{ أنا سيدة في الثلاثين . موظفة و متزوجة من رجل في الأربعين ، موظف هو الآخر. لنا طفل في السنة الثانية من العمر . صحته جيدة و لله الحمد و ينمو بشكل طبيعي . لكن المشكلة التي يعاني منها تبدأ عند إيوائه للسرير من أجل النوم . إذ يشرع في الصراخ حالما أطفئ النور و أغادر غرفته . و يفرض علي البقاء بقربه فأبقى إلى أن يأخذه النوم قليلا . لكن ما إن أغادر الغرفة حتى يبدأ في الصراخ من جديد ... (م.ن. الدارالبيضاء) خلال السنة الثانية من العمر، يلاحَظ لدى عدد كبير من الأطفال نُفور شديد من النوم. والسبب في ذلك هو أن هؤلاء الصغار يرون في النوم تجربة مزعجة تُبعدهم عن محيطهم المألوف وتحرمهم من الطمأنينة التي يشعرون بها بالقرب من أمهاتهم. وفي هذه المرحلة من العمر أيضا تكثر حالات الاستيقاظ الليلي المفاجئ، المصحوب بخوف شديد مع توتر وبكاء. ومن جانب آخر، تتميز السنة الثانية من حياة الرضيع بحدوث تلك الظاهرة التي يسميها الأطباء «طقوس النوم». وهي طقوس تختلف باختلاف الأطفال. فمنهم من يَشترط أن تجلس الأم بالقرب منه في مكان معين و في وضع معين و أن تغني له الأغنية الفلانية وألا تطفئ النور قبل انتهاء الأغنية ، إلى غير ذلك من الطقوس. وتستفحل هذه الطقوس كلما زادت حالة القلق لدى الطفل . خاصة إذا حاول الوالدان تخويف صغيرهما من أجل دفعه إلى النوم . إذ تنشأ عندئذ حلقة مفرغة : فالموقف السلبي الذي يتخذه الوالدان يؤدي إلى مضاعفة القلق لدى الطفل، وهذا القلق المتفاقم يضاعف نفور الطفل من النوم ويجعله أكثر تشبثا بالطقوس التي ذكرناها. وفي معظم الحالات تخف هذه الاضطرابات تدريجيا، ما بين الثالثة والخامسة من العمر. لكنها لا تختفي بالضرورة. ومن الواضح أن الموقف الذي يتخذه الأبوان إزاء هذه الحالة يكتسي أهمية كبرى. وما ينبغي أن نتفاداه هو انتهار الطفل أو تعنيفه أو مخاطبته بعبارات من قبيل: «ألا تستطيع أن تكون مثل باقي الأطفال؟ ألن تتركنا ننعم بالراحة و لو ليلة واحدة؟!»... ذلك أن الطفل هو أيضا في حاجة للراحة التي يوفرها له النوم. بيد أن المتاعب والمخاوف التي يعاني منها، بحكم سنه، تستوجب من الراشدين أن يساعدوه قدر إمكانهم حتى يتجاوز تلك المرحلة بسلام. وتنبني هذه المساعدة، أساسا، على التفهم و التحلي بالصبر و الهدوء.