إن صح ماتداولته وسائل الإعلام ، مؤخرا، حول ملف الفيديو المبثوث على موقع اليوتوب، والذي يصور شرطيا من مدينة الناظور متلبسا بتسلم رشوة من أحد المواطنين، فإننا سنكون أمام سابقة خطيرة مماثلة لما وقع مع قناص تارجيست قبل سنوات، عندما تحركت الأجهزة الأمنية للكشف عن هوية مصور الفيديو وتم افتعال المتابعات في حق من تم الاشتباه فيه، ستكون سابقة أيضا تفند ماتم الإعلان عنه بخصوص محاربة الرشوة بالمغرب من خلال التبليغ عنها . الخبر المتداول إعلاميا يقول بإن الإدارة العامة للأمن الوطني والنيابة العامة «تشبثتا» بمتابعة الشرطي الظاهر في مقطع الفيديو وأنه تم رصد مصور الشريط وهو شاب مغربي مقيم بالمهجر، وبالضبط بمدينة بريدا الهولندية تم التعرف على مكان إقامته بالضبط ، وكان على متن سيارة مرسيديس 190 حين تعرضه للابتزاز وإقدامه على التوثيق لعملية الإرتشاء. وأن الإدارة العامة للأمن الوطني والنيابة أعطتا أوامرهما بتعميق البحث بشأن مصور الفيديو والعمل، في أقرب فرصة ممكنة، على مواجهته بالشرطي المتابع! وأن إدارة الشرقي اضريس أصدرت مذكرة بحث في حق مصور الفيديو لقرار النيابة العامة متابعته ضمن ذات الملف باعتباره مشاركا في عملية الرشوة استنادا لمقتضيات القانون المغربي المعاقبة للراشي والمرتشي والرائش! حيث علق مصدر أمني على هذا المعطى بوجود سوء نية وراء النشر على اليوتوب وأن المواطن لو أراد فضح هذه الممارسة لكان وجه تصويره صوب المصالح الأمنية المختصة محليا وولائيا ووطنيا! ترى، هل يتعلق الأمر بالبحث عن راشٍ أم عمن تجرأ وصور عملية الإرشاء والابتزاز بالشكل الذي ورط رجال الأمن بمدينة الناظور؟ وهل يتعلق الأمر برغبة في مواجهة المصور /الشاهد بالمرتشي لإثبات واقعة موثقة أصلا ولاتحتاج إلى إثبات، أم هي الرغبة في تكميم الأفواه وعدسات الهواتف النقالة وردع كل من تسول له نفسه التجرؤ على توثيق واقعة تلبس رجال أمن بالرشوة؟ نحن أمام خطابين متناقضين هنا. فمن جهة هناك دعوة رسمية للانخراط في حملة محاربة الرشوة من خلال التبليغ عنها، ومن جهة أخرى هناك واقع الحال الذي يرفع سيف المتابعة في حق كل من تجرأ وأبلغ عنها بالصوت والصورة ومتابعته بالمشاركة وتسليط سيف القانون الذي يعاقب الراشي والمرتشي والرائش، وهو القانون الذي «يكرس» الرشوة أكثر مما يحاربها على اعتبار أنه يعتبر في العمق «صمام أمان» للمرتشين ويحميهم من كل متابعة، هي ازدواجية مكشوفة في الخطاب تؤكدها واقعة الناظور، فهل يتعلق الأمر بسلوك فردي منعزل لايتجاوز الحدود الإدارية لإقليم الناظور أم هي سياسة عقابية جديدة وسيف سيرفع في وجه كل من تجرأ ونشر بالصوت والصورة وقائع رشوة وابتزاز يعاقب عليه القانون؟ هي الأيام وحدها التي ستؤكد أو تنفي ذلك في انتظار أن يعود المهاجر المغربي والقاطن بمدينة بريدا الهولندية إلى أرض الوطن ويفاجأ بمذكرة بحث صادرة في حقه ليعتقل ويعلم الله كيف سيتم التعامل معه في مخفر الشرطة، خاصة إذا صادف زملاء الشرطي المتلبس بالرشوة ؟!