أقترح أن يتم ضم الصحافية الإسبانية آنا روميرو إلى لائحة المستفيدين من السكن في مدينة العيون. فهي، في ما يبدو، تريد أن تصبح مراسلة مدى الحياة ليومية «إل موندو» المخابراتية. فقد قرأت لها يوم أمس تصريحا في يوميتها تقول فيه بأنها تتعرض للضغوطات لكي تغادر مدينة العيون، وأنها تشعر بالخوف على سلامتها الجسدية. والحقيقة أن السيدة روميرو وصلت إلى العيون منذ تاريخ 20 نونبر، ولا يبدو أنها أنهت تحقيقاتها في الصحراء. والغريب أنها تكتب عن مدينة أخرى في خيالها، هي ومن معها. فبعد أن كتبت عن الإبادة، وعن القبور الجماعية والشوارع المليئة بالجثث، ولم تجد من ذلك شيئا، تسعى إلى البحث عن متظاهر ما أصيب بجرح أو تعرض لصداع في الرأس. واليوم تكتب أن المستشفيات تحولت إلى سجون، وأن الحياة التي تعيشها تضعها في موقع الخطر. بل قالت إنها ترى الناس «الخينتي بلغتها» يتبعونها ولا تعرف من هم . إنه خوف بلا وجوه ولا مسميات. تكتب روميرو يوميا من العيون، سعيا منها لأن تكون ناطقة باسم أعداء الوحدة، بحيث أن الهدوء الذي عاد إلى المدينة لم يقنعها بعد بأن ترحل من المدينة، فهي تبحث عن المختطفين!!(كذا) وعن المدنيين الذين سلحهم المغرب وقتلوا مواطنين صحراويين، جاءا إلى التلفزيون وقالا إنهما لم يموتا. ومع ذلك تصر أنهما ماتا وشبعا قتلا !! تريد أن تظل في العيون إلى أن يتوفاهما الله، بعد عمر طويل، لكي تثبت للعالم أنهما ماتا. وبما أن ذلك يتطلب وقتا طويلا، فما علينا سوى أن نتدبر أمرنا، حتى يقول لها أبناؤنا «خالتي انا روميرو ايت ..موندو!» لا يفهم أحد هذا الإصرار على العبث. فقد جاء معها زميلها الصحافي من إيل باييس، بعد أن كانت سلطات بلدهما طلبت من سلطات بلادنا أن تستقبلهما. وكتب وأجرى حوارا مع وزير الخارجية ونشره. ومازالت خالتي آنا روميرو في العيون. وجاءت منظمة هيومان ووتش، وأجرت تحقيقها، ونشرته، ومازالت خالتي آنا روميرو في العيون. وجاءت الصحف من أمريكا وتنقلت وكتبت ورحلت، ومازالت خالتي روميرو في العيون. ومن المنتظر أن تمر فصول الخريف والشتاء والربيع والصيف، ويسقط ورق الأشجار، ولن يسقط قتلى وتبقى روميرو في البلاد. لما لم تجد ما تكذب به على رأيها العام، قالت إنهم يتبعونني وإنني في خطر. وقالت بعظمة لسانها أن المغرب مطالب بأن يعطيها ورقة تطردها إذا أرادها أن تخرج من الصحراء. واشوف على جبهة.. معنى أنه على الصحافيين في العالم أن يتوجهوا إلى مكان الحدث وأن يبقوا فيه إلى أن تطردهم الدول، لا أن يرحلوا بمجرد أن ينتهي الحدث. وحقيقة الأمر أن الخالة آنا روميرو تريد أن تصبح عرابة البوليزاريو وتدق «مسمار جحا» في الصحراء، وتسعى إلى طلب الحماية الدولية. فهي مازالت مقتنعة بأن إسبانيا مازالت لها وصاية على الصحراء المغربية، وأنها يجب أن تمارس هذه الوصاية، وهي بدورها تتوجه إلى دار إسبانيا في العيون تطلب الحماية. عليها أن تدرك أن سلامتها لا تعادل سلامة بلاد بكاملها. ومع ذلك المغرب يحفظ سلامتها الجسدية، وإن كنت أشك أن سلامتها العقلية بدورها تحتاج لمن يحفظها، لأن الأمر في المبتدأ والخبر يتعلق بهذه الصحة الأخلاقية والمعنوية. مدير الخالة آنا روميرو، العم راميريز، أوضح بشكل فاضح ما يريده هو ومراسلته الأبدية في الصحراء، فقد طلب من حكومة بلاده، وبالضبط من نائب رئيس الحكومة روبالكابا ومن وزيرة الشؤون الخارجية ترينيداد السهر على حماية الصحافية. ولم يبق سوى أن يطالب روبالكابا بإرسال الحرس المدني إلى العيون! إن هذا البلد الذي خرج ملايين من مواطنيه إلى الشارع يوم الأحد للدفاع عن شرفه، لا يقبل بأن تلوى ذراعه. ولا يقبل بأن يهان فوق أرضه. وقد ذبح أبناؤه بطريقة الخراف، ولم يمن بذلك على أحد، بل لأنه التزم بحدود التعامل الإنساني، ولن يقبل المغاربة أن يذبحوا رمزيا مرة أخرى..