المغرب يحتل المرتبة 79 في سلم ترتيب الرشوة للعام 2006 لعنة "قناص تارجيست" مغربي تطارد الراشي والمرتشي "" أعادت قضية "قناص" مغربي صور رجال درك وشرطة متلبسين بتلقي رشاوى وبث هذه الصور على الانترنت طرح موضوع الرشوة في المجتمع المغربي بالحاح ومن زوايا متعددة. أحرج "القناص" الذي لم يكشف عن هويته الدولة ووضعها على المحك في مدى التزامها بمحاربة الظاهرة. واعتبر عدد من الحقوقيين أن القناص الذي نشر صور رجال الدرك والشرطة بكاميرا فيديو رقمية وهم يتلقون رشاوى في الطريق العام على موقع "يوتوب" العالمي ظاهرة ايجابية وصحية على اعتبار أن هناك مواطنين أخذوا المبادرة لمحاربة الظاهرة التي تنخر عددا من القطاعات في المجتمع المغربي. وأطلق عدد من الصحفيين والحقوقيين على القناص "روبن هود المغربي" ووجه له عدد من القراء من داخل المغرب وخارجه التحية على " شجاعته". وبات يطلق أيضا على القناص لقب "قناص تارجيست" نسبة الى القرية التي وقع فيه الحدث وهي قرية تارجيست نواحي الحسيمة على بعد 445 كيلومترا شمال شرقي الرباط. وقال عز الدين أقصبي رئيس منظمة (ترانسبرانسي) أي الشفافية "ظاهرة قناص تارجيست ايجابية جدا ولها دلالة صحية على اعتبار أنه في المدى القريب كان موضوع الرشوة من المحرمات ولا أحد كان يجرؤ على تناول هذه المواضيع أو يقر بوجود الرشوة خاصة السلطات." وأضاف أن "قضية تارجيست بينت أن المواطنين وصلوا الى مستوى من المعاناة وبدأوا يتحركون من تلقاء انفسهم لتطويق الظاهرة وباستعمال التكنولوجيا الحديثة مما كان له تأثير اكبر على الرأي العام الوطني والدولي." وتقول ترانسبرانسي استنادا الى نتائج دراسة نشرت في عام 2006 أن أعلى نسب الرشوة في المغرب توجد بين الدرك والشرطة والعاملين في قطاعي العدل والصحة. وحسب احصائيات المنظمة جاء المغرب في المرتبة 79 في سلم ترتيب الرشوة في العام 2006 بينما جاء هذا العام في المرتبة 72 لكن أقصبي قال ان "التغيير في الرقم ليست له دلالة كبيرة على اعتبار أن العام الماضي احتل المرتبة 79 من أصل 180 دولة أما خلال هذا العام فمن أصل 163 دولة." وأضاف "تحسن طفيف من 3.2 على 10 الى 3.5 نقطة على 10 لكننا لا نزال في المنطقة السوداء." واعتبر عدد من المحللين أن "قناص تارجيست" ظاهرة متميزة على اعتبار أنه مواطن عادي على ما يبدو ولجأ الى التكنولوجيا الحديثة. وشهد عدد من القطاعات والادارات المغربية مبادرات فردية او جماعية لفضح المرتشين غالبا ما تنتهي بطرد فاضحي الرشوة من عملهم أو عقابهم بشكل أو باخر. ولعل أشهر هذه القضايا "رسالة الى التاريخ" التي كتبها مجموعة من المحامين بهيئة تطوان بشمال المغرب العام الماضي اتهموا فيها القضاء المغربي بالرشوة والظلم وعدم الاستقلالية. ونتج عن "رسالة التاريخ" فصل ثلاثة محامين من بين المحامين الاحد عشر الموقعين على الرسالة. وقالت قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء في بداية هذا الشهر ان الراشين والمرتشين الذين ظهروا في شريط "القناص" أحيلوا الى العدالة وانه أمكن التعرف على هوية أربعة من مصوريهم وان عليهم أن يقدموا أنفسهم للعدالة كشهود في هذه القضية. وفي حين قالت الجهات الرسمية ان هناك عدة مصورين أو "قناصين" في هذه القضية ذكرت مصادر قريبة من "قناص تارجيست" لرويترز أن الأمر لا يتعدى شخصا واحدا. وقال مصدر "القناص سيعلن عن نفسه قريبا وسيوكل محامين للدفاع عنه حتى لا يكون مصدر متابعة." وقال المحامي والحقوقي المغربي عبد الرحيم الجامعي لرويترز "لا يمكن أن يكون القناص موضوع المتابعة الا اذا كان التصوير غير حقيقي." وأضاف "واذا ثبت أن التصوير حقيقي يجب على الدولة أن تشكر الشخص وتقدمه كنموذج للمواطن الصالح." وعن سر اختبائه منذ أكثر من ثلاثة أشهر وعدم تقديم نفسه للعدالة مادام قام "بعمل بطولي" قال الجامعي "لان ليست هناك ضمانات قانونية لعدم تعرضه للضغط والتعذيب حتى يتراجع ويقول ان ما تم تصويره كان مجرد خدع وليس حقيقة." واعتبر المحلل الاجتماعي عبد الرحيم عمران أن ظاهرة الرشوة في المجتمع المغربي تتميز بمناعة سلبية "لانها قادرة على الحفاظ على استمراريتها وتجديد الياتها مع الوقت." وأضاف "الاشكال الاساسي هو محاولة اختراق الظاهرة ومحاولة اقتلاعها بأساليب وارادات متعددة التازر." وشدد على ضرورة توفر "الارادة السياسية والنجاعة لتفعيل وتكريس أساليب المراقبة والمحاسبة." وقال ان "الظاهرة فيها جرأة ومغامرة وتبقى قدرة السلطات على افتراء اوضاع وحالات الغرض منها ازالة المصداقية عن مثل هؤلاء المبادرين بفضح الرشوة أمر وارد." وأشار برنامج الحكومة الذي قرأه الوزير الاول عباس الفاسي أمام البرلمان في 24 أكتوبر تشرين الاول الى محاربة الرشوة وقال ان الحكومة " ستعمل على التعجيل بوضع الاليات القانونية المتعلقة بالتشريع الجديد حول التصريح بالممتلكات وتفعيل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وهو جهاز وطني يتشكل من ممثلي الادراة والهيئات المجتمعية والنقابية ويتولى التفكير بشكل جماعي وتشاركي في الحلول الملائمة... للوقاية من الرشوة." ويقول حقوقيون ان الرشوة يجب ضبطها من جميع النواحي "القانونية والاجتماعية والاقتصادية". واعتبر أقصبي أن مشكلة الرشوة تأتي من الفقر والجهل واستغلال النفوذ كما أنها "أبعد من الاخلاق في ظل غياب المراقبة والارادة السياسية لمحاربة الظاهرة.