تستقطب الإذاعات الخاصة بالمغرب ما يقرب ثلاثة ملايين مستمع مغربي يوميا، مما يجعلها قطبا مهما لتفاعل المجتمع مع الإعلام، الشيء الذي جعل من ضرورة التقييم العلمي والموضوعي لهذا القطاع أمرا في غاية الأهمية، وهو ما أكده المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة في ندوة علمية حاول فيها ثلة من الباحثين والمهتمين بالمجال مقاربة مسلسل تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب الذي انطلق عمليا في 17 ماي 2006 حين منحت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري عشرة تراخيص لإحداث واستغلال خدمات إذاعية غير عمومية شملت إذاعة «أصوات»، «أطلنتيك»، «كاب راديو»، «شدى إف.إم»، «هيت راديو»، « سايس إف.إم»، «أطلس إ.ف.ام»، «راديو بلوس مراكش»، «راديو بلوس أكادير»، لتأتي بعدها دفعة جديدة من خلال الجيل الثاني من التراخيص لأربع إذاعات أخرى في 29 فبراير 2009 وهي «راديو مارس»، «مدينة إف.إم»، «راديو لوكس»و «ميد راديو»، بالإضافة إلى «إذاعة سوا» و«ميد1 الأجنبيتين. ويتجلى الهدف من هذه التراخيص، حسب الهاكا، في «دمقرطة العرض السمعي البصري الخاص لفائدة المواطنين المغاربة عبر تمتيعه في مجموع المناطق الجغرافية بعرض سمعي بصري خاص ومتنوع وذي جودة في المضامين«. ضمن هذا السياق تقدم د. علي باهي بعرض مداخلته حول إيجابيات وكذا عثرات تجربة الانفتاح هاته التي راكمها تحرير القطاع السمعي في مدة الأربع سنوات المنصرمة، متسائلا عن مدى تحقيق هذه التعددية الإذاعية لمضامين تنوع العرض الكفيل بالاضطلاع بودره التأطيري، مشيرا في نفس الوقت إلى أن التجربة بالمغرب تستوجب التأمل الموضوعي والعلمي. فقد رصد في دراسة علمية أجراها د. علي باهي حول واقع الإذاعات الخاصة بالمغرب، مجموعة من الاختلالات تم التطرق إليها بالتفصيل من طرف المتدخلين في الندوة، وتتعلق خاصة بصيغ تدبير الهاكا لملف اللغة المستعملة من قبل الإذاعات، ومدى التزام هذه الأخيرة بمنصوص دفاتر التحملات بنسب محددة من التداول بين اللغات داخل مساحة البث، مما أدى إلى اختلال على مستوى اللغة المستعملة بطريقة لا تتوافق ومضمون الرسالة الإذاعية التي تستهدف المواطن المغربي، ثم هناك أيضا جانب آخر يظهر فيه الخلل، ويتمثل في طغيان برامج الترفيه والتنشيط في مقابل إهمال البرامج ذات أدوات مجتمعية تأطيرية وحوارية سياسية، كما تمت الإشارة إلى معطى سلبي آخر يهم البرامج الدينية التي تكاد تغيب ضمن البرامج المعروضة، كما يغيب كذلك صوت الأكاديمية والمختصين والمثقفين مقابل الحضور المكثف وأحيانا المبالغ فيه لمكالمات المستمعين، كما أن الحديث عن إشكالية المضامين داخل الإذاعات الخاصة يمتد إلى التساؤل عن مدى استحضار برامج هذه الإذاعات للانشغالات التي تهم المجتمع ومدى مساهمتها في التأطير وتكوين رأي عام وطني يساهم في صناعة القرار على مختلف المستويات. في نفس الموضوع أشار د. يحيى اليحاوي إلى أن عملية تقييم المشهد الإذاعي أمر مهم ومفيد في حد ذاته، وإن لم تتحقق بعد القيمة المضافة، وهذا لا ينفي، بطبيعة الحال، وجود نقط إيجابية لخصها اليحياوي في ثلاث نقط تمثلت أساسا في توسيع مجال المحطات، وكذا توسيع الفعل ومجال الفاعلين بصرف النظر عن المضامين، ثم هناك أخيرا مبدأ التنوع الذي عمل على تخليص القطاع السمعي البصري من النمطية وكذا المراهنة على المباشر الحي. تجدر الإشارة إلى أن الندوة تم عقدها بقاعة الندوات بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط صباح يوم السبت 18 دجنبر 2010 افتتحت بكلمة د. مصطفى الخلفي مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة المنظم لهذه الندوة، والذي أكد أن المركز يسعى إلى تقوية التجرية الحالية للإذاعات الخاصة بالمغرب لتؤدي دورها المنوط بها.