الفنان أحمد الناجي، ابن مدينة سلا المعروف بأناقة اللباس التقليدي في عطاءاته التلفزيونية والسينمائية والمسرحية التي ناهزت في الزمن ال40 سنة، يقول أشياء كثيرة حول التلفزيون والسينما والمسرح في المغرب الراهن، ويتحدث لنا عن بعض أسباب تعثر تطور التلفزيون والمسرح ببلادنا، وعن التطور الذي شهدته كما يقول، السينما المغربية نسبيا في السنوات الأخيرة ... ما رأيك في واقع السينما المغربية في ال10 سنوات الأخيرة؟ السينما عرفت بالمغرب في السنوات الأخيرة تطورا نسبيا يجب الإعتراف به، هذا التطور يمكن تحديده في تطور الإنتاج السينمائي على مستوى الكم. فالواقع هو أنه أصبحت هناك دينامية هذا صحيح، لكن المؤكد هو أنه يجب تطويرها أكثر مما عليه الآن، لأن النقاش حول مضمون إنتاجاتنا السينمائية الوطنية في السنوات الأخيرة، يقول، بأفلام منها ما هو جيد ومنها ما هو متوسط ومنها ما هو غير جيد، فالتطور وقع على مستوى الكم في السينما المغربية أكثر مما وقع هناك تطور على مستوى النوع والجودة والإبداع، هذا إلى ضرورة الحديث الدينامية الجيدة التي تطلقها بعض المهرجانات .. في ظل واقع شبه غياب البنيات التربوية السينمائية في المجتمع المغربي، كيف يمكن أن نتحدث عن تطور حاصل في السينما الوطنية، هل المهرجانات وحدها تكفي؟ مؤكدا لا، فتطور السينما يستدعي أيضا تواجد ثقافة فنية داخل المجتمع وهذا هو دور المؤسسات التعليمية العمومية الذي لا تفعله، كما أنه ليس هناك تشجيع للقاعات السينمائية، لأن المشكل المطروح حول القاعات السينمائية المغلقة هو نابع من أسباب متعددة، لكن ما هو مهم، هو أن ارتباط الجمهور بالمجيء إلى إسينما أمر لا يكون سوى بخلق تربية فنية بين أفراد المجتمع، لأن لا القرصنة وحدها ولا قنوات الساتليت، يمكن لها أن تدفع بتخلي الإنسان عن السينما، و هنا أريد أن أوضح أمرا سأحكيه في سفرية كانت إلى مصر سنة 1990 في مهرجان مسرحي دولي كنت مشاركا فيه، و لما اقتربنا من مدينة القاهرة نزلنا نستريح في مكان يتواجد به بعض باعة الكرموص و بينما توجهت إلى أحدهم أسأله عن ثمن الكرموص حتى رأيت شكلا خشبيا في شكل دوديكاإدر يضعه أحد الباعة فوق الأرض، بصراحة أعجبني شكله وذهلت به لما أمسكت به، فقررت في ذهني شرائه، و قلت له بشكل عادي بكم العلبة. فأجابني أن العلبة الخشبية هي ليست للبيع، وأنه اشتراها ليضع بداخلها 3 ريالات كل يوم مما يجنيه من بيع الكرموص ليوفر كل يوم أحد تذكرة الدخول إلى المسرح والسينما، وضعت العلبة الخشبية في صمت وذهبنا من المكان. ولو ب 1000 قاعة سينمائية، فبدون تربية فنية تعم وسط المجتمع لا يمكن للسينما الوطنية أن تتقدم أكثر مما عليه، لأنه يجب ألا ننسى أن غاية السينما هي خلق نقاش حول قضايا مجتمع وصناعة الأذواق وتهذيب النفس، وهذه أشياء لا يمكن أن تحصل إلا بتحيين العلاقة مع المشاهدين عبر تشجيع القطاع الخاص بالنسبة للقاعات السينمائية وتفعيل السياسات المتعلقة بالمجال الفني وشيء أساسي وضروري وهو التكوين والبرنامج الجيدان اللذان ينتجا الجودة والإحترافية، وهذا ما ينطبق أيضا على مستوى المسرح والتلفزيون، إلا أن ما لا شك فيه هو أن مشاكل الفن في المغرب واحدة لا بالنسبة للمسرح ولا بالنسبة للسينما أو الموسيقى أو غيرها، سببها الرئيسي عدم تشجيع المواهب الحقيقية وضعف التكوين وأموال تذهب سدى في سبيل إنتاجات لا علاقة لها بالإحترافية وبالإبداع . كيف هو في نظركم مستوى التلفزيون في المغرب، بالنسبة لأعمال الأفلام والمسلسلات والأعمال الفكاهية الرمضانية الأخيرة؟ هناك أعمال جيدة وأخرى متوسطة، هذا هو رأيي خاصة بالنسبة للسنتين الفارطتين، وهناك من الأعمال التلفزيونية الجيدة التي ترفض، لماذا ذلك، مقابل حضور واسع لأشخاص لا علاقة لهم بميدان التلفزيون، وجمود دور النقابة التي لا تدافع عن أي شيء،.. يطرح أيضا في سياق الحديث عن المسلسلات والأعمال الفكاهية لشهر رمضان المنتهي، غياب مجموعة من الممثلين البارزين الذين لم نراهم أبدا في الشهر الفاضل رغم توفرهم على إمكانية لعب أدوار الجد، الأب العم، الخال... لكنهم لم يناد عليهم. فالقول كل القول هو أن الأعمال التلفزيونية الوطنية المقدمة تتحكم لوبيات في اختيارها، اختيارات مبنية على الوساطة والمحسوبية.. والنتيجة المؤلمة حقا هي الرغبة في صناعة النجوم في أشهر في مجال الفكاهة ، النجومية في أي مجال فني تكون بتتويج لمسار فني قعد بالمثابرة والإحتكاك برجالات الفن المحترفين ولا يصنع النجم بتاتا في ثلاثة أشهر، كما نرى في التلفزيون المغربي. فهنا أنا لست ضد الشباب الصاعد في مجال التمثيل على العكس من ذلك ، لكني ضد التفريط الذي يصيب العديد من الممثلين، منهم مبدعون حق الإبداع لم نعد نراهم قبل سنين، عندما نتكلم عن وضعيتهم الإجتماعية، فهي وضعية بئيسة لا تليق بالفنان المغربي. كيف ترون علاقة أصحاب رؤوس الأموال في المغرب بالفن وبالإستثمار في تطويره؟ يقول مبتسما ، بالأحرى فكلامك عن طبقة اجتماعية سائدة في المجتمع المغربي وعن علاقتها بتطوير الفنون في مجتمعها، سأجيبك بأنها لا تفيد الفن ولا تضره في الوقت ذاته، هذا ما عندي في هذا الباب.