فتحت صور فيديو التقطها شاب لعناصر الدرك الملكي وهم يتلقون رشاوى من مواطنين في المغرب، قبل شهور، الأعين بشكل كبير على تحركات رجال هذا الجهاز الأمني، الذين تحولوا إلى حديث العام والخاص، في حين كانت صورهم من أكثر الأشرطة المشاهدة على موقع " يوتيوب " ، ما أحرج آنذاك المسؤولين الذين فتحوا تحقيقا موسعا قاد إلى توقيف المتهيمن الذين ظهروا في الشريط بمنطقة الريف في الشمال المغربي وإحالتهم على القضاء بتهمة تلقي رشاوي، فيما فشلوا، إلى حدود اليوم، في الوصول إلى هذا الشاب الذي يطلق على نفسه " قناص تارجيست " تيمنًا ب " قناص بغداد " الذي اشتهر باستهدافه الجيوش الأميركية. "" وفي الوقت الذي بدأت حكاية هذا القناص تتوارى خلف حوادث أخرى، خصوصا مع احتجاب الشاب عن الظهور وعدم إصداه شريطا جديدا، استمرت لعنة هذه الأشرطة في ملاحقة رجال الدرك الملكي الذين باتت الأعين متربصة بنشاطهم في مختلف المدن في محاولة لفضح سلوكات رجال السلطة في المغرب. وحملت ظاهرة "قناص تارجيست"، الذي يفضل حقوقيون تسميته ب "روبن هود"، دلالات صحية ظهرت في المدى القريب، سواء على الجهات الرسمية أو المواطنين الذين سئموا هذا السلوك وأخذوا على عاتقهم فضحه بوسائلهم الخاصة، إذ في ظرف شهر واحد أحيل ستة دركيين، وشخصين آخرين، متهمين بتلقي رشاوي في ثلاثة مدن. وسجلت آخر حادث من هذات النوع في مدينة القنيطرة (غرب المغرب)، حيث أوقف عناصر الدرك الملكي، أمس الاثنين، دركيين اثنين متلبسين بتلقي رشاوى على الطريق الوطنية رقم 1. وبعد التحقيق معهما، جرى التشطيب على الدركيين اللذين ضبطا وهما يتلقيان رشاوى، بتواطؤ مع أحد المواطنين، من صفوف الدرك الملكي، ثم أحيلا على العدالة رفقة شريكيهما. وفي العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، أحيل دركي على القضاء بعد توقيفه من قبل المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، عقب ضبطه في حالة تلبس بجريمة تلقي رشاوى.وكان المتهم، الذي ينتمي لمصلحة الدرك الملكي ببوسكورة، كلف بإجراء بحث في جريمة اغتصاب شابة تبلغ من العمر 22 سنة. وجاء إيقاف المعني بالأمر من قبل عناصر المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، حينما كان يهم بتسلم 6 آلاف درهم من المتهم بالاغتصاب، مقابل توسط الدركي لدى الضحية لإقناعها بسحب الشكاية التي كانت قد وضعتها الظنين الذي أخبر الشرطة قبل ذلك بأن مكان تسليم هذه الرشوة هو مقهى بالدارالبيضاء. ولم تكن هذه هي الحالة الوحيدة التي تظهر انتفاض المغاربة ضد تجاوزات رجال السلطة، إذ في أكادير أبلغ أحد المسافرين بمطار المسيرة عن تلقي ثلاثة عناصر يعملون بمركز الدرك للنقل الجوي رشاوى، ما دفع مسؤولين في الجهاز إلى فتح تحقيق في الموضوع أدى إلى إحالة ثلاثة دركيين على المحكمة الابتدائية بإنزكان، للاشتباه في تلقيهم رشاوى. وكان "قناص تارجيست" صور في شريطه السابق، الذي أطلق عليه "الوعد الصادق"، رجلي درك بزيهما وهما يوقفان مجموعة من السيارات، خاصة "ميرسيديس 207 الكبيرة"، وكل سائق يقدم للدركين مبلغًا ماديًا وينطلق. ويبدو قناص مشاهد الرشوة أنه قد وظف كاميرا بسيطة وعادية، والتقط مشاهد من زاوية تمكنه من نقل لقطات شاملة للدركين خلال تلقيهما الرشاوى. وسبق لهذا الشاب أن كشف "القناص" بأنه يحوز ما يكفي من الأشرطة لتحريك قضية الرشوة داخل جهاز الدرك، وسيختار الوقت المناسب لنشرها. وطالب في المقابل بالالتفات إلى أوضاع رجال الدرك وزيادة رواتبهم حتى لايلجأو لقبول الرشاوى. وكان الوزير الأول عباس الفاسي أعلن، قبل أيام، أن جهازاً لمكافحة الرشوة سيرى النور في الأسابيع المقبلة، إضافة إلى إصدار قوانين اجبارية التصريح بالممتلكات. وتشير نتائج دراسة، نشرت في عام 2006، أن أعلى نسب الرشوة في المغرب توجد بين الدرك والشرطة والعاملين في قطاعي العدل والصحة.