مرت خمسة أيام على اعتقال مصطفى سلمة ولد مولود، ولم تكلف وكالة فرانسا للأنباء نفسها لكي تحرر خبرا حول الموضوع، وفي اليوم السادس نشرت خبره على لسان البوليزاريو. وحولت الرجل إلى مجرد جاسوس مغربي تعتقله الحركة «الثورية العظمى» المسؤولة عن نقاء المصير الكوني!! فقد وردت علينا من الجزائر قصاصة تقول فيها «إن «سفير» البوليزاريو في العاصمة الجزائرية إبراهيم غالي أعلن أن البوليساريو اعتقلت في الصحراء الغربية مسؤولا في الشرطة الصحراوية متهما بالتجسس لحساب المغرب وبالخيانة». نفس المصدر الغالي.. والنفيس (لماذا لا) أوضح للزملاء في فرانس بريس أن هذا المسؤول مصطفى سالمة ولد سيدي مولود قد اعتقل «في الأراضي المحررة» في مهيريز التي تبعد ثلاثين كيلومترا عن الحدود الموريتانية و400 كلم عن مدينة تندوف الجزائرية التي تأوي حوالي100 ألف لاجئ صحراوي. وذكرت وكالة الأنباء الصحراوية، نقلا عن بيان للأمانة العامة للشرطة الصحراوية، أنه ستوجه إلى هذا الشرطي «عدة تهم أبرزها التجسس لحساب بلد في حالة حرب مع الجمهورية الصحراوية». وأكدت الأمانة أن مصطفى «أعلن صراحة ولاءه» للمغرب الذي «زوده أسرارا» تتعلق بمؤسسات بلاده، وقام «بأنشطة تجسس لحساب بلد في حالة حرب مع الجمهورية الصحراوية للإساءة إلى أمنها ونظامها». وذكر «سفير الجمهورية العربية الديموقراطية الصحراوية» (أعلنت من جانب واحد في 1976 ) أن هذا المسؤول في الشرطة الصحراوية «سيحال على القضاء بتهمة الخيانة ولن تبقى محاكمته سرية». وقال هذا الشرطي البالغ من العمر42 عاما «أؤيد بدء الحوار بين البوليساريو والمغرب على قاعدة خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، وسأعود إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف للدفاع عن هذا الخيار». ودان المغرب اعتقاله وكذلك منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الانسان . وبعد الإعلام (الفرنسي) والسلام!! طبعا البيان يستوجب عدة ملاحظات : 1 - أن الغالي سفير دولة.. 2 - الجمهورية قائمة وصائمة ودائمة.. 3 - أنها في حالة حرب مع دولة المغرب( الكتاف تقادو نعم السي).. 4 - أن المعتقل جاسوس أفشى أسرار بلاده (كذا) لدولة المغرب.. 5 - أن هذا الشرطي (نعم) ستتم محاكمته ..! 6 - أن الأرض ليست مدورة الشكل.. 7 - أن السماء ليست بالضرورة فوقنا.. 8 - أن أركان الإسلام وأركان الحرب تعني نفس الشئ.. 9 - أن الرئيس المؤسس لدولة الجمهورية العربية الجزائرية الصحراوية هو.. أفلاطون 10 - أن الصحافة منتوج صرف لشركة صوناطراك الجزائرية. 11 - أن النشيد الوطني للجمهورية الصحراوية هو: من، متى، ماذا، وأين، وكيف، ولماذا...لا يدرس بالفرنسية. 12 - أن الأراضي المحررة في مخيلة الرئيس عبد العزيز تضم صفرآلاف وصفرمائة وصفرا وصفرين ألف نسمة مع الاعتقال. 13 - أن تندوف لا تقع في الحدود الجزائرية الحالية.. 14 - وأن ... الله يلعن اللي ما يحشم! وإذا كانت وكالة فرانس بريس في الجزائر تتحدث بلسان الغالي الانفصالي، فإن زميلتها في الرباط، تكلمت بلسان .. الطير ولم يفهمها أحد، لأنها بكل بساطة، ولحد كتابة هذه السطور، لم تكلف نفسها عناء الإخبار بما يقع في مخيمات تندوف، من اعتقالات وظروف استثناء. ولا يبدو أن المكلفين هنا يعتبرون اعتقال مصطفى سلمة ولد مولود، ولا طرد الصحافيين المغربيين اللذين زارا الجزائر، «حدثا» يستحق منهم أن يلتفتوا إليه، أو تحولا في المنطقة يسترعي من الواقفين على مكتب الرباط ومكتب العاصمة باريس تتبعه، في حين عودتنا هذه الوكالة المسارعة (المصارعة في الواقع) إلى كل ما يمت بصلة إلى المغرب عندما يكون ضده مهما صغر شأنه أو تهاوت مصداقيته. لقد اختار الواقفون على مكتب الرباط - على الأقل لأنهم الأهم بالنسبة لنا- الصمت والعمى والعطالة الإعلامية لأنهم اختاروا أن يكونوا ضد البلاد في هذه القضية الأساسية، قضية ولد مولود، كما اختاروا أن يتنكروا للمهنة وأخلاقياتها، مادام الذين يعانون من ذلك مغاربة وليسوا من فصيل الداعين إلى محاربة المغرب. لقد اختارت الوكالة صفها في ما يبدو وتحولت إلى حليف يعزز« الطابور» الإسباني وغير الإسباني من المعتمدين في بلادنا .. العامل لفائدة الأجانب! هناك حدود لن نقبل بها، ولن نقبل بأن تقبل بها بلادنا، والصحافيون المغاربة يدركون أن الخيارات ليست اعتباطية أو عشوائية، وأنه آن الأوان لكي تتحدد وسائل العمل مع كل هؤلاء! وفي انتظار ذلك، يبدو أنه يلزمنا غير قليل من الوقت لكي نتعود على معجزات أصدقائنا في الوكالات الفرنسية المعتمدة لإخبار المغرب. ولا بأس أن يخبروننا بأنهم «مفتوحون للعمل في أوقات المناسبة لتلطيخ سمعة المغرب، وغير ذلك فقد تم تحويل بنود الاهتمام إلى ... وكالة الجزائر». ورحم الله سانت ايكزوبيري الذي كان يقول أن«المعجزات الكبيرة والحقيقية لا تحدث ضجيجا كبيرا»!!!!