مطيع ظل هاربا الى اليوم، ملاحقا بحكمين بالاعدام والمؤبد، لكن حاول استغلال رسائل مفتوحة للملك ولكل من يعنيه الأمر ، في محاولة للضغط من اجل العودة، لكن يبدو ان غريمه بنكيران وابن بيته الدعوي لن يكون سعيدا، وصلابة الهارب وتوجهه القاضي باتخاذ كل الافعال والقرارات بمكيافيلية تجعله في غير منأى عن الضجيج والمشاكل، حيث وصفه صديق له في كتاب داكرة»كان يريد أن يقدمنا قرابين لمخططه الجهنمي، فنُعتقل نحن أو غيرُنا، ولا بأس أن يُقتل البعض منا، فمطيع بحاجة إلى شهداء يتغنى بهم، ومعتقلين يدافع عنهم في المحافل الدولية، ويبتز بهم الأموال الطائلة من الجهات الإسلامية المشرقية التي كانت تعطف عليه حتى يثبت للسلطات المغربية أنه ذو وزن على الساحة لا يستهان به حين امتدت يد الحقد الأعمى لتغتال الشهيد عمر بن جلون على الساعة الثالثة والنصف من يوم الخميس 18 دجنبر 1975.طفى على السطح اسم عبد الكريم مطيع.. فقد تولى تنفيذ الجريمة أعضاءُ خلية من الخلايا العمالية للشبيبة الإسلامية التي أسسها أوائل السبعينيات. كانت هذه الخلية واحدة من الخلايا التأديبية التي كانت الشبيبة الإسلامية تعتمدها في الاعتداء الجسدي على خصومها، على نمط تنظيم الإخوان المسلمين المصري الذي استنسخه مطيع مرجعياتٍ وتنظيما. لنتعرف على الشخص مدبر اول عملية اغتيال سياسي من داخل مجمعته» يقول عنه محمد الفقيه النايت، وهو من الستة الذين حلوا محل مطيع في تدبير شؤون الجماعة عند هروبه: «كان شغل مطيع الشاغل هو اليسار، وكأن الشبيبة الإسلامية لم تؤسَّس إلا لمحاربة اليسار، حتى إنه أمر سنة 1974 أحد الأتباع بإحراق حصير مسجد ثانوية محمد الخامس إحراقا جزئيا، ثم ألصقَه باليسار، ودعا إلى إضراب عام اختبر به قوة التنظيم الوليد، ومدى استجابته له. وقد تلت هذا الحادث اعتقالات محدودة في صفوف الإخوان».وأما صفات الرجل فقد وجد لها نفس المصدر مقاما في كتاب « ذاكرة» وأجمل صفات إسلامي إرهابي في مايلي»المكر والدهاء والخداع والكذب والحقد، وحب الرئاسة والميكيافيلية التي لا حدود لها... من المكيافليين، غُلْفِ القلوب، المتاجرين بالدين؛ وكأنهم لا يخشون عاقبة ولا يرجون معادا». لم يمر اغتيال الشهيد عمر سلاما على كل المتواطئين فقد عرج مطيع على اتهام مجموعة الريسوني ، واتهم المخابرات ، وجرت مياه كثيرة تحت جسر الجريمة، كشفت أن رأس اليسار المغربي مطلوبا بين عديد من الجهات لا أول ولا آخر لها، مطيع الذي يعتبر نفسه من آخر المنفيين في المغرب ، والذي استوطن ليبيا القذافي، ونعم بأموال السعودية قبل ان تضعه مساحة الدم المغدور في مجال ضيق وشخص غير مرغوب فيه عالميا وهو في اعتى العمر. الرجل المتغير الأطوار والمواقف، رغم كل الأدلة فإن مطيع وحسب المعتصم في حوار صحفي» لم يكن يتردد في الدفاع عن براءته، وكان يحكي عن الاتصالات برجال بعثتهم الدولة إليه من أجل إيجاد حل لما ترتب « وحسب المعتصم فإن بنكيران كان بصدد اعادة بناء قيادة تنظيمه بقيادة 20 شخصا « من بينهم عبد الإله بنكيران، إبراهيم بورجة، لحسن لشكر، محمد بورواين، بكار، أبو نعيم « وأضاف المعتصم»حاولت مع القياديين الجدد ترميم التنظيم الذي تآكل بشكل كبير، لكن الامور رست لعبد الاله بنكيران الذي منحه مطيع مفاتيح التنظيم بالرباط، حسب المعتصم، وحين احتج الاخير كان الجواب رهيبا, قال لي بالحرف: بنكيران أرسله النظام المغربي للضحك علي وأنا سأضحك عليه وسأعطيه الشبيبة ليتحمل هو والنظام كل أخطائها.» ولبنكيران تاريخ طويل مع مطيع حين خرج الاول في مسيرة بالبيضاء بعد الحكم في قضية مقتل عمر بنجلون و صدور الحكم على عبد الكريم مطيع بالمؤبد سنة 1980. ضمت مابين ألفين وأربعة آلاف حسب تقديرات المشاركين. توافد أعضاء الجمعية للمشاركة فيها من الرباط وفاس وغيرهما. انطلقت من المسجد المحمدي مارة بجانب القصر الملكي وصولا إلى بنجدية حيث توجد دارُ مطيع. ولا شك أن عبد الإله بنكيران كان في غاية الحماس كعادته، إذ بُحَّ صوتُه قبلَ أن يَفرغ من كلمته. مطيع ظل هاربا الى اليوم، ملاحقا بحكمين بالاعدام المؤبد، لكن حاول استغلال رسائل مفتوحة للملك ولكل من يعنيه الامر ، في محاولة للضغط من اجل العودة، لكن يبدو ان غريمه بنكيران وابن بيته الدعوي لن يكون سعيدا، وصلابة الهارب وتوجهه القاضي باتخاذ كل الافعال والقرارات بمكيافيلية , حيث وصفه صديق له في كتاب داكرة»كان يريد أن يقدمنا قرابين لمخططه الجهنمي، فنُعتقل نحن أو غيرُنا، ولا بأس أن يُقتل البعض منا، فمطيع بحاجة إلى شهداء يتغنى بهم، ومعتقلين يدافع عنهم في المحافل الدولية، ويبتز بهم الأموال الطائلة من الجهات الإسلامية المشرقية التي كانت تعطف عليه حتى يثبت للسلطات المغربية أنه ذو وزن على الساحة لا يستهان به. عدة مبادرات مغربية رسمية في نفس الفترة، قام بها كل من أحمد بن سودة مدير الديوان الملكي الأسبق، والأستاذ محمد الناصري سفير المغرب الأسبق في المملكة العربية السعوديةوغيرهم وبمبادرة ايضا من الراحل إدريس البصري، لتأمين عودة الهاربين من وجه العدالة في قضايا ارهاب وقعت بالمغرب, وذلك بعد أن تطايرت شظايا الشبيبة الإسلامية بعضها في أحضان الثورة الإسلامية في إيران، وبعضها في أفغانستان، وبرزت منها استنباتات للعنف العفوي بتأثير المناخ السياسي العالمي آنئذ، والإرادي بتخطيط من الأجهزة الأمنية المغربية التي رأت مصلحة في هذا الاستنبات؛ لمزيد من ضرب اليسار والقوى التقدمية. الشيخ مطيع ادرك جيدا رياح التغيير التي عرفها المحيط, أي ظل يحتمي به سنوات بعد انهيار نظام معمر القذفي ، وكذا ضيق مجال تحركه بالخليج وخاصة العربية السعودية وخوفا من تسليمه للمغرب هو صحبه الفارين اصدرت جماعته من جديد بيانا اكدت من خلاله» بأن من تسميه « المرشد العام للحركة الإسلامية المغربية فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع البالغ من العمر 78 سنة قد تقدم بطلب للجوء السياسي ببريطانيا». واعلنت ان القرار جاء بعد ، «بعد تعذر الوصول إلى أية تسوية سياسية مع السلطة المغربية بشأن المنفيين من أعضاء الشبيبة الإسلامية، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ الذي صدرت في حقه أحكام في فترة السبعينات والثمانينات بالمؤبد والإعدام». واعلنت الحركة في نفس البيان فشل الحوار مع الدولة المغربية ان كان هناك فعلا أي حوار «ربطنا اتصالات مباشرة مع السلطة المغربية دامت عقودا من الزمن، إلا أنها لم تفض إلى حل رغم تدخل منظمات حقوقية دولية كهيومن رايت ووتش، التي بذلت جهودا مشكورة».. ستبقى العديد من الاسرار مكتومة في ذاكرة من رحلوا عن عالمنا، لكن ماليس سرا وما لا يخفى, ان الذين طفوا على السطح بفعل اغتيال عمر بما جسده من عمق وطني ، لا يحتاج سوى للتحليل الملموس لفهم ما جرى على الاقل. مطيع يصر على الاغتسال من دم عمر قبل العودة إلى المغرب بينما يعتزم أعضاء «الشبيبة الإسلامية»، الذين حوكموا في قضية اغتيال الشهيد عمر بنجلون، مستفيدين من إلغاء الأحكام والمتابعات ضدهم بموجب التقادم، أصر الزعيم عبد الكريم مطيع على العودة بصيغة أخرى، لا ترتكز على التقادم، بل على إعلان براءتهم من التهمة الموجهة إليهم. ويشترط مطيع، بحسب ما أوضحه محمد حقيقي (معتقل سابق ضمن أحد ملفات الشبيبة الإسلامية) لمنابر إعلامية، أن يستفيد جميع أعضاء الشبيبة الإسلامية من البراءة من التهم المنسوبة إليهم، لاسيما المرتبطة بمقتل عمر بنجلون. فضلا عن السماح للعائدين بالاستمرار في نشاطهم الدعوي والثقافي تحت يافطة الحركة الإسلامية المغربية وهي التسمية الجديدة التي يقرها المتبقون في هذا التنظيم في الخارج لأنفسهم. وبحسب حقيقي، فإن مطيع في كل الأحوال، كي يبرئ نفسه، عليه أن يقدم نفسه إلى السلطات، لتعيد محاكمته في حال وجود أدلة جديدة أو شهود بمقدورهم نفي التهم المنسوبة إليه »غير أن رئيس التنظيم لا يرغب في ذلك، وإنما يريد أن تعلن الدولة من جانب واحد، عن براءته، وتخلي ذمته من دم بنجلون، ومن التآمر على النظام، وحينها سيوافق على الرجوع«. وهو ما يعني أن مطيع، الذي يعرف أكثر من غيره أ يده ملوثة بدماء الشهيد هو وثلة من زملائه ورؤسائه وبعض الأطراف النافذة في الدولة، يقدم شرطا تعزيزيا يجعل من مقامه في المنفى اختيارا طوعيا يجر عليه المنافع، ويضع الملف بعيدا عن التحقيق الذي بإمكانه أن بميط الغطاء عن حقيقة اغتيال عمر بنجلون، وأن يحدد مسؤولية كل الأطراف المسؤولة عن ذلك الاغتيال. ومع ذلك، فإن أفرادا من الشبيبة الإسلامية المدانين أو المتابعين بمقتضى مذكرات بحث، والذين لا تفصلهم مدد زمنية قصيرة على الالتحاق بوطنهم، موافقون على تسوية ملفاتهم بصيغة إسقاط المتابعة بالتقادم. ومن بين هؤلاء، هنالك الأعضاء الذين توبعوا في ملف الهجوم على فندق أطلس أسني، في مراكش، عام 1994.كما أن بعضهم قضى عقوبات بسبب الملف نفسه في فرنسا، وهناك من حفظت المحاكم الفرنسية الدعوى ضده، ولم يعد هنالك سبب لبقائهم منفيين، علما أن بعضهم أيضا ملاحق فقط، بمذكرات بحث، وليس بأحكام، حسب ما يفيد بعض المقربين من الملف. محطات من حياة مطيع ولد عبد الكريم بن محمد مطيع بن المهدي الحمداوي ، بالزاوية التاغية قرب مدينة ابن أحمد (80 كيلومترا شرق الدارالبيضاء سنة 1935 أسس في مدينة ابن سليمان في سنة 1955 تنظيما كشفيا «منظمة الكشفية الإسلامية» على أمل أن يحولها إلى جيش للتحرير في غابات ابن سليمان والمعمورة مؤسس ما بات يسمى التيار الإسلامي المعاصر بالمغرب الذي تفرعت عنه كل الجمعيات والأحزاب السياسية الإسلامية المعاصرة بالمغرب (1975) فر من المغرب سنة 1975وبعدها صدر في حقه حكمان بالإعدام، وقامت الأجهزة المغربية في عدة أقطار عربية وأوربية بمحاولات للقبض عليه، لكنه ضل محميا في السعودة وبعدها ليبيا والان يعيش في بريطانيا متهم رسميا ومحكوم في جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون، واشرف على تأسيس تنظيمات حاربت اليسار في مختلف المحطات.