من الواضح أن الخطاب السياسي لكل سياسي في العالم ، يعطي صورة واضحة عن فكر ورؤية السياسي نفسه ، وعن طبيعة تفكيره وأدائه . إن هبوط الخطاب السياسي لدى رئيس الحكومة، والذي لا ينسجم والتحديات الجسام والأخطار التي تحيط بنا من كل صوب وحدب ، يشكل عاملا من العوامل التي تؤدي إلى ضياع البلاد والعباد ، وإن عدم ارتقاء خطابه السياسي إلى مستوى المسؤولية المنوطة به في تسيير الشأن العام للوطن ، وأيضا إلى المسؤوليات الأخلاقية والوطنية والإنسانية ، يؤدي به في نهاية المطاف إلى التلاشي أو الذبول ، وذلك بحكم جهله أو تجاهله لمكونات الخطاب السياسي . فماهي محددات الخطاب السياسي ؟ الخطاب السياسي الناجح هو الذي ينسجم مع العقلانية والتفكير العلمي ، ولا يستكين إلى الهراء والخواء الفكري والزعيق والنعيق الزائدين . الخطاب السياسي الناجح هو الذي يجمع ويفرق ، ويبني ولا يهدم ، وليس خطاب السذاجة والسطحية والتوسل والاستجداء والعنجهية والتعصب ، وقراءة الأمور قراءة ميكانيكية جامدة ، وكيل الاتهامات والشتائم والنقد الجارح والتشهير . لقد خسرنا الكثير ومازلنا .. لقد ضيعنا زمننا السياسي بخطاب رئيس الحكومة الاستهلاكي، ومن الصعب أن نصمت أمام تدني مستوى وأسلوب الخطاب السياسي، لذا ظل حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدعوه إلى الارتقاء إلى حجم المسؤوليات التي يتقلدها ، من خلال خطاب سياسي يعبر عن المسؤولية التاريخية أمام الشعب المغربي. فالتاريخ لا يرحم أبدا مهما ضحكت له الدنيا ، ويصر حزبنا على رئيس الحكومة على مراجعة شاملة ودقيقة لنماذج وأشكال هذه الخطب ، فالناس الآن يعيشون حالة يأس وإحباط وعدم اكتراث . اليوم ، لا مجال له ليصنع بطولات زائفة وهمية ، إذ لا يملك من الوقت والجهد لمواجهة الأزمة التي تعيشها البلاد على جميع المستويات. اليوم على رئيس الحكومة أن يرتفع بالسقف المعرفي ، ويرتقي بخطابه السياسي ، وألا تكون في مفرداته نار مفتوحة على الجميع ، وأن يستذكر أن السياسة موهبة ، وأن نستعين بالقرار الجماعي ونلغي تماما من ممارساتنا وسلوكياتنا أي معنى من معاني الفردانية . * الكاتب الإقليمي جرسيف