أجمع المشاركون في المناظرة الدولية للتشغيل الذاتي، التي انعقدت على مدى يومين في مراكش، على أن التكوين والتمويل مازالا يشكلان أكبر عقبة أمام حاملي مشاريع المقاولات الصغرى. واعتبر جل المتدخلين أن التشغيل قضية مجتمعية لا تتطلب إصلاحات تقنية فحسب، بل تقتضي معالجة شمولية تتداخل فيها جميع مقومات التنمية البشرية والاقتصادية، ويلعب فيها التكوين والنظام التعليمي الدور الأبرز. وقد اعتبر الدكتور رمضان السنوسي ممثل منظمة العمل العربية ، في هذا السياق، أن إشكالية التشغيل الذاتي في العالم العربي تصطدم أكثر بالواقع السوسيواقتصادي غير المشجع على شيوع ونجاح تجارب إنشاء المقاولات الصغرى في العديد من الدول العربية. وأضاف السنوسي أن 5000 عائلة فقط تسيطر على النشاط الاقتصادي في العالم العربي ، وهي تراكم وحدها أزيد من 3 آلاف مليار دولار، وتحتكر 90 في المائة من الأنشطة التجارية، كما تستحوذ على 75 في المائة من الاقتصاد الخاص للمنطقة العربية ،وهي توظف وحدها 70 في المائة من العمالة الوافدة على سوق الشغل ، وتظل المشغل الرئيسي في القطاع الخاص لهذه الدول. وهذا الواقع لا يشجع بتاتا على تطوير المبادرات الخاصة التي تتطلب مناخ أعمال جيد، وثقافة مقاولاتية شائعة. ولامس المتدخلون عن قرب مدى التباين الحاصل بين نوعية النظام التعليمي السائد في الكثير من الدول النامية وبين متطلبات سوق الشغل، حيث لا ترقى الشهادات ولا مستويات التكوين الى الحاجيات المتطورة والمتسارعة للقطاعات المشغلة. بالإضافة إلى إحجام المؤسسات المالية والأبناك عن تمويل حاملي المشاريع الصغرى في غياب تشريعات وضمانات حكومية واضحة، وهو ما يعيق تطور وتيرة آلية التشغيل الذاتي.ولهذا السبب تم خلق العديد من الصناديق الخاصة بتمويل ومصاحبة المقاولات الصغرى في مجموعة من البلدان ،كما وضع رهن اشارة منظمة العمل العربية صندوق دعم المقاولات الصغرى الذي ضخت فيه الدول الأعضاء 2 مليار دولار ويتم تدبيره في إطار العقد العربي للتشغيل. وقالت بديعة الرفاس، عن مكتب الاستشارة والتنمية «MSI» المغربي، «إن انشاء المقاولات الصغرى مازالت تعترضه جملة من المشاكل، حيث أن خلق المقاولة يمر عبر مراحل متعددة، تتطلب عناية ومواكبة خاصة بالنظر إلى إشكاليات الخبرة الضرورية لإدارة المقاولات، ومحدودية الإمكانيات المالية، إضافة إلى صعوبات ولوج السوق في السنوات الأولى». وتضيف الرفاس خلال ورشة عمل حول «التكوين والمواكبة من أجل خلق المقاولات الصغرى» أنه لا بد لنجاح عملية الانشاء من توفير وتأسيس علاقة تعاون بين المكون والمبادر إلى إحداث المشروع، سواء كان التكوين جماعيا أو فرديا، ومرافقته عبر عدة مراحل بهدف تحسين ولوجه إلى الفضاء المقاولاتي، من خلال مناقشة الفكرة، وقابليتها للتنفيذ، وترجمتها إلى مخطط عمل، ومواكبته عند تنفيذ المشروع، للحيلولة دون عزلة المقاولة ودعم قدراتها لمواجهة تحديات السوق». وفي هذا السياق عمد مكتب الاستشارة والتنمية «MSI» إلى تحضير برنامج جديد للتنمية المقاولاتية «EDP»، يتكون من العديد من الاجراءات المصاحبة للمقاول الجديد في جميع المراحل السابقة واللاحقة للمشروع، وهو ما مكن «من إحداث 4.6 مناصب شغل جديدة داخل كل مقاولة استفادت من برامجه التكوينية، و45.85 في المائة من المستفيدين منه حصلوا على أسواق جديدة، إلى جانب تصريح 53.78 في المائة من المستفيدين بأهميته في ديمومة المقاولة واستمرار أنشطتها».