يعيش المغرب اليوم ما يسمى بالفرصة الديمغرافية التي تجعل من الشباب عصب هرمه السكاني مما يطرح أكثر من سؤال حول موقع الشباب في السياسات العمومية اليوم.. البحث في هذا المجال لا تسعفه إلا محاولات حثيثة لباحثين وفاعلين في حقل المجتمع المدني في غياب دراسات متخصصة وابتعاد البحث العلمي عن أسئلة الشباب وانشغالاته.. بتوالي الحكومات و تعاقبها منذ فجر الاستقلال ببلادنا .. يطرح سؤال ذي ملحاحية.. هل توجد بالمغرب استراتيجية واضحة في مجال الشباب بما يبرهن عن تبلور إرادة سياسية تعلي من شأن هاته الفئة في مخططات الحكومة.. وهل هذه المخططات التي تتوزع على أكثر من قطاع تتوفر على رؤية مندمجة، أم أن المقاربة القطاعية لقضايا الشباب هي المهيمنة في تدبير الشأن الشبابي إلى اليوم ؟. وهل استحضرت القطاعات الحكومية حاجيات وانتظارات الشباب بما يجعل صوته مسموعا وبصمته حاضرة في مختلف المشاريع والمخططات الموجهة لفائدته في مجالات التربية والتكوين والشغل الرياضة والصحة والتنمية الاجتماعية...؟ . لقد دبّر المغرب في العشرية الأخيرة إشكالياته الكبرى المتعلقة بالتعليم والأسرة وإعداد التراب والماء والبيئة عبر حوار وطني التقت حوله القوى الحية ببلادنا وفعاليات المجتمع المدني، وشاركت فيه الجامعة المغربية ومختلف المختصين .. فما الذي يمنع اليوم من تدشين حوار وطني حول أسئلة الشباب وقضاياه الراهنة والمستقبلية في أفق الاستثمار الأمثل لهذا الرأسمال البشري .. خاصة مع تجاذب الرهانات والحسابات في ظل وجود قطاع حكومي كوزارة الشباب والرياضة التي اختارت تدشين تدبيرها بالتأطير المباشر للشباب دون وساطة من الجمعيات ؟؟ و هي استراتيجية تنم عن فقر في الاجتهاد و حَوَل في الرؤية التي لم تر في القطاع سوى تحويل مؤسساته و بنياته على المزاد العلني..! وأصوات تعلو اليوم بجانب و ضد هذه الرؤية الرسمية، من المجتمع المدني تطالب بهيئة دستورية تعنى بقضايا الشباب و لو على المستوى الرمزي.. في هذا الملف آثرنا الاشتغال على سؤال الشباب من زوايا بحثية وأكاديمية لاستجلاء طبيعة التدبير العمومي لقضايا الشباب في أفق نقاش وطني حول راهن ومستقبل الشباب بالمغرب ..