منذ تأسيسها، لم تتطور جبهة البوليزاريو في صياغة تكتيكاتها ومناوراتها تجاه المغرب بالشكل الذي تنحوه هذه الأيام. الحدث بامتياز، هو أن مفتشا عاما للشرطة بتينذوف يدخل المغرب وينظم ندوة صحافية في مدينة السمارة، ويعلن فيها أن مقترح المغرب القاضي بتمتيع المناطق الجنوبية ب-حكم ذاتي موسع-في ظل السيادة المغربية، هو مقترح "وجيه". إلى هنا كل شيء عادي جدا، فقد توافدت خلال الشهور والأيام القليلة الماضية بعض الوجوه الصحراوية على المغرب وتبنت مقترح الدولة المغربية وتعيين بعضهم إما عمالا ملحقين بوزارة الداخلية أو سفراء كما حدث مع أحمد ولد سويلم مؤخرا. لكن الشيء غير العادي بالنسبة للملاحظين والمهتمين بقضية الصحراء، هو أن يعود الضابط - مصطفى ولد سلمى - إلى تينذوف وبهذه البساطة الغريبة نوعا ما، مصادر عليمة أكدت ل "مرايا بريس" أن هذه تعد سابقة من نوعها في تاريخ جبهة البوليزاريو، وأنه لم يسبق أن هاجم صحراوي، قيادة البوليزاريو وتبنى الطرح المغربي، ويعود هكذا إلى تينذوف دون أن يُغتال أو يُسجن. وأعطت مصادرنا المثال ب"المحجوب ولد السالك" زعيم ما يسمى بتيار "خط الشهيد" وهو تيار معارض لجبهة البوليزاريو، وتساءلت مصادرنا عن أنه كيف يعقل للمحجوب السالك وهو السياسي المدني أن يلجأ أو - يفر - إلى موريتانيا خوفا من اعتقاله أو اغتياله من طرف البوليزاريو، في حين أن الضابط والمفتش العام لشرطة البوليزاريو "مصطفى ولد سلمى" يعود إلى تينذوف دون أن يتعرض لأي مكروه. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن البوليزاريو بدأت - تسخر وتتهكم - على الدولة المغربية في عقر دارها، وأن الهدف الأساسي من هذه الخرجة الأخيرة لمصطفى ولد سلمى هي أن رفاق عبد العزيز المراكشي، يريدون القول للعالم من جهة، إننا ديمقراطيون أكثر من الدولة المغربية التي تعتقل أصوات معارضة لطروحاتها، ومن جهة ثانية، تريد أن تمرر رسالة إلى قيادييها ومسؤوليها الذي لهم رأي يؤيد الطرح المغربي بشأن - الحكم الذاتي - أن يقوله ويعبر عنه جهارا ويعود إلى تينذوف دون أن يخشى شيئا. فالبوليزاريو - تضيف مصادرنا - تريد القول إننا لسنا مثل الدولة المغربية التي تدعي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وفي نفس الوقت تعتقل - صحراويين - فقط لأنهم زاروا تينذوف وعبروا عن حقهم في تقرير المصير. إنها معركة حامية الوطيس ستبدأ في شنها جبهة البوليزاريو مستقبلا - تؤكد المصادر نفسها - من جهته أبرز أحد الصحراويين وهو من المحسوبين على ما يسمى ب"انفصاليي الداخل" أن التكتيك الجديد للجبهة شعاره هو - نصف خسارة - وليس خسارة في انتظار النصر، مبرزا في ذات الوقت أن هناك فعلا أصوات صحراوية تتبنى مقترح - الحكم الذاتي - لكنها كانت تخشى في السابق التعرض لمكروه بعد التعبير عن ذلك في المغرب والعودة إلى تينذوف وتفضيلهم الإلتحاق بالإدراة المغربية، وأن التكتيك الجديد - يشرح مصدرنا - جاء ليحد من هذه الظاهرة ويبعث الإطمئنان في نفوس صحراويي تينذوف، بأن لا خوف أبدا من التعبير عن مواقفهم داخل التراب المغربي والعودة إلى تينذوف دون أي خوف، محذرا في ذات الوقت من أن التخمينات التي تقول أن مصطفى ولد سلمى قال ما قال فقط، لأنه محمي من طرف قبيلته "الركيبات" هو كلام غير معقول نهائيا مشيرا في ذات السياق، أنه لو كان الرجل ينفذ فقط - مخطط قيادة الجبهة - وأنه لو كان محميا من قبيلته الركيبات، لكانت الآن كل قبيلة الركيبات على التراب المغربي وليس في تينذوف، يختم المصدر بكثير من الإزدراء.