أفاد الأستاذ الدكتور صالح هاشم، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، خلال الدرس الافتتاحي للسنة الجامعية 2010-2011،، الذي أقيم يوم الأربعاء الماضي برحاب كلية الطب والصيدلة بفاس، في موضوع « التعليم العالي في العالم العربي، رهانات وتحديات»، في إطار البرنامج الأكاديمي والعلمي لرئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، أن عدد الطلبة تزايد في جميع الجامعات بالوطن العربي، حيث تضاعف العدد من مليون طالب وطالبة في السبعينيات إلى ثلاث ملايين و100 ألف طالب وطالبة مع بداية سنة 1996، ثم انتقل إلى ثلاث ملايين و600 ألف جامعي في سنة 1998، أي بنسبة ارتفاع تقدر بتسعة في المائة،وهي أعلى نسبة مسجلة في العالم،ومن المنتظر أن يرتفع عدد الطلاب الجامعيين إلى 8 مليون طالبا مع نهاية سنة 2010 ، ورغم ذلك يبقى الإقبال على المؤسسات الجامعية بالوطن العربي ضعيفا ارتباطا بعدد السكان، يضيف الدكتور صالح، حيث يسجل أن عدد الطلبة المسجلين بالجامعات العربية لا يتجاوز 2700 طالبا في 100 ألف نسمة، بينما في الدول الأجنبية، يصل عدد الطلبة المسجلين إلى 6000 طالب وطالبة في 100 ألف نسمة. وقد استدل الأستاذ المحاضر في حديثه عن الواقع المتردي لقطاع التعليم العالي بالوطن العربي، بمجموعة من الإحصائيات المنشورة في مجالات متخصصة، وأرجع أسباب ذلك إلى الموارد المالية، حيث ثم رصد 304 مليون دولار للتعلم سنة 1970 ثم انتقل هذا المبلغ بعد عشر سنوات إلى 2.5 مليار دولار ليصل إلى 7 مليار دولار سنة 2000 ، ثم إلى 30 مليار دولار في هذه السنة. وانتقل الدكتور هاشم للحديث عن المقومات الأساسية للبحث العلمي ومصادره في الوطن العربي، مشيرا في هذا الصدد إلى بعض الأرقام و الحقائق عن الوضع الحالي للبحث العلمي في الدول العربية مقارنة مع بعض دول العالم، حيث تتراوح نسب الإنفاق على البحث العلمي من0.2 في المائة إلى 35 في المائة، ينفق العالم العربي النسبة الأقل، محددا معوقاته في الوطن العربي في ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة واعتماد غالبيتها على شراء المعرفة من الخارج، بالإضافة إلى ضعف الترابط بين الشركات المنتجة العربية في مجتمعات قومية تسمح بتمويل الأبحاث ذات الأهمية المشتركة وتبادل البحث والتطوير والاتقانيات فيما بينها. كما خصص حصة مهمة من عرضه للحديث عن هجرة الأدمغة، تطرق من خلالها إلى بعض الأرقام المؤشرة للظاهرة مضمنة بتقرير الأممالمتحدة للتنمية البشرية(2002)، حيث يتبين أن أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي يعمل في الدول الغربية، وأكثر من ثلثي المهاجرين ليس لهم برنامج للعودة إلى أرض الوطن، ونحو 100 ألف عالم ومهندس وطبيب يغادرون المغرب ولبنان وسورية والعراق والأردن وتونس والجزائر سنويا، وفقا لإحصاءات صادرة عن جامعة الدول العربية ومنظمة العمل الدولية ومنظمة اليونسكو والمؤسسات العربية والدولية الأخرى. من جهة أخرى، انتقد الأمين العام لإتحاد الجامعات العربية منهجية التعليم في الوطن العربي ودعا إلى الإقتداء بنظام بولون بإيطاليا، الذي يكون التقنيين والفنيين في مجالات الصناعات المختلفة، لأن خريجي هذا المجال يتعطش إليهم سوق الشغل. وخلص الدكتور هاشم ليؤكد، أن من أهم التحديات التي تنتظر المجتمع العربي هو الوصول إلى فضاء عربي موحد ينسق بين النظم التعليمية العربية، وكذا الاهتمام بالبحث العلمي والتعريب وتحقيق الملاءمة بين المؤسسات التعليم العالي وتقوية التعاون بين الجامعات العربية وربطها بالانترنيت وإجراء بحوث مشتركة، سيما وأن هناك مشاكل يتقاسمها العالم العربي كمشكل التصحر ونذرة الماء ومشاكل البيئة والطاقات المتجددة والعلوم المستقبلية. الدكتور السرغيني فارسي، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، تطرق في كلمته، أنه أصبح من اللازم على الجامعات العربية المساهمة في صناعة المستقبل علميا وتكنولوجيا خدمة للتنمية وتحقيقا لمعدلات عالية المستوى. وقد استعرض الرئيس في وقت سابق أمام مختلف المنابر الإعلامية، أسباب الإقبال المتزايد على جامعة سيدي محمد بن عبد الله، والتي أرجعها إلى انفتاح هذه الأخيرة على المحيط الأدبي والفني والرياضي، وإلى نمط التسيير، من الإدارة البيروقراطية إلى الإدارة المقاولاتية، بحيث تم اتخاذ إجراءات جديدة تستجيب لمقتضيات المخطط الإستعجالي 2009-2012، الرامية إلى تحسين المردودية الداخلية لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والرفع من نسبة إدماج المتخرجين في سوق الشغل المواكب للأوراش التنموية، والإجراءات المواكبة للدخول الجامعي والإجراءات المصاحبة للتسجيل بالمؤسسات الجامعية لهذا الموسم، حيث ارتفع عدد المسجلين هذه السنة إلى 180402 طالب وطالبة، أي بنسبة 63 في المائة، موزعين على مختلف الكليات والمعاهد والمؤسسات التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، مقارنة مع السنة الفارطة التي عرفت فقط تسجيل 11286 طالبا وطالبة،حيث بلغ العدد الإجمالي للطلبة الذين يتابعون دراستهم حاليا إلى ما يناهز 60 ألف طالب وطالبة، مشيرا،أيضا إلى الارتفاع الملموس في عدد المسالك بنسبة 59 في المائة، حيث انتقل العدد من 106 إلى 180 مسلكا. وعرج الدكتور فارسي في معرض كلامه وقته، عن الفوج الأول من مهندسي الدولة، الذي ميز السنة الجامعية 2009-2010، الذي بلغ عددهم 112 مهندسا، موزعين على كلية العلوم والتقنيات والمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، بحصص متفاوتة 62 مهندسا خريجا بالمؤسسة الأولى و50 مهندسا آخرا بالمدرسة الوطنية. وقد عمدت رئاسة الجامعة صرف مبالغ نقدية مهمة قدرت ب740 ألف درهم، كمساهمة من الجامعة لتحفيز المتفوقين، اعتبرها البعض بالإيجابية، ستحقق من جهة منافسة شريفة بين الخريجين، ومن جهة ثانية سترفع من مردودية البحث العلمي، خدمة للقضايا الاقتصادية والتنموية بالجهة. كما تطرق الدكتور فارسي السرغيني خلال الندوة الصحفية، التي نظمت مؤخرا بمقر رئاسة الجامعة، إلى موضوع اتفاقيات تعاون شراكة التي تم إبرامها مع عدد من الدول العربية والأوروبية، والتي بلغت مجموعها 33 اتفاقية، بفضل النادي الدبلوماسي، الذي استطاع إخراج الجامعة إلى الانفتاح، الذي ظل محدود الآفاق لفترة طويلة، مقتصرا على بلد واحد، مشيرا في كلامه إلى الدكتورة لويزة بولبرس، التي ساهمت إلى جانب رئاسة الجامعة، ولعبت دورا أساسيا في تحديد أجندة متعددة الأبعاد، تضم أهم الشخصيات العالمية ورجال دولة، سيحلون ضيوفا على جامعة سيدي محمد بن عبد الله، لتمكين طلبتها من الاستفادة من عروض وأبحاث وتجارب ذات قيمة عالية. وخلص اللقاء، الذي حضره الأستاذ محمد المريني مستشار جلالة الملك ورئيس جامعة القاضي عياض بمراكش وعمداء الكليات التابعة للجامعة المحتضنة وعدد من رجال العلم والفكر وجانب من الطلبة والطالبات وممثلي وسائل الإعلام، بتوقيع اتفاقية شراكة بين الاتحاد الجامعات العربية وجامعة سيدي محمد بن عبد الله.