الفيلم الكوري الجنوبي «مذكرات ميوزن» للمخرج بارك جونغبوم يظفر بالجائزة الكبرى للدورة العاشرة لمهرجان مراكش للفيلم (النجمة الذهبية)، وفاز بجائزة لجنة التحكيم للمهرجان مناصفة الفيلم المكسيكي «غيوم» للمخرج «أليخاندرو كاربر بيسيكي» وفيلم «ما وراء السهوب» للمخرجة البلجيكية «فانيا دالكا نتارا.» ونال جائزة أحسن أداء كل من فريقي عمل الفيلم الأسترالي «مملكة الحيوان» للمخرج «ديفيد ميشود» وفيلم «عندما نرحل» للمخرجة النمساوية «فيو ألاداك». النتائج لم تفاجيء كثيرا الجمهور، بحكم الأداء الجيد والآثار الفني البالغ الذي خلفته لدى عموم المتتبعين، كما أن أغلب الأفلام المتوجة كانت مرشحة للفوز من طرف النقاد والمهنيين ممن تحدثوا عن القيمة الفينة لهذه الأفلام وجرأة تناول الموضوعات والقوة الكبيرة في الأداء، ناهيك عن التمكن في الأدوات التقنية مما أعطى تميزا للصوت والصورة في شكل مبهر وفر لهذه الأفلام القيمة الإبداعية، ورفع من مستوى الفرجة لديها، هذه المعطيات أكدها بالفعل جون مالكوفيتش رئيس لجنة التحكيم في كلمة له أثناء إعلان النتائج حيث قال: «في اختيارات أعضاء لجنة التحكيم للأعمال الفائزة تمت مراعاة الكثير من المعايير، أهمها أن تكون القصص مؤهلة للحكي السينمائي، وأن تكون المواضيع ذات بعد اجتماعي، محققة أهداف المخرج لإيصالها إبداعيا للمشاهد، ناهيك عن التحكم في الأدوات والتقنيات السينمائية.» الفيلم الفائز بالنجمة الذهبية «مذكرات ميوزن» يتناول صراع الكوريتين الشمالية والجنوبية والصعوبات التي تعترض تقارب الشعبين وتبرز التمييز العنصري بين البلدين وكذا الكراهية التي خلقها الصراع السياسي بينهما، ويظهر ذلك جليا من خلال قصة شاب يدعى «جيون» الذي عانى صعوبة كبيرة في الحصول على عمل ولم يستطع بناء علاقات مع محيطه بسبب بطاقة هوية تكشف عن أصله الكوري الشمالي، وبالرغم من سجل سوابقه النظيف وكونه ليس عاملا مهاجرا فإنه يعاني من التمييز العنصري ويعتبر نفسه مهمشا في المجتمع الرأسمالي لكوريا الجنوبية. هذا، وقد عرفت المدينة الحمراء خلال أيام المهرجان لحظات من الفرجة والإبداع تواصلت من خلاله مع نجوم مغاربة وعالميين بشكل مباشر أو من خلال أعمال فنية باذخة شكلت فرصة للجمهور المغربي ليعيش لحظة فرح.. أحداث قوية إذن عاشها جمهور السينما خلال الأيام التسعة للدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش . على المستوى الفني انطبعت قيمتها بأعمال سينمائية جسدت تجارب متنوعة يصعب تتبعها خارج تظاهرة كبيرة كمهرجان مراكش . من بين هذه الأفلام شريط «قصيدة شعر» للمخرج الكورري الجنوبي شونكندونك الذي عرض خارج المسابقة، مشكلا لحظة احتفاء حقيقية بشعرية الصورة و خفة السرد الذي تدور حبكته حول مجهود مضني لسيدة في الخامسة و الستين من عمرها من أجل اكتشاف العمق القصي للشعر والظفر بأول قصيدة لها . مخرج الشريط الذي حصل على جائزة أحسن سيناريو في مهرجان كان لهذه السنة من مواليد 1954 وحصل على الإجازة في الأدب الكوري سنة 1980. وصدرت أولى رواياته بعوان «شونري» سنة 1983 وتوالت أعماله الروائية ليصبح واحد من الأدباء الكوريين الأكثر شهرة . و دخل عالم السينما من خلال صديقه بارك كوانك سو رائد السينما الكورية الذي دعاه إلى كتابة سناريو إثنين من أعماله سنتي 1993 و 1995. وأخرج أول أفلامه سنة 1997 بعنوان «السمك الأخضر» وبعدها شريطه الثاني «حلوى بالنعناع» سنة 1999 الذي عرض بمهرجان كان. وحاز فيلمه «الواحة» شهرة واسعة و فاز بثلاث جوائز في مهرجان البندقية 2002 مثلما حقق مليون و نصف مشاهد بكوريا لوحدها. وفي سنة 2003 عين وزيرا للثقافة بكوريا الجنوبية لكنه سرعان ما ترك المنصب في السنة الموالية ليعود إلى عالمه الإبداعي . حضور لي شنكدونك بمراكش كان له طعم الحدث ايضا بالدرس الذي ألقاه في إطار ماستركلاس إلى جانب كبار السينما العالمية كفرنسيس فورد كوبولا والأخوين جونبير ولوك داردين . أفلام كثيرة تركت أثرا كبيرا في جمهور السينما الذي تابع فعاليات هذه الدورة في سياق المسابقة الرسمية كان هناك شريط «عندما نرحل» للمخرجة النمساوية فيو ألاداك الذي يحكي مأساة امرأة تركية قررت الانفصال عن زوجها والالتحاق بعائلتها بألمانيا من أجل تحقيق حلمها بإكمال دراستها الجامعية. لكنها تواجه بالنبذ من قبل عائلتها و وسطها التركي. وكذا شريط ما وراء السهوب للبلجيكية فانيا دالكانترا، وفيلم غيوم للمخرج المكسيكي أليخاندرو كربربيسيكي، وشريط مملكة الحيوان للمخرج الأسترالي ديفيد ميشود. ما ترسخ في مهرجان مراكش الدولي للفيلم في دورته العاشرة هو انتصار الفرجة التي غيرت إيقاع الحياة، حيث غرقت المدينة في حلم جميل ومشوق وفاتن انتشر بين آلاف من المتفرجين الذين حجوا إلى قصر المؤتمرات المقر الرسمي للمهرجان و بساحة جامع الفنا التي التقى فيها عشاق الفن السابع بفضاء مفتوح نجوم هذا العالم ، وبقاعتي كوليزي وميغاراما. ذكرى أخرى انضافت إلى شريط الذكريات الرائعة بالمدينة الحمراء في انتظار دورة السنة المقبلة.