يشكل أبو أسامة المغربي الذي قتل في كمين شمال حلب يوم 15 مارس 2014 وأبو أحمد المهاجر الذي قتل على الجبهة في منطقة اللاذقية يوم 2 أبريل، إثنين من أشهر الوجوه الجهادية المغربية التي سقطت في سوريا. وإذا كان مسار أبو أحمد المهاجر يندرج في سياق التكوين الكلاسيكي لإطار في تنظيم القاعدة، فإن مسار أبو أسامة المغربي يجسد الصعود القوي لجيل جديد من الجهاديين ،هو صعود جيل «الدولة الاسلامية في العراق والشام». في نهاية سنة 2013، كانت تقديرات المخابرات المغربية تشير إلى وجود حوالي 1000 مغربي مشارك في الجهاد في سوريا، ويمكن تقدير عددهم بحوالي 1500 وربما 2000، إذا ما أضفنا عدد الجهاديين الفرنسيين والبلجيكيين والهولنديين من أصول مغربية المتواجدين كذلك في سوريا. وإذا كان الجهاد في سوريا لم يصل بعد إلى مستوى الظاهرة المجتمعية الحقيقية في المغرب، خلافاً لتونس مثلا، فإن التعبئة من أجل التوجه إلى الجبهة السورية تجاوزت التعبئات الجهادية السابقة من أجل العراق والشيشان والبوسنة، بل تجاوزت حتى التعبئة الأولى للجهاد في أفغانستان ضد السوفيات. وغداة إطلاق الجيش الفرنسي في يناير 2013 لعملية »»سيرفال»« لضرب معاقل الجهاديين في شمال مالي، أبدى بعض الخبراء قلقهم من أن تتحول هذه الحرب، القريبة من المملكة، لنقطة جذب مفضلة لدى المغاربة، إلا أن الملاحظ هو أن منطقة الشام وليس الأزواد ،شمال مالي، هي التي جذبت الأغلبية الساحقة من المتحمسين الجهاديين المغاربة. مؤسسو «الجهاد المغربي » في سوريا الجهاديون المغاربة الأوائل في سوريا كانوا على الأرجح أعضاء في تنظيم »الدولة الاسلامية في العراق«، الذين وصلت أفواجهم الأولى إلى سوريا في دجنبر 2011 ، وكانوا يقاتلون حتى شهر أبريل 2013 تحت راية تنظيم »جبهة النصرة«، لكن ليس هناك أي مؤشر يسمح بتأكيد تواجد مغاربة جاؤوا من العراق ولا عدد قتلاهم في المعارك حتى صيف 2012، الفترة التي بدأ خلالها المتطوعون القادمون من المغرب يصلون بكثافة إلى سوريا. وحسب المعلومات المتوفرة، فإن أول »عملية انتحارية« تبناها صراحة تيار جهادي، ونفذها مغربي «أبو مصعب الشمالي من »جبهة النصرة««، نفذت في غشت 2012 ضد مبنى لضباط الجيش النظامي في بلدة نيراب، بين مدينتي حلب وإدلب، ستة أشهر بعد ذلك، في مارس 2013، قاد أبو أيمن من مدينة الدار البيضاء، ودائما باسم »جبهة النصرة«، هجوماً ضد حاجز عسكري في شركس بالقصير في منطقة حمص، وإلى جانب منفذي هذه العمليات الانتحارية، تم بث شريط فيديو خصص لنعي أبو الحجار المغربي ،ياسين بوحرفة ، وهو معتقل إسلامي سابق، وربما واحد من أوائل القياديين المغاربة في »جبهة النصرة«، قتل يوم 26 يناير 2013 في جبهة يعقوبية شمال جسر الشغور في محافظة إدلب. أبو حمزة المغربي «محمد العلمي السليماني»، المعروف أكثر في الأوساط الجهادية المغربية والدولية، والمعتقل السابق في غوانتنامو، قتل يوم 6 غشت 2013 خلال معركة قرية بارودة على الساحل السوري، سيصبح أول «شهيد» تنعيه وتتبناه »حركة» شام الاسلام« «التنظيم الجهادي المغربي. إعلان قيام تنظيم »حركة شام الاسلام«، في منتصف 2013، وهو لاحق لتاريخ وفاة أبو حمزة المغربي، يترجم رغبة أميره أبو أحمد المهاجر «ابراهيم بنشقرون»، في تأسيس مجموعة مستقلة تعمل في المقام الأول على استقبال وتأطير متطوعين مغاربة، لها ذراع إعلامي باسم »العقاب«، بثت من خلاله »حركة شام الاسلام« في شتنبر 2013 شريطاً لمراسيم دفن أبو حمزة المغربي، تضمن كلمة تأبين ألقاها أبو أحمد المهاجر، وكان ذلك أول ظهور مصور له منذ إعلان تأسيس المجموعة المغربية (حركة شام الاسلام). أبو أحمد المهاجر (ابراهيم بنشقرون) من مواليد غشت 1979 من أب ينحدر من فاس وأم تنتمي إلى قبيلة موريتانية شنقيطية، ترعرع في الدار البيضاء، وبعد سن المراهقة، تقرب من التيار السلفي المعتدل، ثم تشبع في النهاية بالإيديولوجيا الجهادية. بعد تلقيه تكويناً دينياً في موريتانيا، دخل الجامعة بالدار البيضاء وانخرط في الأوساط الجهادية التي كانت تتوفر في نهاية سنوات 1990 على عدد من المساجد، في نهاية صيف 2000، قرر مغادرة المغرب ليستقر في أفغانستان على نهج العديد من الجهاديين العرب الذين كانت مراجعهم الدينية تدعوهم للهجرة نحو البلد الوحيد الذي كان يمثل »أرض الاسلام« تحت حكم طالبان. غادر أفغانستان عقب الهجوم الامريكي في أكتوبر 2001، عقب هجمات 11 شتنبر، ثم لجأ الى باكستان حيث اعتقل وسلم للامريكيين في يناير 2002. مابين 2002 و 2004 ، سجن على التوالي في معتقل باغرام وقندهار في أفغانستان ثم نقل الى غوانتنامو وسلم الى المغرب، حيث قضى بضعة أشهر في السجن. بعد إفراج السلطات المغربية عنه سنة 2005، تحدث ابراهيم بنشقرون عن ظروف اعتقاله في عدة استجوابات باللغة الفرنسية، وأجرى بعض الاستجوابات لبعض الصحفيين الفرنسيين وخاصة جان بيير توركوا نشرتها لوموند في ماي 2005. بعد أشهر من مغادرته السجن. اعتقل مجددا في نونبر 2005 بتهمة تخطيطه لتكوين مجموعة جهادية مسلحة في المغرب، أفرج عنه سنة 2011، بعدما ظلت أنشطته السياسية سرية باستثناء بعض مشاركاته في المظاهرات المنظمة من طرف اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الاسلاميين. وخلال إحدى وقفات هذه اللجنة بالدار البيضاء، تناول ابراهيم بنشقرون الكلمة وألقى خطبة لدعم المعتقلين الاسلاميين. الناطق الرسمي باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الاسلاميين عبد الرحيم الغزالي اكد تواجده الدائم خلال المظاهرات، لكنه اوضح أن ابراهيم بنشقرون كان فعلا متعاطفا مع اللجنة لكنه لم يكن بأي شكل من الاشكال عضوا نشيطا داخلها، بينما أنس الحلوي وهو عضو آخر في »حركة «شام الاسلام»« قتل على جبهة اللاذقية يوم 4 ابريل، يومين بعد مقتل ابراهيم بنشقرون، كان هو الناطق السابق باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الاسلاميين وقدم استقالته من هذه المهمة قبل أسبوعين من رحيله للجهاد في الشام. مثل العديد من المقاتلين الاجانب، استقرت المجموعة الجهادية المغربية في محافظة اللاذقية على الساحل السوري، وهي منطقة تتميز بكونها الوحيدة التي تتشكل أغلبية سكانها من الطائفة العلوية. هذه الخاصية الديمغرافية التي تعزز أكثر التقاطب الطائفي مع الاقلية السنية التي تمثل الاغلبية الساحقة في باقي المناطق السورية. ربما تترك لهذه المجموعات الجهادية إمكانية التواجد بشكل أسهل. ويوم 29 مارس 2014 وفي سياق هجوم واسع ضد مواقع النظام في شمال محافظة اللاذقية، نشر تنظيم »حركة شام الاسلام« تقريرا يشرح تفاصيل »مشروع علوي« في سوريا، يعود الى جد حافظ الاسد سليمان الاسد الذي وقع سنة 1936 رفقة العديد من الأعيان العلويين، على نداء موجه الى ليون بلوم. والذي يواصل بشار الأسد استمراريته. والى جانب طابعه الطائفي، يركز تقرير حركة شامل الاسلام ايضا على الأهمية الاستراتيجية للساحل السوري ، سواء بالنسبة للنظام أو بالنسبة لحلفاء الروس والايرانيين، وبدرجة أخرى بالنسبة للغربيين. في ما يخص تمويل تنظيم »حركة شام الاسلام« لا تتوفر أية معلومات محققة إلا أن عدة مصادر مقربة من الدولة الإسلامية في العراق والشام تحدثت عن مبادرات سلفية كويتية بهدف إقناع المجموعة المغربية بالولاء لجبهة النصرة مقابل مبالغ مالية. والى جانب فرضية تمويل كويتي، فإن تواتر العلاقات بين ابراهيم بنشقرون والشيخ عبد الله المحيسني (المنتمي للتيار الجهادي ولكنه قريب من عدة شخصيات دينية مرتبطة بالنظام السعودي، يمكن أن يوحي بوجود مسالك أخرى للتمويل. وكأمير لتنظيم »حركة شام الاسلام،« حرص بنشقرون على إقامة علاقات جيدة مع الكتائب السورية في الجيش السوري الحر: وهكذا وقع باسم جماعته بيانا يدين تكفير جزء من المجموعات المعارضة من طرف الجهاديين في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وعندما اندلعت المواجهات بين الجيش السوري الحر ثم الجبهة الإسلامية وبين الجهاديين في يناير 2014، أعلن المسؤول الديني في حركة شام الاسلام، وهو من جنسية سعودية، أعلن حياد الحركة. وربما بسبب هذه المواقف السياسية الفقهية، المعتدلة نسبيا، تم قبول المجموعة الجهادية المغربية من طرف المتمردين المحليين. وباستثناء جبهة شمال محافظة اللاذقية، شارك مقاتلو »حركة شام الاسلام« في السيطرة على مستشفى الكندي شمال حلب ومعركة السجن المركزي لحلب التي لم يتمكن المسلحون السوريون من السيطرة عليها. أخيرا، وانطلاقا من 21 مارس 2014، شارك الجهاديون المغاربة في »حركة شام الاسلام« في الهجوم الذي أطلق عليه اسم »»الانفال».« وخلال هذا الهجوم الذي جرى شمال محافظة اللاذقية. والذي شارك فيه تنظيم »حركة شام الاسلام« الى جانب تنظيم »الجبهة الاسلامية« وتنظيم »جبهة النصرة،« لقي ابراهيم بنشقرون مصرعه يوم 2 ابريل 2014 وعمره 35 سنة، وحسب بعض المراقبين فإن خليفته على رأس التنظيم قد يكون هو محمد مزوز رفيقه في الاعتقال في غوانتنامو، الذي أدانته بعد ذلك العدالة المغربية في نفس الملف الذي أدين خلاله بنشقرون في نهاية 2005 غير أن تنظيم »حركة شام الاسلام« لم يصدر حتى الآن أي بيان يعلن فيه اسم أميره الجديد. رغم أن التنظيم لم يوقف نشر البيانات حول نشاطاته العسكرية، وهو ما يحمل على الاعتقاد أن التنظيم سيستمر في الوجود حتى بعد وفاة مؤسسه. وإذا كان قيام حركة شام الاسلام أدى في المغرب الى تسريع دينامية تسريع تعبئة المتطوعين للجهاد في سوريا. فإن وجود مجموعة جهادية مغربية وضع الشخصيات الدينية التي تساند المعارضة السورية في المملكة المغربية في موقف حرج وصعب. شام الاسلام أو تغير تصور الجهاد في سوريا على الساحة الجهادية المغربية هناك عدة أسباب تفسر تشكيل جماعية مغربية خالصة في سوريا. فالى جانب الرغبة في تفادي الاختراقات من خلال تجميع مقاتلين ينحدرون من نفس البلد، ومن نفس المنطقة بل حتى من نفس الحي يسهل تتبع مساراتهم. وتشكيل مجموعة مغربية تطرح بطبيعة الحال امكانية تصور تنفيذ عمليات جهادية في المغرب في ما بعد، وهذا الاحتمال لم يغب عن تفكير المخابرات والاجهزة الامنية المغربية، ولا عن تفكير بعض الفقهاء: وبعض هؤلاء لم ينتظروا قيام حركة شام الاسلام لإدانة سفر المغاربة للجهاد في سوريا. وهكذا، أعلن الشيخ محمد الفيزازي أحد المراجع الدينية السابقة للتيار الجهادي، والذي ابتعد عنه خلال سجنه تم انفصل عنه نهائيا بعد الافراج عنه بعفو ملكي في أبريل 2011 أعلن منذ شهر يونيه. 2013 أنه ضد ذهاب المقاتلين المغاربة الى سوريا، غير أن تبريرات الفيزازي لإدانة ذهاب المغاربة للجهاد في سوريا تنهل من المرجعية لوطنية أكثر منها من المرجعية الدينية: »أعتقد أنه من غير المقبول أن يتسولوا أمام مساجدنا بينما يذهب مغاربة ليقتلوا عبثا في سوريا!« هذا الخطاب لا يمكن بالتأكيد أن يقنع الشباب المتحمسين للجهاد، والذين لم يعد لمحمد الفيزازي أي تأثير عليهم منذ أن أعلن القطيعة مع مرتكزاتهم الإيديولوجية الاساسية، غير أن شخصيات دينية أخرى، ظلت على نهج أكثر صرامة من نهج الفيزازي. أعلنت بدورها معارضتها لذهاب المغاربة للجهاد في سوريا. الشيخ عمر الحدوشي المعتقل رفقة الفيزازي بسبب خطبه الدينية التي حرضت انتحاريي 16 ماي 2003 الذي استفاد بدوره من عفو ملكي سمح له باستعادة حريته في فبراير 2012 ، إلا أنه وخلافا للفيزازي. أعلن الحدوشي منذ خروجه من السجن أن قناعاته الجهادية وقناعات أتباعه لم تتغير، وقال في أحد تصريحاته »دخلنا السجن ونحن أسود، وبقينا داخلها ونحن أسود، ونخرج منها ونحن أسود«. بينما عبر كل من الشيخ أبو حفص (عبد الوهاب رفيقي) وحسن الكتاني وهما من شيوخ السلفية الجهادية المفرج عنهما رفقة الحدوشي عن ابتعادهما عن التيار الجهادي باندماجهم، الاول في حزب النهضة والفضيلة أو الاقتراب منه بالنسبة للكتاني، استمر الحدوشي بالظهور كمرجع للتيار الجهادي، وهكذا أبدى عدة مرات تأييده للجهاد في سوريا وإدانة وضع »جبهة النصرة« ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية في دجنبر 2012 . ومع مرور الاشهر، بدأ حجم تعبئة الجهاديين المغاربة وخاصة ظهور حركة شام الاسلام خلال صيف 2013 يثير نقاشات مختلفة بالمغرب. وقرر الحدوشي الذي قدمته وسائل الإعلام كمحرض مسؤول عن رحيل العديد من المغاربة الى سوريا، قرر وضع نهاية للجدل بانتقاده علانية ولأول مرة سفر المقاتلين المغاربة والتونسيين للجهاد في سوريا، من خلال فتوى التمييز في وجوبه بالنسبة لكل مسلم- اذا كان الجهاد هجوميا، فإنه فقط فرض كفاية. وإذا كان دفاعيا فإنه فرض عين بالنسبة لكل فرد. ولكن إذا كنت ستجمع المال وتسافر الى الخارج، فإن ذلك يعتبر جهادا هجوميا، أي أنه ليس واجبا رغم أنه هناك في سوريا هو جهاد دفاعي أي واجب على جميع سكان ذلك البلد. ومن هذا المنظور يكون الجهاد في الشام أولا قضية تهم السوريين وكذلك سكان الدول المجاورة، بينما بالنسبة للمغاربة أو التونسيين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية رعاية أسرة، لا يجب عليهم الذهاب الى هناك حفاظا على توازن أسرهم وعائلاتهم. بالنسبة للعديد من المتتبعين، موقف الحدوشي هذا يشكل بداية سلسلة من المراجعات الفكرية والايديولوجية على الطريقة المصرية وإلى جانب الضغط الإعلامي، وربما ضغط بعض المصالح، فإن تحول الحدوشي حول الملف السوري هو بالتأكيد نتيجة الانحسار الذي يشهده ملف الافراج عن المعتقلين الاسلاميين منذ عدة أشهر، والذين ترفض السلطات المغربية الإفراج عنهم مخافة التحاقهم بالجهاد في سوريا. وحسب هذه الفرضية فإن الحدوشي يريد بذلك إعطاء ضمانات بخصوص إعادة اندماج المعتقلين الاسلاميين في المجتمع بعد الإفراج عنهم. وباستثناء هؤلاء الجهاديين الذين مازالوا معتقلين، بدأ يظهر جيل جديد من النشطاء الاسلاميين وهم غالباً أكثر تطرفاً من سابقيهم، وهم منفلتون تماماً من سلطة الزعماء التقليديين للسلفية الجهادية في المغرب، ويشكلون اليوم أغلبية المغاربة الذين تجندهم »الدولة الاسلامية في العراق والشام«. عبد العزيز المهدالي المزداد سنة 1986 بالفنيدق قرب تطوان، والمعروف باسم أبو أسامة المغربي، هو أحد أوائل المغاربة الذين التحقوا بالجبهة السورية. وصل هناك في أبريل 2012، انخرط في »جبهة النصرة« التي شكلت الغطاء لمقاتلي »الدولة الاسلامية في العراق«، والتي كانت تخطط لتوسيع نفوذها في الشام. أصبح قائداً لكتيبة صغيرة تابعة لجبهة النصرة، تميز أبو أسامة بمشاركته في السيطرة على القاعدة 111 في محافظة حلب في دجنبر 2012. بضعة أشهر بعد ذلك، كشف أبو بكر البغدادي أمير »الدولة الاسلامية في العراق« يوم 9 أبريل 2013 للعالم، الدور المؤسس لتنظيمه في تشكيل جبهة النصرة، وأعلن أن التنظيمين الجهاديين أصبحا يحملان نفس الاسم: الدولة الاسلامية في العراق والشام. أبو محمد الجولاني، القيادي السابق في تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، والذي أرسله البغدادي إلى سوريا، أعلن أنه يرفض اندماج التنظيمين وأنه سيحافظ على اسمه »جبهة النصرة«، وبالتالي وضع نفسه تحت قيادة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي كان لقادة الدولة الاسلامية في العراق خلافات جوهرية معه منذ سنوات. ومثل أغلبية المقاتلين الأجانب وقياداتهم، بايع أبو أسامة المغربي أبو بكر البغدادي ورفض مجاراة الجولاني، فيما كان يبدو لهم بمثابة خضوع لحدود سايكس بيكو. وواصل أبو أسامة المغربي صعوده في قيادة الدولة الاسلامية في العراق والشام، وأصبح أحد أهم مساعدي القائد عمر الشيشاني، ثم لعب دوراً مهماً في سيطرة الدولة الاسلامية في العراق والشام على مطار مناغ العسكري شمال غرب حلب في غشت 2013. وفي بداية 2014، دخلت الدولة الاسلامية في العراق والشام في حرب ضد مقاتلي الجيش السوري الحر والجبهة الاسلامية، ثم انطلاقاً من شهر مارس ضد جبهة النصرة. المعارك بين التنظيمين بدأت في منطقة دير الزور ثم في الحسكة وأخيراً في محافظة حلب، حيث كان أبو أسامة المغربي يشغل مسؤولية القيادة. وتحت قيادته، تمكنت »داعش« (الدولة الاسلامية في العراق والشام) من السيطرة على خمسة بلدات شمال حلب على طريق عزاز، وهو ما دفع قادة جبهة النصرة إلى أن يقرروا تصفيته. اغتيل أبو أسامة المغربي يوم 15 مارس 2014 في كمين على طريق الباب، تصفية هللت لها جبهة النصرة معلنة أنها نجحت في »تصفية قائد داعش« في حلب، وهكذا أصبح أبو أسامة المغربي أشهر مقاتلي »داعش« المغاربة. وبسرعة راج شريط فيديو ينوه بالانجازات العسكرية لأبي أسامة المغربي، يتحدث في الشريط العديد من أعضاء الدولة الاسلامية في العراق والشام من ضمنهم بلجيكي يتحدث بالفرنسية، ربما من أصول مغربية ويتحدث بها كذلك القائد عمر الشيشاني عن دور أبو أسامة المغربي خلال السيطرة على مطار مناغ، موضحا أنه خلال هذه المعركة أنقذ أبو أسامة المغربي حياة القائد المحلي لجبهة النصرة، الذي سيأمر في ما بعد باغتياله. هذا التأكيد الأخير الذي يصعب التحقق منه، يندرج في سياق الرواية التي تروج لها »داعش« المتمثلة في شيطنة خصومها وتصويرهم كعملاء ورجل «»صحوات سورية»« تعمل على النمط العراقي للميلشيات المناهضة للجهاديين والتي شكلتها ودربتها القوات الأمريكية ابتداء من 2007. وحسب المتحدث، فإن هذه الصحوات السورية« تستغل النزوعات العنصرية الخبيثة للسوريين« باغتيال المقاتلين الأجانب الذين هبوا لنجدتهم. « وإلى جانب مقتل أبو أسامة المغربي القيادي المتوسط في داعش، شكل اغتيال العراقي حاجي بكر الذي يعتبر أبرز مسؤول قيادي متواجد في سوريا، شكل ضربة حقيقية وقوية للتنظيم وهو ما يفسر عنف رده الذي لا يستثني أحدا حتى القاعدة التي تشكل جبهة النصرة اليوم فرعها السوري. وفي الوقت الذي بدأت المعارك بين »داعش« والفرع السوري لتنظيم القاعدة تتسع شيئا فشيئا على طول التراب السوري، بدأت تقاطبات عميقة سياسية وعقائدية وبين الأجيال تظهر بين الفصيلين الجهاديين، داخل القاعدة. التجربة الجهادية المرجعية تبقى هي تجربة الجهاد الأفغاني ضد السوفيات في سنوات 1980، بينما بالنسبة لأنصار »داعش« يبقى الجهاد في العراق ضد الأمريكيين بداية من 2003 هو المثال الجهادي المرجعي الحديث، بعبارة أخرى فالأمر يتعلق ب »جيل بن لادن« ضد »جيل الزرقاوي« مؤسس الدولة الاسلامية في العراق المعلنة سنة 2006 بضعة أشهر بعد وفاته. هذا الجيل يبقى أكثر عنفا وأكثر تطرفا لكنه أكثر فعالية ونجاعة في مجال التواصل، وبالتالي أكثر جاذبية. في النهاية بالنسبة لهذا الجيل الجهادي الجديد، القيمة المضافة لتنظيم »داعش« تكمن في قدرته على إقامة هيمنة سياسية على الأراضي تسيطر عليها باقامة مؤسساتها وخاصة محاكمها وشرطتها الدينية، بينما تبقى القاعدة حتى اليوم على خط الجهاد الشامل عبر العالم، وأخيرا هناك أيضا عدة خلافات مذهبية وفكرية بين قادة الدولة الاسلامية في العراق والشام وأيمن الظواهري، لاسيما حول الوضع الديني للفئات الشعبية الشيعية وأيضا حول وضع العسكريين ورجال مخابرات الأنظمة العربية الذين يرفض الظواهري تكفيرهم جملة وتفصيلا. جزء من هذه الخلافات الفكرية والفقهية تم عرضها لأول مرة في بيان للدولة الاسلامية في العراق والشام، صدر يوم 17 أبريل 2014 أعلن فيه أبو محمد العدناني الناطق باسم الدولة الاسلامية، أن قيادة القاعدة انحرفت عن طريق الجهاد. وإلى جانب مشكل عدم تكفير الشعية، ذكر العدناني أيضا مهادنة الظواهري تجاه الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي الذي وصفه زعيم القاعدة »بأمل الأمة«، وفي النهاية سيؤثر هذا الصراع بين الدولة الاسلامية والقاعدة على مجموع الجماعات الجهادية المسلحة وأيضا على مجموع المتعاطفين مع التيار الجهادي في العالم، ومن ضمنهم المغرب. تنامي قوة الدولة الاسلامية وآثارها على زعامة التيار الجهادي في المغرب. عندما اندلعت الحرب بين الدولة الاسلامية في العراق والشام والجيش السوري الحر والجبهة الاسلامية في يناير 2014 ،لم تنخرط جبهة النصرة بعد بشكل مباشر في هذه المعارك وهو ما لم يثر جدلا وقتها داخل الأوساط الجهادية المغربية ولو أن موقف مجموعة »حركة شام الاسلام« التي اختارت التزام الحياد، فاجأ أكثر المتشددين منهم. وفي هذا السياق عمر الحدوشي الذي تضاءلت سلطته بعد ندائه بعدم الذهاب إلى سوريا سيدعم في البداية الدولة الاسلامية في العراق والشام بهدف استعادة بعض المصداقية التي فقدها لدى أنصاره، حيث ندد في حسابه على تويتر ب»فتاوى شيوخ البترول« التي تدعو المتمردين السوريين إلى قتال الجهاديين .وحرصا منه على الظهور بمظهر الحكم الذي يضع نفسه فوق الصراعات بين الجماعات المتناحرة، سيختار الحدوشي البقاء في الحياد في بداية المعارك بين الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، واقتصر موقفه على الأسف لهذه المعارك بين الاخوة مع التنديد بتواجد بعض المتطرفين داخل الدولة الاسلامية الذين يصلون، حسب رأيه، إلى حد تكفير الظواهري. غير أن الحدوشي لم يغامر بعد إلى حد انتقاد كبار قادة الدولة الاسلامية علانية، مبدياً نوعاً من التريث والانتظار حريصاً على عدم إغضاب أي من الطرفين. الحدوشي يعرف جيداً الشعبية التي تحظى بها الدولة الاسلامية لدى الجهاديين الأكثر تطرفاً، وبالتالي فهو يحرص على عدم فقد جزء مهم من الأتباع الذين يريد الاستمرار كقائد ديني لهم على الأقل في المغرب. وعلى عكس الحدوشي الذي لم يبتعد علانية عن الجهاديين الأكثر تطرفاً، فإن حسن الكتاني الذي تأثرت مصداقيته كثيراً بعد إعلان دعمه لحزب النهضة والفضيلة، يتحمل موقفه الرافض كلياً للدولة الاسلامية في العراق والشام التي يشبهها بالجماعة الاسلامية المقاتلة الجزائرية. أما أم آدم المجاطي التي تعارض صراحة التطور السياسي في مواقف حسن الكتاني وأبو حفص، وتنتقد بشدة كذلك »الموقف الغامض« للحدوشي بخصوص الجهاد في سوريا، فإنها اختارت صراحة وبوضوح مساندة الدولة الاسلامية في العراق والشام. وأم آدم المجاطي هي أرملة الجهادي المغربي، الفرنسي كريم المجاطي أحد الأطر البارزة في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. قتل في أبريل 2005 رفقة ابنه الأصغر آدم (11 سنة) خلال مواجهات مع قوات الأمن الخاصة السعودية في الرأس في منطقة القصيم شمال الرياض، اعتقلتها قوات الأمن السعودية ورحتلها إلى المغرب، حيث سجنت رفقة ابنها الأكبر إلياس في معتقل تمارة قرب الرباط. وبالتالي فهي تتوفر، حسب المتتبعين، على شرعية قوية في الأوساط الجهادية الدولية، إضافة إلى معرفتها الدينية، وبالأخص فصاحتها العربية، مما يسمح لها باكتساح الساحة السياسية. تتكلم في المجال العمومي خلال المظاهرات المساندة للمعتقلين الاسلاميين، وتعبر أيضاً عن مواقفها عبر الأنترنيت، بل وتوجه كلامها إلى أعلى السلطات في المغرب، وهذه الجرأة في الكلام لديها، تزعج قدماء شيوخ السلفية الجهادية المغربية الحريصين على إقامة علاقات هادئة مع السلطات، بمن فيهم الحدوشي الذي تدهورت علاقاته مع أم آدم تدريجياً إلى أن وصلت نقطة اللاعودة في شتنبر 2013. الحدوشي اتهم أم آدم بالهجوم عليه في مواقع التواصل والمنتديات العنكبوتية باستعمال اسم مستعار »الأسير الحر«. رد عليها الحدوشي منتقداً بكونها تحب الظهور في وسائل الاعلام والتطلع إلى اكتساب لقب أمير، وهي المسؤولية الممنوعة مبدئياً على النساء حسب أحد الأحاديث النبوية. أم آدم نفت استعمال اسم »الأسير الحر«، واعتبرت أن تصريحات الحدوشي تسيء لها، وتحدته من خلال دعوته إلى »مباهلة« بينهما. الحدوشي تجاهل دعوة أم آدم، لكن زعامته وسلطته تضررت أكثر خاصة وأن هجماته عبر الأنترنيت لم تنجح في إسكات من ستكون الشخصية الأولى في التيار الجهادي بالمغرب التي ستبايع الدولة الاسلامية في العراق والشام. يوم 29 يناير 2014، نشرت أم آدم نصاً بعنوان »بيعة العسرة،« محيلة بذلك على النصوص الكلاسيكية للبيعة التي تدعو إلى اتباع الأمير في العسر، كما في اليسر، وهي تريد أن تؤكد بأن اختيارها لمبايعة الدولة الاسلامية في العراق والشام يأتي في وقت حرج، حيث تجد الدولة الاسلامية نفسها معزولة في حرب ضد أغلب الفصائل المتمردة المدعومة من النظام السعودي ومن المغرب. بعد شهر تقريباً، أعلنت أم آدم عبر تويتر أن ابنها إلياس المجاطي وصل إلى سوريا، حيث التحق بصفوف الدولة الاسلامية. الصحافة المغربية نقلت هذه التصريحات وكشفت عن مبايعة العديد من السجناء الاسلاميين للدولة الاسلامية من داخل السجون. غير أن أم آدم ذكرت في استجواب بعد ذلك أنها لم تسمع عن هذه المبايعات، بينما نفى الناطق الرسمي باسم لجنة الدفاع عن السجناء الاسلاميين عبد الرحيم الغزالي بشكل قاطع هذه الأخيرة، مؤكداً أنه على اتصال دائم بعائلات السجناء الاسلاميين. غير أن هذه المبايعات تبقى واردة، لأنها تتطابق مع دينامية لوحظت في سجن رومية قرب بيروت أو المركز السجني الحائر جنوبالرياض، حيث أعلن عدد من السجناء من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ولاءهم لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام. هذا التنامي القوي لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام يمكن قيامه كذلك على مستوى الحقل الديني الجهادي، الذي وقع العديد من شخصياته البارزة بيانا لدعم التنظيم الجهادي في فبراير 2014، وأبرز الموقعين المعروفين على هذا البيان نذكر الشيخ البحريني أبو سفيان السولامي الذي التحق في ما بعد بالدولة الاسلامية في سوريا. وأبو منذر الشنقيطي الرجل الثاني في اللجنة القانونية للبوابة الجهادية «»توحيد»«، والذي تتلمذ على يد أبو محمد المقدسي، اليمني مأمون حاتم المسؤول الديني لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الأردني عمر زيدان المعروف بانتقاداته القوية لأيمن الظواهري وأخيرا أبو سعيد العاملي أحد أهم المساهمين في المنتدى الجهادي »»شموخ الاسلام»«. وصرح أبو سعد العاملي مؤخرا على حسابه في تويتر مؤخرا «إننا نعيش حاليا مسلسلا لانتقلال قيادة الجهاد الشامل من القاعدة إلى الدولة الاسلامية في العراق والشام». ومن بين الموقعين على بيان دعم الدولة الاسلامية في العراق والشام، نجد أيضا الشيخ المغربي عبد الرزاق أجاها الذي لا يعرفه الجمهور بشكل كبير.. برز على شبكة الانترنيت بفضل بث فيديوهات منسوبة له على اليوتوب، كما أنه يتحدث باستمرار خلال تظاهرات لجنة الدفاع عن المعتقلين الاسلاميين وهو ما أتاح له منبرا في الفضاء العمومي. عبد الرزاق أجاها الممنوع من الخطابة في المساجد منذ أزيد من 10 سنوات بسبب خطبه الداعمة لبن لادن وطالبان، اعتقل وسجن عقب أحداث 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، لكنه لم يكن من شيوخ الصف الأول فأفرج عنه بعد ثلاث سنوات. مساندته للدولة الاسلامية في العراق والشام قديمة وتعود إلى ما قبل اتساعها إلى الشام . عبد الرزاق أجاها ينشط منذ عدة سنوات للإفراج عن الجهاديين المغاربة المعتقلين في العراق، حيث كانوا يقاتلون إلى جانب الفرع المحلي للقاعدة ثم بعد ذلك في صفوف الدولة الاسلامية في العراق. وخلال مظاهرة بتطوان لمساندة المعتقلين المغاربة في العراق في يونيو 2013، اتهم عبد الرزاق اجاها حكومة بنكيران بعدم اهتمامها بمصير هؤلاء السجناء، وبأنها مهادنة للنظام الشيعي الايراني حليف حكومة المالكي وممارساتها التمييزية ضد السنة في العراق. وبعد أن ندد بالدور الإيراني في العراق، واصل عبد الرزاق خطابه بالتذكير بالتدخل الايراني في سوريا، حيث يدعم حزب الله والميلشيات الشيعية العراقية المدعومة من طهران، النظام العلوي لبشار الأسد ضد المعارضين السنة. وحسب هذه القراءة المناهضة للشيعة، يعتبر عبد الرزاق أجاها أن الجهاد العراقي والسوري لا ينفصلان وهو ما يفسر تأييده للدولة الاسلامية في العراق والشام قبل أن يدخل هذا التنظيم في صراعات مفتوحة مع باقي فصائل المعارضة الأخرى. عبد الرزاق أجاها جدد مساندته كذلك بمناسبة الاعلان في أبريل 2013 عن توسع الدولة الاسلامية في العراق إلى منطقة الشام ،وتحول إسمها إلى الدولة الاسلامية في العراق والشام، بينما عبرت شخصيات دينية عديدة عن تحفظاتها بل معارضتها الصريحة لهذه الدولة. وأعلن أجاها على حسابه في الفيسبوك والذي تم حجبه، أن قيام الدولة الاسلامية في العراق والشام سيسمح بكشف المنافقين في صفوف الأمة، وعندما بدأت الحرب بين الدولة الاسلامية وفصائل الجيش السوري الحر والجبهة الاسلامية، أدان اثنان من أبرز منظري التيار الجهادي، أبو محمد المقدسي وأبو قتادة من داخل سجونهما في الأردن، أدانا السياسة الاستبدادية والمتشددة التي تنهجها الدولة الاسلامية في العراق والشام. وأمام هذه الادانات، نشر عبد الرزاق أجاها يوم 20 يناير نصا يدعم فيه مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام والذي عبر فيه عن اختلافه مع المقدسي وأبو قتادة بكثير من الحذر وربما خوفا من العزلة. وأخيرا وبعد دعم العديد من الشخصيات الدينية للدولة الاسلامية في العراق والشام، شعر عبد الرزاق أجاها بالاطمئنان ووقع داعيا جميع المسلمين إلى دعم الدولة الاسلامية في العراق والشام وجميع المقاتلين المتواجدين في سوريا إلى مبايعتها. وفي 15 أبريل 2014 صرح عبد الرزاق أجاها في حوار صحفي بالهاتف قائلا: صحيح أن دعمي للدولة الاسلامية في العراق والشام تزايد تدريجيا، فقط لأن الأمور أصبحت واضحة أكثر فأكثر بعدما ظهر تدريجيا أن الأنظمة الفاسدة في دول الخليج والغرب تدعم كلها الحرب ضد الدولة الاسلامية في العراق والشام... لكن إذا كنت أساند الدولة الاسلامية في العراق والشام ودعوت بالفعل المقاتلين في سوريا إلى مبايعتها، فإنني لا أشجع بذلك أعضاء القاعدة خارج سوريا إلى الانشقاق«. وهكذا، وخلافا لعمر زيدان أو أبو سعد العاملي، يمتنع عبد الرزاق أجاها عن انتقاد زعماء القاعدة بشكل مباشر ربما على أمل حصول مصالحة محتملة بين ما أصبح يعرف اليوم باتجاهين داخل التيار الجهادي. فبعد أزيد من 20 سنة بعد حرب الخليج الثانية (1990 - 1991) التي أدت إلى تصدع السلفية إلى تيارين، الأول جهادي معارض لتواجد القوات الامريكية في العربية السعودية، والثاني سلفي معتدل مساند للحكومة السعودية، يبدو أن الحرب في سوريا قد تؤدي إلى انقسام حقيقي داخل تيار الجهاد الشامل. وإذا كان الشرخ بين السلفيين المعتدلين والسلفيين الجهاديين في البداية خلافا سياسيا، فإن هذا الصراع تحول تدريجيا إلى خلاف حول تعريف الايمان. السلفيون المعتدلون يتهمون خصومهم الجهاديين بكونهم أصبحوا خوارج جدد يكفرون دون تردد، بينما يؤاخذ الجهاديون خصومهم بكونهم أصبحوا »مرجئة« جدد، وبالتالي يمكن اعتبار أن النقاشات المقبلة بين الجهاديين الاحتوائيين في القاعدة والجهاديين الاقصائيين في الدولة الاسلامية في العراق والشام، أنصار القطيعة الجذرية مع الاخوان المسلمين والحرب الشاملة ضد الشيعة، ستكون فقهية أكثر فأكثر كنتيجة سياسية نهائية وحتمية. رومان كايي