قررت وزارة التربية الوطنية في الموسم الدراسي الحالي2011-2010 تعميم مقاربة تأمين الزمن المدرسي من خلال تفعيل تدابيره ومساطره القانونية والإدارية بهدف تمكين المتعلمات والمتعلمين من حقهم الكامل في التربية والتكوين وضمان استفادتهم من الحصص الصفية المبرمجة ومختلف الأنشطة الداعمة المرتبطة بها في ظروف تربوية ملائمة . ويشكل تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم أحد رهانات المخطط الاستعجالي الذي يجعل المتعلم(ة) في صلب العملية التربوية ونقطة ارتكاز كل المشاريع و العمليات والتدابير المتخذة . لضمان حق التلاميذ في الاستفادة من الغلاف الزمني للتمدرس كاملا وترسيخ أخلاقيات المهنة ، أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي مذكرة رقم 154 بتاريخ 16 شتنبر 2010.وهي خلاصة لنتائج الدراسات التقويمية المنجزة بخصوص تدبير الزمن المدرسي وزمن التعلم والتي أبانت حسب المذكرة عن وجود اختلالات وازنة من تبعاتها عدم إتمام البرامج الدراسية المقررة وتفويت قدر هام من فرص التعلم بالنسبة للمتعلمات والمتعلمين وتواضع التحصيل والأداء الدراسيين للتلاميذ ... المقاربة الجديدة الرامية إلى تأمين الزمن المدرسي تم تجريبها في 3 أكاديميات و9 نيابات و108 مؤسسة . وتستهدف هذه المقاربة أساسا تنسيق جهود المتدخلين وتدقيق المسؤوليات بشكل مندمج وتعزيز المساهمة المجتمعية لمواكبة عمليات تأمين الزمن المدرسي وترسيخ ثقافة الالتزام والوعي بتكامل ثنائية الحق والواجب ..، وللتذكير فقط ، فقد رصدت لوزارة التربية الوطنية سنة 2007– وقد يكون هذا من أسباب النزول – ما يقارب 168000 يوم غياب أي ما يقابله بلغة الأرقام المالية 17 مليون درهم ، وهي كلفة قد تبدو ثقيلة بدون شك ، وإذا كان التفاوت مؤكدا حسب أكاديميات المملكة ، فإن الدراسة التي أعدتها وزارة التربية الوطنية بذات السنة بوأت جهة مكناس تافيلالت الصدارة في تغيبات المدرسين بما قدره 67535 يوم عمل ، تليها أكاديمية الرباطسلا زمور زعير والتي سجل بها 35000 يوم ، وتشكل نسبة التغيبات بالأكاديميتين معا ما يفوق 60 في المائة من نسبة التغيبات بالنسبة لباقي الأكاديميات بالمغرب . فماهي المداخل المعتمدة في بناء عدة لتأمين الزمن المدرسي وإرساء آليات القيادة والتتبع لتنفيذه ؟ تعتمد هذه العدة حسب مضمون المذكرة على أربعة مداخل أولها : إرساء آليات الشفافية عبر نشر لوائح الموظفين والأعوان وترقيم المكاتب وإعلان أسماء الموظفين ونشر جداول الحصص الدراسية واستعمالات الزمن الخاصة بالأقسام والمقرر السنوي والغلاف الزمني الخاص بتنظيم السنة الدراسية ، الأمر لن يقف عند هذا الحد ، بل سيتجاوز هذا ليشمل نشر لوائح المستفيدين من التراخيص الممنوحة وأسماء المتغيبين عن العمل بشكل مبرر أو غير مبرر.. ويروم المدخل الثاني إرساء ثقافة الرصد والتتبع على أسس واضحة ومضبوطة وذلك عبر تعبئة واستثمار سجل المواظبة وإعداد تقارير دورية لتتبع الغياب وضبط التراخيص الممنوحة للموظفين وتضمين تقارير التفتيش التي تجري على المؤسسات التعليمية والوحدات الإدارية وضبط المعطيات المتعلقة بالتغيبات ، مما سيسمح بوضع خريطة حول مؤشرات الغياب والاستثمار المعلوماتي للتقارير.. أما المدخل الثالث ، فينبني على المعالجة البيداغوجية ، ويستهدف تركيز الاهتمام على تحصين الزمن المدرسي والعمل على استفادة التلاميذ من زمن التعلم عند تغيب أساتذتهم وذلك بالحرص على تعويض حصص التغيب والاجتهاد في إيجاد كل الحلول البيداغوجية الممكنة والصيغ التربوية المناسبة عبر اعتماد العديد من الآليات ومنها الاحتفاظ بالتلاميذ داخل المؤسسة في حالة تغيب المدرسين وتعويض ساعات الغياب مع برمجة حصص استدراكية في حالات التوقف الاضطراري الناجم عن الاضطرابات المناخية ، يصاحب هذه الإجراءات القيام بزيارات بيداغوجية تفقدية وعقد اجتماعات دورية للدراسة والتشاور وتوفير بنك الحلول والبدائل ... وحرصت المذكرة من خلال المدخل الرابع على تبني المعالجة الإدارية بهدف – حسب منطوق المذكرة - تأصيل مبدأ تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في الممارسة المهنية وذلك من خلال إرسال التقارير إلى الجهات المعنية واتخاذ التدابير الإدارية داخل الآجال المقررة وتحريك المسطرة التأديبية عند الاقتضاء وتوثيق العمليات المتعلقة بالتغيب ، وسيتم تدبير هذه المداخل بواسطة نظام للمعلومات يضمن توفير المعطيات المطلوبة ونشرها بطريقة شفافة على كافة مستويات التدخل ، كما سيتم تعزيز هذه المداخل ودعم تطبيقها الميداني بإرساء مراقبة منتظمة ستبرمج بشكل دوري خلال السنة الدراسية .. وحرصا على نجاح هذه العملية ، تقرر تشكيل فريق للقيادة والتتبع الميداني توكل إليها مهمة مراقبة سير المرفق التربوي وتأمين الزمن المدرسي للتلاميذ والسهر على التطبيق الفعلي والناجع لمقتضيات العدة ورصد الاختلالات المسجلة في الميدان ، واقتراح الحلول الضامنة لسلاسة العمل بمختلف التدابير والإجراءات الكفيلة بتأمين استفادة جميع التلاميذ من الغلاف الزمني السنوي ...وتعمل هذه الفرق تحت إشراف النائب بالنسبة لقيادة الفريق الإقليمي وفريق التتبع الميداني ومدير الأكاديمية بالنسبة للفريق الجهوي والكاتب العام للوزارة بالنسبة للفريق المركزي ... مذكرة الوزارة والتدابير المصاحبة لها من المؤكد أن تحاصر إلى حد ما ظاهرة الغياب في صفوف هيئة التدريس وتؤمن في حدود معقولة الغلاف الزمني للتلاميذ ، لكن أقوى ما يمكن أن يؤمن المستقبل هو حوار وطني صادق حول أخلاقيات المهنة من أجل تجديد التعاقد بين المدرسة والمجتمع ، وهو شرط من شروط التعبئة المجتمعية حول المدرسة العمومية اليوم .