تزامن الإعلان بالدارالبيضاء عن ميلاد كل من الاتحاد الإفريقي للوجيستيك والجامعة الجهوية للاتحاد الدولي للنقل الطرقي لإفريقيا مع توجيه أصابع الاتهام لقطاع النقل، باستغلاله غياب الإجراءات المواكبة لدخول مدونة السير حيز التنفيذ، ومساهمته إلى جانب الوسطاء في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بما فيها الدقيق والغاز الطبيعي والسكر التي تستفيد من دعم صندوق المقاصة. وبينما انصب اهتمام ممثلي 14 دولة إفريقية على بلورة مناخ جهوي جديد، يؤمن الرفع من حجم المبادلات بين الدول الإفريقية ويعالج الهفوات القانونية التي تحول دون انخراط كافة دول المنطقة في الاتفاقيات الدولية المنظمة للقطاع، فإن اهتمام الأوساط المغربية انصب على ما يروج حول احتمال تراجع وزارة التجهيز والنقل عن بعض مقومات المدونة، وفي مقدمتها احترام الحمولة القانونية للشاحنة. الربط بين الخطوات المبذولة على مستوى إنشاء تنظيمات قارية تؤمن لدول المنطقة الاستفادة من مكانة المغرب الجيواقتصادية، وبين الغلاء الذي أنهك القوة الشرائية للأسر المغربية مباشرة بعد دخول مدونة السير حيز التنفيذ، يمليه الوضع المتميز للمغرب والذي تجلى بشكل واضح في المصادقه بالإجماع على تولي المغرب، ممثلاً في شخص عبد الإله حفظي، رئاسة الاتحاد الإفريقي للنقل واللوجيستيك، وعلى اختيار الدارالبيضاء كمقر مركزي للاتحاد، ثم في إعلان ممثل الاتحاد الدولي للنقل الطرقي «IRU» عن الشروع بعد بضعة أشهر في وضع مقر جهوي دائم بالدارالبيضاء ليكون رابع مندوبية جهوية بعد مقرات موسكو بروسيا وبروكسيل ببلجيكا، واسطمبول بتركيا، كما تمليه الصورة النمطية المرسومة عن الحكامة بالقارة الإفريقية والمتمثلة في انتشار الرشوة وفي غياب الأمن والاستقرار، وتمليه كذلك الحاجة الملحة إلى اعتماد قطاع النقل واللوجيستيك كرافعة لبلوغ أهداف البرنامج الأممي للألفية في القارة الإفريقية. المكانة المتميزة للمغرب تجعله محط أنظار كل الأفارقة، خاصة أن عدد المنخرطين مرشح للارتفاع من 14 دولة إلى حوالي 30 دولة إبان انعقاد أول اجتماع للمكتب التنفيذي ما بين 24 و 27 نونبر 2010 بالدارالبيضاء، بموازاة مع المعرض الدولي للنقل والحركية واللوجيستيك «لوجيسترا». فالحكامة تقتضي من السلطات الوصية على القطاع أن تتخذ ما يكفي من الإجراءات المواكبة للقوانين المصادق عليها، وأن تلتزم بوعودها لتفادي اضطرار اللوبيات إلى استعمال قوتها في أساليب الضغط المضرة بالاقتصاد الوطني والمخلة بالأمن. فأي تنازل جزئي عن بعض مقتضيات القانون، كما هو الشأن بالنسبة لإعفاء سائقي سيارات الأجرة من استعمال حزام السلامة دون إصدار أي قانون أو مرسوم في هذا الشأن، يمكن أن يتحول إلى سابقة للتنازل عن المزيد من القوانين، ولم لا القانون المنظم للحمولة؟ لقد ألح ممثلو الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي للنقل واللوجيستيك على ضرورة إشراك كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الهيئات الدولية والحكومات والمهنيين في بلورة علاقات جديدة تجعل النقل واللوجيستيك في خدمة التنمية الاقتصادية والبشرية، وهذا الإلحاح ينطبق بشكل أكبر على المغرب ، الذي يراد منه أن يقوم بدور القاطرة الإفريقية في الميدان، لأن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة لا يمكنه أن يكون وليد التنظيم المحكم والحكامة الجيدة، وإنما وليد الهرولة وراء المصادقة على قوانين دون توفير شروط تطبيقها بشكل ينصف الجميع ويمكن من بلوغ الأهداف المرتقبة منها.