من المؤكد أن الإيرانيين سيطالبون حكومتهم بإنفاق ما يتحقق لها من ايرادات إضافية نتيجة لرفع العقوبات الاقتصادية على تحسين مستوى المعيشة في البلاد الأمر الذي يحد من قدرتها على استغلال أي اتفاق نووي مستقبلي في تمويل حلفاء طهران في معارك الشرق الأوسط. ومنذ عام 2012 قدمت إيران دعما بمليارات الدولارات لحلفائها في المنطقة ومولت في الأساس المسلمين الشيعة وسلحتهم في صراعات أخذت بعدا طائفيا. ويقول خصوم طهران إن رفع العقوبات عليها سيتيح لها من الوسائل ما يمكنها من بذل المزيد في هذا المجال. وقال دبلوماسيون ومحللون إن إيران ستتمكن - في غضون شهور من رفع العقوبات المالية - من تحصيل ديون من بنوك في الخارج ربما تتجاوز 100 مليار دولار أغلبها من مستوردي النفط الذين توقفت مدفوعاتهم بفعل العقوبات. غير أنه في ضوء الضغوط الشديدة على الميزانية من جراء انخفاض أسعار النفط في العام الماضي والتوقعات الشعبية بتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حال التوصل إلى اتفاق نووي فإن السلطات ستواجه ضغوطا من أجل استثمار الأموال الجديدة في الداخل. وقال تشارلز هوليس العضو المنتدب للشرق الأوسط في إف.تي.آي للاستشارات «أعتقد أن فكرة أن إيران ستمتليء جيوبها بسيولة مالية يمكنها استخدامها في أغراض سرية فكرة مبالغ فيها.» وساءت حالت البنية التحتية في قطاع النفط الحيوي بسبب نقص الصيانة والاصلاح خلال سنوات من سوء الادارة والعزلة وتقول وزارة النفط إن من الضروري ضخ مبالغ طائلة لإعادة الانتاج إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات. وقال منصور معظمي نائب وزير النفط في فبراير شباط في تعليقات نشرتها وكالة شانا للأنباء التابعة للوزارة إن صناعة النفط تحتاج إلى استثمارات تبلغ 30 مليار دولار سنويا من أجل الحفاظ على مستوى الانتاج وتطوير مشروعات جديدة. ولم يتكهن المسؤولون الإيرانيون علانية بحجم الأموال الذي قد يتدفق على البلاد بفعل إبرام اتفاق نووي أو كيفية توزيع هذه الأموال. وقال محللون إن أي أموال إضافية تتحصل عليها إيران ستودع على الارجح في البداية لدى بنك إيران المركزي ما سيجعل من الصعب نسبيا على مسؤول العمليات الأمنية السرية في الجمهورية الإسلامية توجيه هذه الأموال إلى ساحات قتال في الخارج. وقال ديفيد باتر المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والباحث في تشاتام هاوس «بمجرد أن يبدأ الاحساس بأن المال متاح ستبدأ كل إدارة حكومية في التطلع للتدفقات المالية.» كما ستواجه المؤسسة ضغوطا من الطبقة المتوسطة كبيرة الحجم عالية الصوت في إيران والتي شاركت مشاركة واسعة في انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013 على أمل أن يؤدي برنامجه الانتخابي القائم على تحسين الإدارة في الداخل ونهج دبلوماسي عملي في الخارج إلى تحسين أحوالها الاقتصادية. وقال غلام رضا بهران الذي يعمل مدرسا في طهران «علي أن أعول أسرة من أربعة أفراد. ولست أملك الوقت للتفكير في السياسة أو المسألة النووية. ما يحتاجه الناس من أمثالي هو تحسين الاقتصاد.» وأضاف «أملي أن يتحقق ذلك عندما ترفع العقوبات.»