بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للسلام الذي يصادف 21 شتنبر من كل سنة، نظمت اللجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة ندوة وطنية حول «دور المناهج التربوية في تعزيز ثقافة السلام» بمشاركة العديد من المختصين والخبراء والمهتمين بشؤون التربية والمجتمع. وفي كلمتها الافتتاحية قالت السيدة ثريا ماجدولين، الأمينة العامة للجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة، «إنه في ظل المناخ العالمي الحالي، المتسم بانتشار بؤر العنف واللاسلم، تأتي ضرورة التفكير في كيفية ملائمة لبناء حصون للسلام وإيجاد مناهج تربوية قادرة على إعداد الأجيال الجديدة بطريقة تمنع وقوع المآسي، من منطلق أن التربية تعتبر الأداة الأكثر فعالية للوقاية من التعصب ومعرفة الأفراد لحقوقهم وواجباتهم». ومن جهتها، دافعت السيدة لطيفة العبيدة، كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، في الكلمة التي ألقاها باسمها السيد عبد الإله المصدق رئيس ديوانها، عن حصيلة المملكة المغربية في مجال إرساء ونشر ثقافة السلام عبر المناهج التربوية، وقالت «إن ورش إصلاح المناهج والبرامج بالمغرب، بعد إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين، يشكل أحد المداخل الرئيسية لتعليم ناشئة متشبثة بهويتها الوطنية ومنفتحة»، وأضافت أنه «جرى تضمين الكتب المدرسية للقيم الإسلامية السمحة، وتكريس اختيار آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على التسامح» . وفي كلمته أكد السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على أن الحديث عن ثقافة السلام يأتي في مكانه «لأن الحرب والسلم ليست مسألة تهم الدول والمنظمات والأجهزة الكبرى، بل مهدهما يوجد على مستوى الفرد وكل واحد في المجتمع مسؤول عن المحافظة على السلم بجميع أوجهه». كما ذكر أن «المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يعطي أهمية خاصة لنشر ثقافة حقوق الإنسان في تخطيط منسجم مع وزارة التربية الوطنية ويعمل حاليا على توسيع دائرة الاهتمام بهذا الموضوع خدمة لقضيا السلام». أما السيد عبد اللطيف المودني، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، فقد حدد مجموعة من المداخل التي من شأنها النهوض بثقافة السلام في المناهج التربوية، ومنها التأكيد على أن النهوض بها مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والإعلام ومختلف المؤسسات التأطيرية، ثم الارتقاء البيداغوجي بثقافة السلام، وهو الأمر الذي «لن يتأتى بجعله مادة تخصص دراسي، بل بحضوره في جميع المواد والوسائط التعليمية، وعلى مستوى القيم المزاوجة بين المحلي والكوني». السيد فيليب كيو ممثل منظمة اليونسكو بالمغرب العربي ذكر بمفهوم ثقافة السلام كما نصت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأشار إلى أن «تعزيز ثقافة السلام يرتكز على ثلاث محاور أساسية هي : نهج تربية جيدة تنبذ العنف وتؤسس للتسامح والحوار والاحترام المتبادل ودعم جميع المبادرات التي تِؤسس للسلام والوقاية من النزاعات». كما أشاد بالمجهودات التي يقوم بها المغرب لتكوين المواطنين وتحسيسهم بقيم السلام ونبذ العنف. وبعد كلمات الافتتاح ألقت السيدة عزيزة بناني، السفيرة المندوبة الدائمة للمملكة المغربية لدى اليونسكو محاضرة بعنوان «آفاق العمل في نهاية العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم بالنظر إلى السياق العالمي الحالي»، وقد ذكرت في محاضرتها بمبادئ مفهوم ثقافة السلام وبالأهداف التي كانت متوخاة من العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم وبالمجهودات التي بذلتها منظمة اليونسكو في هذا المجال بصفتها الوكالة الراعية والمنفذة لهذا العقد. كما ألقت الضوء على مشروع المديرة العامة الجديدة لليونسكو الذي يتسم برؤيا واعدة لأنسية جديدة للقرن الحادي والعشرين ودخول ملف ثقافة السلام في سيرورة جديدة باليونسكو. وقالت إن هذه التغيرات في المواقف تأتي ثمرة للمجهودات التي قامت بها المندوبية الدائمة للمغرب بمساندة عدد كبير من الدول الأعضاء من أجل إعادة تنشيط المهام الأساسية لليونسكو ووضع مشروع برنامج لثقافة السلام متعدد التخصصات والقطاعات. وفي ختام مداخلتها قالت إنه حان الوقت للتعبئة من أجل مبادئ أساسية وقيم مشتركة على مستوى سلوكنا اليومي وطريقتنا في التفكير للدفع بدينامية السلام. وتناولت الندوة الوطنية موضوع دور المناهج التربوية في تعزيز ثقافة السلام في جلستين، تداول خلالهما المشاركون موضوع «ثقافة السلام في السياسات التعليمية»، حيث تحدث كل من محمد سبيلا ، مصطفى محسن ومحمد فاتحي إلى جانب عبد النبي دشين عن مكانة ثقافة السلام في السياسات التعليمية، أما الجلسة الثانية فقد خصصت لموضوع «دور المدرسة في إرساء ثقافة السلام»، حيث تناول الكلمة متخصصون من مديريات المناهج والحياة المدرسية، إلى جانب ممثلين عن اليونسكو والإيسسكو. وعينت اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ممثلين عن الهيئات المعنية لتهييء توصيات بشأن تعزيز ثقافة السلام في المناهج التربوية.