{ لي طفل في الشهر الرابع من العمر، يستيقظ كثيرا في الليل و هو يصرخ من الخوف. و أنا أظن أنه يرى كوابيس مخيفة، لكن زوجي يؤكد أن الأطفال لا يحلمون نهائيا في هذه المرحلة من العمر. ما رأي المختص؟ ( جميلة م ./ آسفي) لا يمكن الجزم بأن الرضيع يَحلم حين يكون في الشهر الثالث أو الرابع من العمر. فالحلم - كما يقول المختصون - هو ما نَحكيه . وما دام الطفل لا يملك ناصية اللغة في هذه المرحلة فلا أحد يستطيع الجزم بأنه يحلم ، أو بأنه يستيقظ خائفا بسبب ما يراه من كوابيس. والحال أن الرضيع في الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة لا يكاد يصحو من النوم إلا إذا أحس بالجوع. وما بين ثلاثة أشهر وسنة واحدة من العمر، يصير النوم أقل ارتباطا بمسألة الجوع. وخلال هذه الفترة من الحياة، يصبح هذا الكائن الصغير أكثرَ نشاطا خلال اليقظة، كما أن نومه يصير أكثرَ عمقاً. وحتى حدود السنة الثالثة من العمر، لا يستطيع المختصون الجزم بأن الطفل يحلم. كل ما يمكن تأكيده أن عددا كبيرا من الأطفال يصبحون في هذه المرحلة مرتبطين بطقوس خاصة للنوم . وتختلف هذه الطقوس باختلاف الأطفال. فهناك ، مثلا، من «يَشترط» أن تجلس الأم في مكان معين وأن تغني له أغنية معينة، إلى غير ذلك من الطقوس. وفي هذه الفترة من العمر، يشعر عدد كبير من الأطفال بنفور شديد من النوم لأنهم يرون فيه تجربة مزعجة تُبعدهم عن عالمهم الأليف. وعندئذ تَكثر حالات الاستيقاظ الليلي المتكرر، المصحوب بخوف و بكاء. وما بين سن الثالثة والخامسة ، تَخفّ هذه الاضطرابات في معظم الأحيان، لكنها لا تختفي بكيفية نهائية . وخلال هذه المرحلة تحديدا يبدأ بعض الأطفال في التحدث عما يرونه من أحلام. وهم غالبا ما يخلطون بين المشاهد التي رأوها فعلا في الحلم و تلك التي تخيلوها أو عاشوها أثناء اليقظة . غير أن الطفل لا يستطيع أن يروي أحلامه بشيء من الدقة إلا بعد سن السادسة أو السابعة. وهو يروي عندئذ على الخصوص الأحلامَ المزعجة التي تؤدي به عادة إلى الاستيقاظ المفاجئ. وبالنسبة إلى معظم الأطفال، في هذه المرحلة من العمر ، فإن الأحلام التي يرونها في نومهم تُترجم خوفَهم العميق من أن يَتمّ التخلي عنهم من طرف الراشدين. كأنْ يرى الطفلُ نفسَه وحيداً في غابة وعاجزا تماما عن الركض أو الصراخ. ولا يعني ما ذكرناه أن الأطفال لا يَرون سوى الأحلام المزعجة في هذه المرحلة من العمر . فهم يرون كذلك أحلاما «لذيذة»، تتحقق خلالها بعضُ رغباتهم الدفينة.