خطوة وحدوية بامتياز أقدمت عليها الفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب بتذليل الصعوبات والعراقيل القوية، ومغالبة المطبات التي عثرت العمل المشترك بين المركزيتين النقابيتين، وحالت دون تواصل العطاء المشترك والتنسيق بين المنظمتين، بل تلبدت غيوم كثيفة حجبت الأفق ليصبح التباين والتباعد سيد الموقف فغطى شهورا عديدة. لقد تغلبت إرادة القيادتين، وانتصر الوعي بالظرفية ومتطلباتها، والحس الاجتماعي المرتبط بحاجيات وانشغالات الشغيلة المغربية، للدفع بمبادرة لمَّ الشمل باستحضار دواعي تاريخ مشترك، وبواعث خلق مبادرة وحدوية مطلوبة تشكل حاجة موضوعية تكشف عن نفسها في مواجهة الملفات ومعالجة القضايا، واتخاذ المواقف، وفي المعارك النضالية دفاعا عن الحقوق والمكتسبات. الإرادة المشتركة في تجاوز الخلافات والصعوبات وضعت حدا للتشنجات السابقة، وفتحت الباب واسعا أمام خطوات جدية عبدت الطريق لاجتماع مشترك، جسَّد الإرادة الوحدوية للفيدراليين وأعضاء الاتحاد العام للشغالين، وهذا ما عكسه البيان المشترك الذي أعطى الملامح العامة للمبادرة، والتحرك بوعي منفتح على باقي المنظمات النقابية المناضلة لحشد الدعم المطلوب في الساحة الاجتماعية، ومواجهة التملص الحكومي من الالتزامات، وعدم التجاوب مع المطالب والانتظارات. لقد وقف البلاغ المشترك على الإطار المرجعي للعلاقة بين المنظمتين النقابيتين، باعتبار المحطة الحالية امتدادا لما تراكم منذ عقود، والذي كشف عن نفسه بامتياز في الإضراب العام خلال 14 دجنبر 1990، وما شكله من قوة ودعم للقوى الوطنية الديمقراطية وهي تشق طريقها الوعر من أجل «التأهيل السياسي الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا». كما أكد البلاغ المشترك الموقف الثابت والمبدئي بخصوص تطورات ملف الوحدة الترابية لوطننا، والتنديد بالفعل الإرهابي لجماعة البوليساريو باختطاف المصطفى ولد سلمى المعتقل بأحد المخابئ السرية للانفصاليين، ومطالبة المنتظم الدولي وكل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم بفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل البوليساريو والمدعمين لهم، ودعوة مختطفي هذا المواطن المغربي الصحراوي بإطلاق سراحه، وفك الحصار المضروب على المغاربة الصحراويين بمخيمات تندوف. وطبيعي أن تحضر فلسطين كمشترك بين المركزيتين بثقلها، كقضية تحظى بالدعم الكامل والمساندة المطلقة بالنسبة لعموم الشعب المغربي. وبالنظر لدقة المرحلة وتداعياتها، واحتداد الأزمة وانعكاساتها على أوضاع عموم المأجورين، أكد البلاغ المشترك التأهب والاستعداد لمواجهة تحديات المرحلة بكل إكراهاتها. كما جسد بلاغ المنظمتين النقابيتين انفتاحه، بالعمل المشترك على باقي الفاعلين في الحقل النقابي لتكريس قيم العمل الوحدوي. إنها خطوة تتطلب خطوات أخرى من أجل دينامية تفتقر لها الساحة الاجتماعية، بهدف تجاوز الانغلاقية والحسابات الضيقة، وتحريك سكونية المشهد النقابي والساحة الاجتماعية من خلال مواقف ونضالات ومبادرات مشتركة تقوي الفعل النقابي ببلادنا، وتخلق الشرط المناسب للتقدم في معالجة إشكالات الملف الاجتماعي بالمغرب.