطراره إلى مغادرة ليبيا صوب الجزائر وخلافه مع مسؤولي المخابرات الجزائرية بعد احتضان العديد من أتباعه وتدريبهم عسكريا، واحتجاز عدد منهم، جعلته يتخلى عن رهانه على ليبيا أو الجزائر في دعم مخططاته، وأصبح يفكر في لعب أوراق أخرى دون أن يظهر في الواجهة. تغير كل شيء في مسار مطيع، وظل وفيا لاختياراته من أعضاء تنظيمه ليلة الثامن عشر من شتنبر 1980 حين أصدرت المحكمة حكمها بالمؤبد على زعيم "الشبيبة الإسلامية" في قضية اغتيال القيادي الاتحادي الشهيد عمر بن جلون. وبعد أقل من ستة أشهر ستكون مئات النسخ من العدد الأول من مجلة "المجاهد" تغزو بيوت شباب التنظيم، وتنقل العشرات منهم إلى طريق ظلت حقيقتها الكاملة غامضة إلى اليوم. ففي فبراير 1981 سيقرأ جميع شباب وأعضاء الشبيبة الإسلامية افتتاحية العدد الأول من المجلة التي أصدرها زعيم تنظيمهم عبد الكريم مطيع، تحت عنوانها الشهير: »يا خيل الله اركبي«، وهو يقول مخاطبا إياهم: "إننا نشق دربنا بالعرق والدمع والدماء..غير هيابين ولا وجلين، ولا خانعين أو خاضعين أو مترددين.." هذا الدرب الجديد الذي سيخلف درب "الدعوة السلمية"، التي كانت تدعو إليها تصريحات مطيع بمجلات خليجية كمجلة "المجتمع" الكويتية أيام كان يقيم بالمملكة العربية السعودية، وبعدها بالكويت ما بين 1975، تاريخ اغتيال عمر بنجلون، و1980، تاريخ صدور حكم الإدانة في القضية، سيتم توضيحها من خلال نداء ورد مباشرة بعد الافتتاحية المختصرة، تحت عنوان: "حي على الجهاد" وهو يخاطب شباب التنظيم قائلا: "أي منكر أكبر من وجود هؤلاء الحكام والأكاسرة والملوك الأباطرة على رأس أمتنا يذبحون الأحرار ويستذلون الضعفاء ويستبيحون الأعراض، ويبددون الأموال..هذا المنكر ينبغي أن يغير..وسبيل التغيير الوحيد هو الجهاد". مطيع ظل هاربا الى اليوم، ملاحقا بحكمين بالاعدام والمؤبد، لكن حاول استغلال رسائل مفتوحة للملك ولكل من يعنيه الأمر ، في محاولة للضغط من اجل العودة، لكن يبدو ان غريمه بنكيران وابن بيته الدعوي لن يكون سعيدا، وصلابة الهارب وتوجهه القاضي باتخاذ كل الافعال والقرارات بمكيافيلية تجعله في غير منأى عن الضجيج والمشاكل، حيث وصفه صديق له في كتاب ذاكرة« كان يريد أن يقدمنا قرابين لمخططه الجهنمي، فنُعتقل نحن أو غيرُنا، ولا بأس أن يُقتل البعض منا، فمطيع بحاجة إلى شهداء يتغنى بهم، ومعتقلين يدافع عنهم في المحافل الدولية، ويبتز بهم الأموال الطائلة من الجهات الإسلامية المشرقية التي كانت تعطف عليه حتى يثبت للسلطات المغربية أنه ذو وزن على الساحة لا يستهان به حين امتدت يد الحقد الأعمى لتغتال الشهيد عمر بن جلون على الساعة الثالثة والنصف من يوم الخميس 18 دجنبر 1975.طفا على السطح اسم عبد الكريم مطيع.. فقد تولى تنفيذ الجريمة أعضاءُ خلية من الخلايا العمالية للشبيبة الإسلامية التي أسسها أوائل السبعينيات. كانت هذه الخلية واحدة من الخلايا التأديبية التي كانت الشبيبة الإسلامية تعتمدها في الاعتداء الجسدي على خصومها، على نمط تنظيم الإخوان المسلمين المصري الذي استنسخه مطيع مرجعياتٍ وتنظيما. لنتعرف على الشخص مدبر اول عملية اغتيال سياسي من داخل مجتمعه« يقول عنه محمد الفقيه النايت، وهو من الستة الذين حلوا محل مطيع في تدبير شؤون الجماعة عند هروبه: »كان شغل مطيع الشاغل هو اليسار، وكأن الشبيبة الإسلامية لم تؤسَّس إلا لمحاربة اليسار، حتى إنه أمر سنة 1974 أحد الأتباع بإحراق حصير مسجد ثانوية محمد الخامس إحراقا جزئيا، ثم ألصقَه باليسار، ودعا إلى إضراب عام اختبر به قوة التنظيم الوليد، ومدى استجابته له. وقد تلت هذا الحادث اعتقالات محدودة في صفوف الإخوان«.وأما صفات الرجل فقد وجد لها نفس المصدر مقاما في كتاب » ذاكرة« وأجمل صفات إسلامي إرهابي في مايلي«المكر والدهاء والخداع والكذب والحقد، وحب الرئاسة والميكيافيلية التي لا حدود لها... من المكيافليين، غُلْفِ القلوب، المتاجرين بالدين؛ وكأنهم لا يخشون عاقبة ولا يرجون معادا«. لم يمر اغتيال الشهيد عمر سلاما على كل المتواطئين، فقد عرج مطيع على اتهام مجموعة الريسوني ، واتهم المخابرات ، وجرت مياه كثيرة تحت جسر الجريمة، كشفت أن رأس اليسار المغربي مطلوبا بين عديد من الجهات لا أول ولا آخر لها، مطيع الذي يعتبر نفسه من آخر المنفيين في المغرب ، والذي استوطن ليبيا القذافي، ونعم بأموال السعودية قبل ان تضعه مساحة الدم المغدور في مجال ضيق وشخص غير مرغوب فيه عالميا وهو في اعتى العمر. الرجل المتغير الأطوار والمواقف، رغم كل الأدلة فإن مطيع وحسب المعتصم في حوار صحفي،« لم يكن يتردد في الدفاع عن براءته، وكان يحكي عن الاتصالات برجال بعثتهم الدولة إليه من أجل إيجاد حل لما ترتب »، وحسب المعتصم، فإن بنكيران كان بصدد اعادة بناء قيادة تنظيمه بقيادة 20 شخصا » من بينهم عبد الإله بنكيران، إبراهيم بورجة، لحسن لشكر، محمد بورواين، بكار، أبو نعيم » إدريس هاني المنخرط في العمل الحزبي بإمامة شيعية قال ادريس هاني : "في اللحظات التي ظهرت لي الأحداث على حقيقتها، قامت فوراً حرب بين عقلي ونفسي، فالنفس عزّ عليها اقتلاع "ضرس" العقيدة السابقة، والعقل عزّ عليه أن يتغاضى عن الحقائق الواضحة القطعية، فإما أن أتبع طريقاً موروثاً، وإما أن أسلك سبيل القناعة ونور العقل". ويضيف: "كان هذا أخطر قرار اتخذته في حياتي، لكي انتقل بعدها إلى رحاب التحديات الفكرية والاجتماعية". ومن هنا أعلن تشيعه في المغرب ثم هاجر إلى سوريا من أجل الالتحاق بالحوزة العلمية في دمشق. فتلقى دراسته الحوزوية على يد جملة من المشايخ والعلماء. في حين أكد الشيخ السلفي، عبد الكريم الشاذلي، أن إثبات انتساب الكاتب والمفكر، إدريس هاني، إلى الشيعة الرافضة، يعرضه للتكفير، مشيًا على نهج السنة والجماعة، وذلك على خلفية التحاق هاني بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، رفقة الشاذلي، وعبد الكريم فوزي، القيادي السابق في الشبيبة الإسلامية. وقال الشاذلي، أحد المعتقلين سابقًا في إطار ما عُرف ب"السلفية الجهادية"، إنه لا علم له بتشيّع هاني، أو أنه على مذهب الرافضة، بل إن نظرته له كانت مقتصرة على كونه مجرّد مفكر مغربي، له ولاءات سياسية لإيران، وهو ما يبقى خيارًا عاديًا، إذ للكثير منا أفكاره الخاصة بالسياسات الدولية". ولد إدريس هاني عام 1967 بمكناس ، وترعرع في مدن المغرب: القصر الكبير، مكناس، الرباط، نتيجة الظروف التي كانت تحددها وظيفة والده في وزارة الفلاحة. يقول هاني : "إنني لم أنشأ في أسرة تضرب أبناءها إطلاقا، لأنّ المغاربة لا يعرفون كيف يضربون أبناءهم. وهذه الحرية العقائدية في بيتي ساعدتني على أن أدخل في معترك الاختيارات الفكرية دون مسبقات". حيث نشأ في أوساط عائلية وبيئة اجتماعية منحته منذ البداية الثقة بالنفس والعقلية المنفتحة والواعية نتيجة هيمنة قانون حرية الرأي وحرية الفكر فيها، فكان متحرّراً من كل فكر عقائدي في بيئته ولم يواجه أي لون من ألوان الأزمة في الحرية، و الكل حرّ في أن يختار طريقته دون أن يذهب به ذلك إلى الاخلال بالأمن العام. وفي هذه الأجواء ترعرع ، متسماً بالعقلية المتفتحة والناقدة، فنمى لديه طموح البحث في الفكر الإنساني عموماً والفكر الإسلامي على وجه الخصوص، وهذا هو الطموح الذي ظل يراوده منذ الصبا والذي دفعه ليجتاز كل العقبات التي اعترته من أجل تحققه. أول مواجهة واجهها إدريس هاني في مسيرته تحذير بعض العلماء له من البحث في القضايا التاريخية القديمة، محتجين لذلك بأن هذا الأمر باعث على الفتنة وأنه يورث الباحث شبهات توجب تزلزل بنيته العقائدية. يقول : "لقد تحوّل البحث عن الحقيقة، فتنة في قاموس هذا الصنف من الناس، وكأنّهم يرون البقاء على التمزق الباطني، حيث تتشوش الحقيقة وتغيب، أفضل من الافصاح عن الحق الذي من أجله أنزل الوحي، وكأن مهمة الدين هو أن يأتى بالغموض، وكأن الله عزّوجلّ أراد أن يبلبل الحقائق". وكانت المواجهة الثانية ، هي قداسة بعض الشخصيات، لكن بعد معرفة الحق أدرك أن الحقيقة أغلى وأنفس من الرجال دون استثناء، وأنّه لابدّ أن يوطن نفسه ويهيئها للطوارئ في معترك التنقيب عن الحقائق الضائعة. فلهذا لم يفسح المجال لأي قداسة مزعومة أن تجمّد فكره في مجال البحث عن الحقيقة. التحول الذي طرأ على هاني يقول : "وقع بيدي كتابان يتحدّثان عن فاجعة كربلاء وسيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وكنت لأوّل مرّة أجد كتاباً يحمل لهجة من نوع خاص مناقضه تماماً لتلك الكتب التي عكفت على قراءتها، لم أكن أعرف أنّ صاحب الكتاب رجل شيعي، لأنني ما كنت أتصوّر أنّ الشيعة مسلمون! فكانت تختلط عندي المسألة الشيعية بالمسألة البوذية أوالسيخية!!". لماذا هؤلاء شيعة ونحن سنة ؟ يقول هاني : "تحوّل هذا السؤال في ذهني إلى شبح، يطاردني في كل مكان، فتجاهلت الأمر في البداية وتناسيته حتى اخفف عن نفسي مضاضة البحث، بيد أن ثقل البحث كان أخف عليّ من ثقل السؤال وأقل ضغطاً من الحيرة والشك المريب". بدأ دراسة التراث الشيعي وأدرك أموراً خطيرة قلبت عنده الموازين، وكان منها وعيه بأن الوضع السني لا يجد حرجاً في أن يملي على أتباعه صورة مشوّهة عن معارضيه وأنّه لا يستحي من الله ولا من التاريخ في تغذيته نزعة التجهيل والتمويه لمنتميه. ويضيف قرّرت أن أبحث عن الحق الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي، وكان من أكبر الأحداث التاريخية التي تركت الأثر العميق في وجداني هي فاجعة "الطف الدامية " ، ومنها عرفت أنّ هذا الظلم الذي يشكو منه اليوم ليس جديداً على الأمة، وأن الظالمين اليوم يسلكون طريقاً أسسه رجالات كانوا يشكّلون حجر عثرة أمام مسيرة الأئمة من آل البيت (عليهم السلام ). يقول هاني : "كنت كلما طرحت سؤالا على نفسي، رأيت شيطاناً يعتريني ويقول لي: دع عنك هذا السؤال، فهل أنت أعظم من ملايين المسلمين الذين وجدوا قبلك، وهل أنت أعلم من هؤلاء الموجودين حتى تحسم في هذه المسألة" ويضيف: "كنت أعلم أنّ هؤلاء الملايين لم يطرحوا هذا السؤال على أنفسهم بهذه القوّة والإلحاح". ويقول إدريس هاني : "كنت أطرح دائماً على أصدقائي قضية الحسين (عليه السلام) المظلوم، وآل البيت (عليهم السلام) ... فأنا ضمآن إلى تفسير شاف لهذه المآسي... كيف يستطيع هؤلاء السلف "الصالح" أن يقتلوا آل البيت (عليهم السلام) تقتيلا! لكن أصحابي، ضاقوا مني وعزّ عليهم أن يروا فكري يسير حيث لا تشتهي سفينة الجماعة " . ويضيف: "من هنا بدأت قصة الحركة نحو الاستبصار وجدت نفسي أمام موجة عارمة من التساؤلات التي جعلتني حتماً أقف على قاعدة اعتقادية صلبة. أنني لست من أولئك الذين يحبون أن يخدعوا أو أن ينوّموا، لا، أبداً، لا أرتاح حتى أجدد منطلقاتي، وأعالج مسلماتي، فلتقف حركتي في المواقف، ما دامت حركتي في الفكر صائبة".