«عوض أن يلجأ العاملون بالمؤسسة للتفكير، وحشد الجهد، لفك طلاسم بيداغوجيا الإدماج وتنفيذ البرنامج الاستعجالي، فهم الآن يغلقون عليهم أبواب ونوافذ الحجرات لصد الروائح المنبعثة من القاذورات، ويبددون طاقتهم في التفكير حيال الأشكال النضالية الممكن الرفع من وتيرتها بهدف حمل المسؤولين على إيجاد حلول ملموسة يمكنها انتشال مدرستهم من مطارح النفايات، وفوضى السوق وافرازات المجزرة، ومصبات المياه الملوثة التي تهدد صحة التلاميذ والعاملين والسكان المجاورين للمدرسة»، كان هذا جزء من تصريح غاضب أدلى به أحد العاملين بمدرسة سيدي لامين، إقليمخنيفرة، لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» التي سبق لها التطرق لمحنة المؤسسة المذكورة وتملص الجماعة القروية للمنطقة من التزاماتها. متتبع لأحوال مدرسة سيدي لامين تساءل بمرارة: أليس من حق مدرسة سيدي لامين دخول مغرب المخطط الاستعجالي؟ وما سبب حرمانها من «نسيج» الخطابات الرسمية والمتغنية بالفضاء المدرسي؟ إذ منذ 25 سنة، ما تزال هذه المدرسة تفتح أبوابها في كل سنة دراسية للاحتجاج على وضعها المزري، فإلى جانب موقعها الملقى وسط سوق أسبوعي يغرقها على مدار السنة في جحيم من الضوضاء والفوضى، ويحول جنباتها إلى مرابط عمومية لأغنام ودواب المتسوقين، يتجلى حصار الأزبال المضروب على محيطها، وما ينتج عنه من فضاء يعج بالحشرات والكلاب الضالة، وبالروائح الكريهة المندفعة إلى نحو حجرات الدراسة، مع ما يشكله ذلك من أخطار حقيقية على صحة المدرسين والتلاميذ. وكم تتعاظم بشاعة الوضع أكثر إزاء مشكل مجزرة مجاورة للمدرسة، وتفتقد لأبسط شروط النظافة والسلامة، إذ من الصعب إغفال ما تقذفه هذه المجزرة من قاذورات وأحشاء الذبائح، أما عن قنوات وسواقي الواد الحار التي تصب باتجاه المدرسة بكل ما تحمله من «مستحضرات التدنيس» فحدث ولا حرج، وتزداد الحالة سوء مع ارتفاع درجة الحرارة وهبوب الرياح، حيث يستحيل بسببها الاشتغال داخل الحجرات، ولم يفت العاملين بالمؤسسة الإشارة بامتعاض شديد إلى المتسكعين وعابري السبيل الذين يتخذون من محيط وحرمة المؤسسة مرتعا للاستجمام والتمرحض. وتبعا لبرقية عاملية مسجلة تحت عدد 3369 بتاريخ التاسع من يونيو الماضي، تكونت لجنة إقليمية مختلطة، ومكونة من رئيس مصلحة تدبير الحياة المدرسية، رئيس مصلحة البنايات والتجهيز والممتلكات بنيابة التعليم، قائد المنطقة، عضو وتقني من الجماعة القروية، ممثلي أربع نقابات تعليمية، رئيس جمعية أباء وأولياء التلاميذ بالمدرسة، مدير المؤسسة المعنية، ممثلين عن قسمي التعمير والبيئة والجماعات المحلية بعمالة الإقليم، حيث وقفت اللجنة على وضعية مدرسة سيدي لامين، وخرجت بمحضر موقع أكدت ضمنه أن المؤسسة تعيش حالة مزرية جراء الضرر الناتج عن مطرح الأزبال وإفرازات المجزرة المجاورة، وكذا عن قنوات الصرف الصحي المكشوفة والروائح الكريهة، واتفق أعضاء اللجنة على اقتراح عدة حلول يمكنها احتواء الوضع في أجل أقصاه الموسم الدراسي 2010/ 2011 كأبعد تقدير، إلا أن هذا الطموح ظل عقيما بسبب تقاعس الجماعة القروية وسوء تدبيرها للملف. وقد خرجت اللجنة باتفاق مع الجماعة القروية لسيدي لامين على تهيئة مطرح الأزبال وتحديد موقع له يكون بعيدا عن المؤسسة، مع تخصيص اعتمادات ضرورية للقيام بالدراسة البيئية ومباشرة مسطرة اقتناء عقار للمطرح، وتوفير وسائل خاصة بجمع ونقل النفايات نحو المطرح الجديد، إضافة إلى التعجيل بإنجاز مشروع توسيع شبكة التطهير السائل بمركز كهف النسور، مع التزام الجماعة بتنظيف المجزرة ومحيطها، في أفق تحويلها إلى مكان آخر عبر تخصيص مبلغ 60.000,00 درهم لاقتناء عقار تشيد عليه مجزرة عصرية عن طريق طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي، ولم يكن مفاجئا أن تبقى التزامات الجماعة من دون تطبيق، وربما اقتصر تدخل الجماعة خلال بداية السنة الدراسية على بعض التحركات الخفيفة لذر الرماد في العيون والتي لم تغير من واقع الأمر شيئا، فيما لم تتوقف مصالح النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بخنيفرة، وفي عدة مناسبات، عن حث الجماعة القروية والسلطة المحلية بالمنطقة على إيلاء أحوال المؤسسة ما تستحقه من اهتمام جدي خدمة للرسالة التربوية وفق مبدأ مساهمة الشركاء والأطراف المعنية في تفعيل مبادرات الجودة والإصلاح وتشجيع التمدرس. ويذكر أن العاملين بمدرسة سيدي لامين أبدعوا مختلف أشكال التنديد، وقاموا بما يكفي من الاتصالات والمحاولات التحسيسية لدى المسؤولين وتقدموا بالعديد من الشكايات أمام المصالح المعنية، وخلال هذه السنة فقط خاضوا سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات بغاية تجديد إثارة انتباه الجهات المعنية بوضعية مؤسستهم، وأمام موقف التجاهل ولهجة التسويف الممنهجة من جانب المسؤولين ما حمل العاملين بالمؤسسة إلى الخروج بقرار يقضي بمواصلة كافة الأشكال الاحتجاجية إلى حين الاستجابة لمطالبهم، مع الإشارة إلى أن العاملين بمدرسة سيدي لامين سبق أن قاطعوا «منتديات الإصلاح» التي فات أن تقرر تنظيمها بهذه المؤسسة، وذلك للإعراب عن احتجاجهم على تجاهل مطالبهم في إيجاد حل حاسم للوضعية المزرية التي «تتمرغ» فيها مؤسستهم.