احتدم النقاش مؤخرا حول تمويل الجمعيات ما بين الحكومة والمجتمع المدني حيث اتهم وزير الداخلية محمد حصاد، وزير الداخلية، الجمعيات بتلقي أموال أجنبية من أجل ضرب مصداقية المصالح الأمنية، وأن هناك كيانات مغربية تشوش على ما تقوم به الأجهزة الأمنية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان، مشهرا أدلته، ومنها معلومات تفيد أن هذه الكيانات تتلقى أموالا خارجية تعادل ما نسبته 60 في المائة، مما تتلقاه الأحزاب من دعم مالي من الدولة ، علما بأن القانون يفرض على جمعيات المجتمع المدني التي تعمل في شراكة مع منظمات أو مؤسسات دولية تقديم كل المعلومات والمعطيات حول هذه الشراكات إلى الأمانة العامة للحكومة. من جهته كشف إدريس الضحاك الأمين العام للحكومة، أن الجمعيات المغربية تلقت خلال العام الجاري فقط تمويلات أجنبية وصلت قيمتها إلى 158 مليون درهم. وأشار الضحاك، أثناء تقديمه لعرض حول "مراقبة الدعم الداخلي والخارجي الموجه لجمعيات المجتمع المدني في المغرب" بمجلس النواب، الى أن هذا الدعم شمل التمويلات المصرح بها فقط، مما يعني أن مجموع التمويلات الأجنبية التي تلقتها الجمعيات المغربية يتجاوز هذا الرقم بكثير. وأضاف إدريس الضحاك أن الأمانة العامة للحكومة توصلت بحوالي 565 تصريحا بخصوص التمويلات الأجنبية تقدمت بها 128 جمعية. وفي ما يتعلق بالسنة الماضية، أكد الأمين العام للحكومة أن الجمعيات تلقت حوالي 222 مليون درهم من التمويلات الأجنبية، وبلغت في عام 2010 حوالي 144 مليون درهم. وبموجب القانون المغربي، على منظمات المجتمع المدني الكشف عن حجم ومصادر تمويلها الخارجي .ويقدر عدد الجمعيات في المغرب بنحو مائة ألف، بينما يقدر عدد الجمعيات التي كشفت عن مصادر تمويلها خلال السنوات الثماني الأخيرة بنحو ألف جمعية. وتُظهر الأرقام التي كشف عنها -لأول مرة أمام البرلمان خلال الاجتماع الأخير إدريس الضحاك الأمين العام للحكومة المغربية، أن 962 جمعية فقط صرّحت خلال الفترة ما بين 2006 و2014 بما تلقّته من دعم أجنبي، حيث بلغ مجموعه مليارا و252 مليون درهم مغربي . ردود فعل قوية عبرت عنها الجمعيات محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ، يرى أن كلام الضحاك جاء في إطار حملة ضد المجتمع المدني، مؤكدا أن أغلب الجمعيات المغربية تعمل في إطار الشرعية والشفافية، مشددا على أن هيئات المجتمع المدني تتلقى الدعم الخارجي في إطار برامج محددة ومراقبة من طرف الأجهزة المانحة. من جهته عزا أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نُدرة الجمعيات التي كشفت عن مصادر دعمها الخارجية إلى وجود عدد كبير من الجمعيات الوهمية. وأن أغلب الجمعيات لا تعقد شراكات تتلقى بموجبها تمويلا من الخارج، وتابع أنه بدلَ مساءلة الجمعيات الممتثلة للقانون، يجب محاسبة الأمانة العامة للحكومة على تقاعسها عن تطبيق القانون. وأضاف أنه مع اعتماد الشفافية، "لكن ما يحدث أنه يتم التعاطي بانتقائية مع بعض الجمعيات لحسابات سياسية وليست قانونية، في مسعى للتضييق عليها والتأثير على مواقفها من انتهاكات حقوق الإنسان. من جانبه، اعتبر رئيس لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب إدريس صقلي عدوي أن مراقبة الدعم الخارجي والداخلي لمنظمات المجتمع المدني، تكتسب قيمة دستورية من خلال تفعيل الإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد والريع. واعتبر أن المجتمع المدني شريك أساسي في العملية الديمقراطية والتنموية لبلادنا، مضيفا أن "دورنا في البرلمان أن نتغلّب على الصعوبات التي يعاني منها، ونسهم في احترام مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص في الحصول على الدعم". وأعلن المجلس الأعلى للحسابات أنه قام بمراسلة جميع الجمعيات قصد موافاته بالبيانات والمعلومات التفصيلية المتعلقة بوضعها المالي والمحاسبي خلال الفترة من 2009 إلى 2014 وذلك في أفق إعداد تقرير شامل يشخص واقع تمويل الجمعيات بالمغرب. وأوضح بلاغ للمجلس ، أنه راسل في هذا الشأن جميع الجمعيات، بما فيها الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة البالغ عددها 214، التي تستفيد من الإعانات والمساعدات أو الأموال التي يتم جمعها عن طريق التماس الإحسان العمومي. وأضاف المجلس أن إعداد هذا التقرير يأتي في سياق مواكبة الأدوار الدستورية الجديدة للجمعيات، وتبعا لمنشور رئيس الحكومة رقم 2014/2 بتاريخ 5 مارس 2014 بشأن مراقبة المجلس الأعلى للحسابات لاستخدام الأموال العمومية. كما يأتي ذلك، حسب البلاغ، في إطار المساعدة المقدمة للحكومة طبقا للفصل 148 من الدستور، وكذا الاختصاصات المسندة إلى المجلس الأعلى للحسابات المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية.