عندما جاء مولاي اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية وعضو مجلس الرئاسة بنفس الحزب، إلى الحياة سنة 1940، لتضمه أسرة تقليدية كثيرة العدد، تعيش تحت سقف «الدار الكبيرة» بمدينة سلا. وهي أسرة عريقة تنحدر من نسل المولى اسماعيل. وربطتها بالقصر والأسرة العلوية روابط متينة. فعندما أتى هذا الصبي لم يكن أحد يخمن داخل الوسط العائلي، أن م اسماعيل العلوي سيصبح أحد قادة الحزب الشيوعي المغربي ،بل زعيما له. في الجلسة السابقة كشف لنا مولاي اسماعيل عن ميل خاص للتصوف ، وتساءلت هل يكون ذلك الميل مجرد نزوة ميتافيزيقية تحن لعقل وضعي . لكن يفصل الرجل في الأمر قائلا : قد يكون لهذا الميل علاقة بالمزاج وبتاريخي الشخصي، فمنذ كنت طفلا لوحظ عني ركوني إلى نوع من الخلوة و الانغماس في المطالعة في مكان هادئ . وطبعا يؤدي هذا النزوع مع تقدم العمر إلى أخذ مسافة بين الحياة العامة والحياة الجوانية .ولو أني ولدت في زمن أخر لكنت من النساك - يضحك - . وأعتقد أن هذا أمر سلبي ، وربما أضر بالحزب، ذلك أن الانخراط في الحياة العامة والحضور في العديد من المنتديات واللقاءات مسألة إيجابية بالنسبة لرجل السياسة ،إذ تتاح له الفرصة للاتصال بأصحاب القرار. وبالمناسبة أعتذر لرفاقي في الحزب لأنني لم أقم بذلك. لمن قرأت في عالم التصوف؟ لقد أثر فيّ كثيرا الأمير عبد القادر الجزائري ، وقرأت فصولا من الفتوحات المكية لإبن عربي ، وبعض ما كتبه العارف الكبير جلال الدين الرومي . ومتصوفة المغرب في الواقع لم اطلع كثيرا على أعلام التصوف المغربي ، لكنني معجب بمتصوفنا الكبير عبد السلام بن مشيش والذي تتلمذ على يديه الشاذلي . هل يسمح لك فكرك الوضعي بالإيمان بالكرامات؟ من دون شك هناك كرامات، ولكن ينبغي إدراكها على مستوى سيكولوجي وعلى صعيد المخيال. بدأت الدولة تهتم وتشجع بشكل أو بآخر التصوف وخاصة البعد الأخلاقي فيه، ماتقييمكم لذلك؟ ربما لاتعلن الدولة بشكل رسمي عن ذلك ، لكن الجميع يعلم أن هناك نوعا من العناية تخصص للزوايا والطرق بشكل عام، وتجدر الإشارة هنا إلى ان التوجه العام من أجل الاستقلال كان مناهضا لهذه الزوايا والطرق ويصنفها في خانة الشعوذة، لكن الموقف اليوم مختلف لعدة أسباب. تشكل الزاوية البودشيشية ظاهرة عالمية اليوم كيف تقيمها؟ تفرعت البودشيشية عن الزاوية العلاوية التي أنشئت في مستنغانم بالجزائر، والبودشيشية انفصلت عن العلاوية، وكلتا الطريقتين تؤكدان على المزج بين الحداثة والإيمان. وما يزعجني في كل الطرق الصوفية المعلنة رسميا هو ذلك التقديس الذي يضفيه المريدون على الشيخ ، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى التعصب .