منذ أكثر من ست سنوات ، وجريدة الاتحاد الاشتراكي تنشر غسيل ما يعرفه سوق الجملة لبيع الخضر والفواكه بمكناس ، من نهب لجل مداخيله وعائداته ، بسبب فساد بعض القائمين عليه ، وتواطؤ منتخبين ، حماة الفساد الأوائل بالمدينة .. ومنذ سنوات أيضا ، ولجان التفتيش تحل بهذا السوق ، وتقضي به أياما وأسابيع .. وتتحرك النيابة العامة ، ويتم استدعاء بعض من تشير إليهم أصابع الاتهام .. وتعقد جلسات التحقيق لتعلن التأجيل بعد التأجيل .. دون أن يعرف الرأي العام نهاية لمسلسل هذه المتابعات .. التي تم إصدار الأمر في بعضها باعتقال جزء من المتهمين الرئيسيين لسويعات ، قبل أن يفرج عنهم بكفالة .. رغم ثقل التهم الموجهة إليهم ؟ وليعودوا توا ، لممارسة ما جبلوا عليه من فساد ومن نهب ومن اختلاس .. دون تطبيق حتى «ادرؤوا الشبهات» لذر الرماد في عيوننا ويطلع علينا تقرير المجلس الأعلى هذه السنة بملاحظات ، حول تنظيم السوق ، كتغييب العمل بقرار وزير الداخلية بتاريخ 22 مايو 1962 حول تنظيم أوقات الاشتغال ، وكيفية تداول السلع ، وكذا ضرورة إلزام الأعوان والمستخدمين ، بحمل شارة تميزهم عن غيرهم من مرتادي السوق .. وقد يبدو لغير العارف بخبايا السوق ، أن عدم التقيد بهذه القضايا التنظيمية، مسألة شكلية .. لكن الحقيقة ، هي أن الشيطان يكمن في مثل هذه التفاصيل الجزئية ، فعدم حمل الشارة، بالنسبة للمستخدمين والأعوان ، هو الذي أتاح لمن يسمونهم ببلطجية الإدارة ، أن يقوموا بدور الوكيل والحارس والمراقب وأن يقوموا بفرض إتاوات بالقوة خارج أي قانون أو ضابط .. وهم أيضا من يساعد على إعفاء السلع من أداء الرسوم، أو أداء ما هو دون المستحق بكثير ؟ .. وفي ظل هذه الفوضى أيضا ، يبرز أشخاص يحملون صفة بائع ، ويقومون بالمهام المنوطة بالوكلاء ، دون توفرهم على أدنى سند قانوني ، اللهم ما يتمتعون به من حماية إدارية داخل السوق ..؟؟ وان عدم احترام أوقات الاشتغال بالسوق ، هو الذي يسمح بعدم التحكم في الأسعار ، ويرهق جيوب المواطنين أكثر مما هي مرهقة أصلا .. ؟؟ بل ويساعد على بيع الخضر والفواكه خارج السوق ، فتحرم الجماعة يوميا من مداخيل مهمة ، جراء هذا التهريب ؟ هذه الفوضى هي الجسر الذي يمر عبره بعض القائمين على السوق ، ومن يحميهم ، من أجل الاستحواذ على مداخيل السوق ، وتحويلها من مال عام ، الى مال خاص منهوب ومختلس .. وذلك باعتماد رقم معاملات ، بناء على تصريحات المشترين لا غير ، مع غياب أية مراقبة صارمة من طرف الوكلاء لعمليات البيع بالمزايدة ، أو بالتراضي داخل السوق ، وهذا ما يترتب عنه التصريح بأثمنة غير حقيقية ، وتحدث بالتالي خسائر مالية كبيرة على مستوى ميزانية الجماعة ..؟ وسلبية الوكلاء هنا مردها الى أحد عاملين : العامل الأول هو ما يتعرض له بعض الوكلاء الذين يحاولون أن يقوموا بواجبهم من مضايقات ، من طرف الإدارة ، ما يحول وإنجازهم لمهام حماية السلع من الاحتكار ، وضبط المداخيل ، والتحكم في الأسعار.. العامل الثاني ، ويتعلق بتواطؤ الوكلاء الذين انتهت مدة استفادتهم من صفة وكيل ، و مازالوا يمارسون ك»وكلاء « بدون صفة ؟ وللحفاظ على هذه الصفة ، فهم ينفذون ما تأمر به الإدارة ، ولا يساعدون على تنظيم السوق وإخراجه من الفوضى .. وفي ظل هذه الفوضى ، وقف المجلس الأعلى للحسابات على ضياع مالية الجماعة في الفترة ما بين 2008 و2012 على قرابة ستمائة مليون سنتيم ؟ وذلك بسبب استمرار «استفادة» مجموعة من الوكلاء من إيرادات السوق ، بالرغم من وفاتهم ؟ .. ولربما هذا هو السبب الذي جعل المصالح الجماعية ، تسهر ضدا على مقتضيات الفصل العاشر من قرار وزير الداخلية على أن يتقاسم الوكلاء مداخيل السوق فيما بينهم بالتساوي .. في حين أن القرار لا يجيز إقامة شراكة بين شخصين أو أكثر من أجل ممارسة مهمة وكيل ؟ وإذا ظهر السبب ، بطل العجب .. لكن عجبا آخر يظل منتصبا ، وهو أن هذه الخروقات وغيرها معروفة ، وتم الحديث عنها في أكثر من مراسلة ، ووجهت فيها الى المسؤولين، رسائل مجهولة ومعلومة .. وتحركت فيها متابعات ولم تنته .. فهل عرفنا السبب ؟ بكل تأكيد عرفناه .. ولا مجال هنا للحديث لا عن العفاريت ولا عن التماسيح .. ولذلك سنبطل العجب و نصرح بأن للفساد بهذه السوق مفسدا يحميه ..