المحكمة الدستورية تُجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني بسبب غيابه دون عذر    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    المحكمة الابتدائية بالرباط تبرئ 27 من طلبة الطب والداخليين من تهم التجمهر والعصيان    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    السفير هلال يقدم استراتيجية المغرب في مكافحة الإرهاب أمام مجلس الأمن    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    ترامب يعتزم نشر جميع الوثائق السرية المتعلقة باغتيال كينيدي    مبارتان وديتان .. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يواجه نظيره لغينيا بيساو يومي 23 و26 يناير الجاري ببيساو    توقيف متورط في شبكة للهجرة السرية بالحسيمة بحوزته 15 مليون    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    مسرح محمد الخامس بالرباط يحتضن قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025    "لوموند": عودة دونالد ترامب تعزز آمال المغرب في حسم نزاع الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: ثورة الياسمين تطيح بنظام بن علي

ثلاثة أسابيع كانت كافية كي يشيد التونسيون بناء تونس الجديد. انطلق ورشهم ذات يوم من دجنبر الماضي بشعلة نار في جسد شاب بسيدي بوزيد. فمن هذه الشرارة التي انتفض صاحبها واسمه محمد البوعزيزي ضد الظلم، اتسع اللهب ليحرق الرئيس بنعلي وعائلته وأصهاره و...
كانت تونس قد وصلت إلى مرحلة من الاختناق السياسي وتآمر عليها الصمت الإقليمي والدولي، حولها «زين العابدين» إلى شبه فراغ في الحريات، جعلت يده طولى في قمع الناس، وخنق تنظيماتهم السياسية والنقابية والمدنية. وانتهج شق المجالات التي تشبث بها المناضلون في المنظمات الحقوقية والصحافية وغيرها. إذ أوفد أتباعه وسلطاته لإحداث انقلابات بها حتى لا تشكل بؤرة ضوء في نظامه المعتم. وهنا نذكر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة الصحافة والاتحاد العام للشغالين واتحاد الطلبة...
جاء بنعلي إلى السلطة بتحايل طبي على الدستور سنة 1987 ، واستدرج القوى السياسية إلى «ميثاق وطني» ليثبت رئاسته. وفي 1989 كان المحك الأول الذي كشف ديكتاتوريته. ففي مارس من تلك السنة تم تنظيم انتخابات تشريعية اشتهرت ب «انتخابات الحناء»، وتفسير ذلك أن الحزب الحاكم «التجمع الدستوري الديمقراطي» أعطي اللون الأحمر في أوراق الاقتراع، والمعارضة ممثلة أساسا في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الورقة الخضراء. وحسب المراقبين، اختار الناخبون أوراق المعارضة الخضراء، لكنهم سيفاجأون في المساء أن هذه الأوراق خرجت حمراء تماما كما الحناء التي يتم وضعها على اليد خضراء ليتحول لونها بعد ساعات إلى اللون الأحمر.
اتخذ بنعلي من «محاربة »الإسلاميين مبررا لتضييق الخناق على الحقل السياسي ووضع ملاعق الذهب في فم الحزب الحاكم وفي أفواه عائلته، وشرع في تلفيق التهم لمعارضيه وقسم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين إلى «حزبين»، وزج بقيادتها الشرعية في السجن، واستصدر قوانين على مقاس أطماعه ليجعل من البرلمان لونا واحدا مع تخصيص بعض المقاعد للمعارضة، أما البلديات فأصبحت ملحقات للحزب الحاكم . وحرم الصحافة، التي تجهر بمعارضته، حرمها من الطبع ومن الإشهار، كما كان الشأن بالنسبة لأسبوعية «الموقف»...
هدف بنعلي إلى نسج مقولة تدعى أنه بالإمكان بناء اقتصاد بدون إطلاق الحريات، وأشهر أرقام النمو السنوية كي يدافع عن هذه المقولة، وتحول هذا الادعاء إلى كذبة فضحتها نسب البطالة المتنامية وهشاشة القطاعات التي ارتبط تطورها أو تراجعها بالمناخ العالمي كالسياحة والاستثمارات الخارجية. وفي 2010 كان المجتمع التونسي يغوص ماتبقى من جسده المعيشي في الأزمة التي تآكلت معها طبقات اجتماعية واستفحلت مظاهرها بشكل جلي.
لم يدع التونسيون السنة تمر حتى شرعوا في التعبير عن مطلب التغيير، التغيير الحقيقي وليس التغيير المصطنع الذي اتخذ منه بنعلي شعارا لنظامه ولحزبه ولوسائل إعلامه و... ومن جسد البوعزيزي انتقل الاحتجاج إلى سيدي بوزيد، ومنها - يوما بعد يوم - إلى بقية مناطق تونس لتتوج بالعاصمة التي خرجت إلى الشارع، ولم تعد إلى بيوتها إلا بعد أن رحل بنعلي خارج البلاد، وكان الشعار المطلب، الشعار المركزي الذي ردده الملايين في ذلك اليوم هو :«تونس حرة حرة. بنعلي برا برا» . وفي المساء وضع التونسيون حدا لمرحلة أعياهم فيها كذب الرئيس ومناوراته وخططه لتمديد فترات تربعه على كرسي الرئاسة.
أجمل مافي «ثورة الياسمين» أن شعب تونس هو الذي أبدعها، أطلق شرارتها ونحت شعاراتها ورسم مسارها، واستعمل في ذلك أرواحه وأصواته، وما أتيح له من وسائل إعلامية وتكنولوجية ... ليترجم بيت شاعره الكبير أبي القاسم الشابي :
«إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلابد أن يستجيب القدر».
هدوء حذر
سجلت عودة للهدوء بشكل نسبي بمعظم المناطق في تونس أول أمس الأحد 16 يناير ، حيث خلت شوارع المدن الرئيسية من مظاهر الاحتجاج التي كانت شهدتها خلال الأيام القليلة الماضية، كما أشار التليفزيون التونسي إلى تراجع عمليات السلب والنهب وقرب سيطرة الجيش على الوضع الأمني بتونس .
إلا أنه أعلن عن قيام مجموعات بنهب وإحراق منازل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في مدينة سوسة وعدد من المناطق، كما قامت أعداد منهم بنهب منازل أفراد من عائلة زوجة الرئيس الذين يحمِّلهم الشعب مسؤولية الفساد وسرقة خيرات البلد .
وجدير بالذكر أن تونس تعرضت لعمليات سلب ونهب للمنازل والممتلكات العامة والخاصة بعد رحيل زين العابدين بن علي عن تونس، مما دعا الجيش التونسي للتدخل لتأمين حياة التونسيين .
ووقع اشتباك مسلح فجر الأحد بين الجيش التونسي ومسلحين مجهولين ما أدى إلى سقوط 6 قتلى 3 من كل جهة.
وقال شهود عيان إن اشتباكاً مسلحاً وقع في بلدة الوردانين في محافظة المنستير شرق العاصمة تونس بين وحدة من الجيش ومسلحين مجهولين كانوا في 3 سيارات، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وقتل أكثر من خمسين شخصا في أعمال شغب وحريق التهم سجن مدينة المنستير، وقال شاهد عيان إن الحريق أتى على السجن بأكمله، وإن عشرات السجناء فروا.
وفي مدينة مهدية في الجنوب قتل خمسة أشخاص على الأقل بعد أن أطلق جنود النيران على سجناء في سجن المدينة، حسب ما صرح مسؤول رفيع المستوى لوكالة أنباء أسوشييتد برس، وأضاف أن مدير السجن أطلق سراح مئات السجناء لتجنب وقوع أعمال عنف إضافية.
ووردت تقارير عن وقوع أحداث عنف ومحاولات فرار للسجناء من سجون أخرى.
وفي العاصمة تونس ألحقت النيران أضرارا كبيرة بالمحطة الرئيسية للقطارات، كما أحرق عدد كبير من البنايات. وانتشرت قوات الجيش مدعومة بالدبابات في شوارع المدينة لوقف أعمال النهب والتخريب. ولا تزال حالة الطوارئ وحظر التجول ليلا مفروضة في البلاد.
وتبادلت قوات الشرطة والجيش إطلاق النار مع مسلحين خارج وزارة الداخلية، حسب تقارير إعلامية، وقالت وكالة أنباء أسوشييتد برس إن مراسلين شاهدوا جثتين ملقاتين على الطريق، ولم تعرف هويتهما.
وتقوم دبابات وجنود مسلحون بحماية البنايات الحكومية، واستمرت أعمال النهب خلال الليل حتى صباح السبت في ضواحي العاصمة، وقد استهدفت محالا تجارية، وتعرضت محطة القطار الرئيسية لأضرار كبيرة نتيجة النيران.
في هذه الاثناء استأنف مطار قرطاج الدولي أعماله السبت بعد إغلاق قصير تسبب في عجز مئات الأجانب عن العودة إلى بلادهم.
القبض على نحو 50 من الحراس الشخصيين للرئيس المخلوع
ألقى الاحد 16 يناير القبض على نحو 50 من الحراس الشخصيين للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في محافظة تطاوين جنوبي تونس، فيما استمرت مطاردة الجيش التونسي لعناصر يعتقد أنها تسعى لإحداث البلبلة في البلاد.
وقال مصدر صحفي بمدينة تطاوين لوكالة الأنباء الألمانية «اعتقلت قوات الجيش الوطني نحو خمسين من رجال الأمن الرئاسي عندما كانوا في طريقهم الى ليبيا على متن سيارات لا تحمل لوحات تسجيل، موضحا أن عددا منهم نقلوا إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بجراح جراء تعرضهم إلى عيارات نارية خلال مواجهات مسلحة وغير متكافئة مع قوات الجيش التي أحكمت السيطرة عليهم». في هذه الاثناء قالت تقارير ان الجيش يقوم بمحاصرة مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس.
ووفقا لوكالة الأنباء الألمانية، فإن الجيش تبادل إطلاق النار لمدة عشر دقائق مع عناصر مسلحة في ضاحية الكرم الغربي القريبة من ضاحية قرطاج حيث قصر الرئاسة.
وأفادت أنباء بأن اشتباكا آخر بين الجيش ومسلحين وقع في ضاحية باردو غرب العاصمة.
وحذر الجيش السكان من اعتداءات مسلحين يستقلون سيارات مستأجرة، فيما وردت شهادات من عدة مناطق في العاصمة وخارجها عن محاولة مسلحين يركبون سيارات مستأجرة أو لا تحمل لوحات تسجيل تنفيذ اعتداءات وترويع السكان. كما شوهد تحليق مكثف لمروحيات الجيش في سماء العاصمة.
وتم إلقاء القبض على مدير عام السجون بتهمة إطلاق سراح السجناء من عدة سجون في البلاد من أجل إحداث البلبلة.
من جهتهم شكل المواطنون في مدن مختلفة لجانا شعبية لحماية الممتلكات الخاصة والعامة من الاعتداءات.هذا وعقد رئيس الوزراء محمد الغنوشي، اجتماعات مع أحزاب المعارضة بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد أظهرت لقطات بثها التفزيون التونسي صورا لشبان اعتقلوا وفي حوزتهم أسلحة بيضاء، ويعتقد انهم من مثيري البلبلة.
مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية
ويواصل القادة السياسيون في تونس جهودهم لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وعقد رئيس الوزراء، محمد الغنوشي، اجتماعات مع أحزاب المعارضة بهدف تشكيل الحكومة . وقال نجيب الشابي وهو أحد زعماء أحزاب المعارضة في تونس إن هناك حاجة إلى إصلاحات عميقة.
ومن جهته، قال راشد الغنوشي، وهو زعيم حزب النهضة الإسلامي المحظور والذي يعيش لاجئا في لندن إنه مستعد للانضمام إلى أي اتئلاف حكومي.
بن علي بالسعودية وسط تكتم شديد
وقد أمضى الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، الذي أطاحته انتفاضة شعبية، يومه الأول السبت في المنفى بالسعودية، وسط تكتم شديد.
وقد امتنعت السلطات السعودية عن الإدلاء بأي معلومات عن مكان إقامة الرئيس المخلوع أو مدة إقامته في السعودية.
وأكد شهود لوكالة فرانس برس أنهم رأوا موكبا رسميا يتجه بعيد وصول طائرة بن علي بعد نصف ساعة من منتصف الليل نحو قصر الضيوف في حي الحمرا الراقي القريب من الشاطىء.
وكان بن علي وصل ليلة الجمعة - السبت إلى مطار مدينة جدة على البحر الأحمر، يرافقه ستة من أفراد عائلته بينهم زوجته ليلى، كما ذكرت مصادر متطابقة.
وأعلنت الحكومة السعودية رسميا استضافة بن علي وأسرته. وقال الديوان الملكي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية ««رحبت حكومة المملكة العربية السعودية بقدوم فخامة الرئيس زين العابدين بن علي وأسرته إلى المملكة»».
وأكد البيان على «تقدير حكومة المملكة العربية السعودية للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي الشقيق وتمنياتها بأن يسود الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز على الأمتين العربية والإسلامية جمعاء، وتأييدها لكل إجراء يعود بالخير للشعب التونسي الشقيق».
وقد غادر زين العابدين بن علي الذي حكم تونس23 عاما، البلاد الجمعة على بعد اشتداد حدة المظاهرات التي أصرت على رحيله.
وكانت طائرته حلقت في البداية مساء الجمعة في المجال الجوي المالطي «متجهة نحو الشمال»، كما قال متحدث باسم الحكومة المالطية.
لكن مصدرا قريبا من الحكومة الفرنسية ذكر أن باريس «لم تكن ترغب» في استقبال الرئيس التونسي المخلوع، مبررة هذا الموقف بالاستياء الذي يمكن أن تعرب عنه الجالية التونسية في فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.
أقارب بن علي غير مرحب بهم في فرنسا
وفي ما يخص مصير أقارب بن علي ، قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرنسوا باروان السبت لإذاعة فرانس انفو، أن أقارب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الموجودين على الأراضي الفرنسية لا ينوون البقاء و«سيغادرون» البلاد.
وكان المتحدث يرد على سؤال بشأن وجود عدد من أقارب بن علي في حديقة يورو ديزني بضواحي باريس حتى بعد ظهر اليوم.
وقال باروان إن «أسرة بن علي الموجودة على الاراضي الفرنسية لا تنوي البقاء ولم تبد رغبتها في البقاء على الأراضي الفرنسية وستغادر» البلاد.
وقد غادرت بالفعل مجموعة من أقارب الرئيس التونسي السابق من بينها نسرين (24سنة) ابنته من زوجته الثانية ليلى الطرابلسي بعد ظهر السبت الفندق الذي كانت تقيم فيه في يوروديزني بحسب مصادر متطابقة.
وكانت هذه المجموعة التي لم يحدد عدد أفرادها وصلت إلى فرنسا الخميس عشية مغادرة الرئيس التونسي تحت ضغط الشارع. وقال مسؤول في الفندق إن هؤلاء الأشخاص، الذين لم يحدد عددهم «رحلوا قبل ساعة أو ساعتين»، مضيفا «المجموعة كلها رحلت ولا احد يعلم الى اين».
وأفاد مصدر أمني فرنسي لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته ان المجموعة كان معها فريقها الأمني الخاص.
دعوات دولية إلى ضبط النفس
وقد دعت العديد من البلدان إلى ضبط النفس من أجل عودة الهدوء والاستقرار إلى تونس.
وهكذا دعت الحكومة البريطانية إلى عودة سريعة للأمن والاستقرار بتونس، مثمنة الجهود التي تبذلها السلطات التونسية من أجل إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وقال وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ في بيان «من الضروري العودة الى النظام في تونس، داعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس «.
ومن جهتها أعربت إيطاليا عن احترامها الشديد لسيادة الشعب التونسي، داعية مختلف المؤسسات ومكونات المجتمع التونسي إلى الهدوء والرزانة والحوار من أجل إيجاد حل للأزمة التي يجتازها البلد.
وأكد وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أن إيطاليا تتابع باهتمام شديد تطورات الوضع بتونس، مؤكدا «أننا نوجه دعوتنا الصادقة لمختلف مؤسسات البلد ولكافة مكونات المجتمع التونسي من أجل الالتزام بالهدوء والرزانة والحوار من أجل إيجاد مخرج للوضعية الصعبة التي تجتازها البلد في الآونة الأخيرة «.
ومن جهة أخرى، أبدت الصين انشغالها بالوضع القائم في تونس معبرة عن الأمل في أن يعود الاستقرار إلى هذا البلد « في أقرب وقت ممكن «.
وعلى صعيد آخر شدد الاتحاد الإفريقي على ضرورة القيام بكل ما يلزم لتجنب إزهاق المزيد من الأرواح بتونس ، مدينا «بشدة « الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين.
وأفاد بيان للمنظمة الإفريقية أن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي عبر خلال اجتماعه المنعقد بأديس أبابا، والذي خصص لتدارس الوضع بتونس في ضوء مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي للبلاد، عن « تضامنه « مع الشعب التونسي، مقدما تعازيه الحارة لعائلات الضحايا ومتمنيا الشفاء العاجل للمصابين
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما أشاد ب» شجاعة وكرامة» الشعب التونسي داعيا الى اجراء انتخابات « نزيهة وحرة» عقب الاطاحة بالرئيس التونسي ، بحسب بيان صادر عن البيت الابيض.
وقال اوباما في البيان «أدين واستنكر استخدام العنف ضد المدنيين في تونس الذين يعبرون سلميا عن رأيهم، وأشيد بشجاعة وكرامة الشعب التونسي«.
محمد البوعزيزي: شرارة الثورة
يبلغ محمد البوعزيزي من العمر 26 سنة، وهو الذي أشعلت محاولة انتحاره فتيل الغضب في مدينة سيدي بوزيد، قبل أن تنتقل إلى باقي المدن القريبة منها والى العاصمة. وهو من عائلة تتكون من تسعة أفراد، أحدهم معاق، وهوخريج جامعي دفعته البطالة إلى العمل في الفلاحة، قبل أن يتحول إلى بيع الخضر والفواكه. وحين منعته الشرطة من نصب طاولته، رفض الانصياع ودخل في نقاش معهم، ما دفع إحدى الشرطيات إلى صفعه، الأمر الذي أشعل فتيل الغضب في نفسه، وتوجه إلى مقر ولاية سيدي بوزيد للاحتجاج، لكنه وجد كل الأبواب مغلقة، فقرر إضرام النار في جسده، لينقل الى المستشفي ويتوفي في بداية يناير.
طالبت والدة الشاب محمد البوعزيزي، الذي أحرق نفسه في سيدي بوزيد وتسبب في إسقاط نظام بن علي، بلقاء الشرطية، فادية حمدي، التي صفعت ابنها محمد، واعتبرت أن « ابنها محمد يعد شهيدا للحرية، وهو من حرر تونس من ظلم الطاغية بن علي، ولذلك فكل تونس مدينة له بالاحترام والتقدير لتضحيته بحياته أجل الحرية››. وأكدت الحاجة منوبية: الحمد لله دم محمد لم يضع، لقد رحل الرئيس المجرم ومعه كل السراق من عائلته››.
فؤاد المبزع الرئيس المؤقت
تقلد محمد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب التونسي، الذي أدى السبت اليمين الدستورية، كرئيس مؤقت لتونس، في انتظار انتخابات رئاسية سابقة لأوانها لانتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس المتنحي زين العابدين بن علي، عدة مناصب وزارية وبرلمانية.
ويعد المبزع 77 عاما ، الرئيس الثالث في تاريخ تونس، بعد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والرئيس بن علي.
وتولى المبزع رئاسة مجلس النواب التونسي لأربع دورات برلمانية متتالية 1997 ، و1999 ، و2004 ، و2009 ، حيث انتخب عضوا بالمجلس في الانتخابات التشريعية المتعاقبة التي عرفتها تونس من1964 إلى2009 .
وقد أتم تعليمه الثانوي في المدرسة الصادقية، ثم درس القانون والاقتصاد في باريس، وعمل كمدير للأمن الوطني بين1965 و1967 ، وترأس بلدية تونس من عام1969 حتى 1973.
كما عين فؤاد المبزع ، الذي يعد أحد أعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري، في نونبر1973 وزيرا للشباب والرياضة، ثم كلف في شتنبر1978 بحقيبة وزارة الصحة, وفي عام1979 أصبح وزيرا للشؤون الثقافية والإعلام إلى غاية1981 .
وفي عام1987 أُعيد تعيينه من جديد وزيرا للشباب والرياضة في آخر حكومة في عهد الرئيس بورقيبة.
وظل في منصبه بعد تولي الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد الحكم في البلاد في7 نونبر1987 . وعمل أيضا خلال الفترة بين1981 و1986 كمندوب لتونس لدى الأمم المتحدة وكسفير في المغرب بين1986 و1987 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.