عندما جاء مولاي اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية وعضو مجلس الرئاسة بنفس الحزب، إلى الحياة سنة 1940، لتضمه أسرة تقليدية كثيرة العدد، تعيش تحت سقف «الدار الكبيرة» بمدينة سلا. وهي أسرة عريقة تنحدر من نسل المولى اسماعيل. وربطتها بالقصر والأسرة العلوية روابط متينة. فعندما أتى هذا الصبي لم يكن أحد يخمن داخل الوسط العائلي، أن م اسماعيل العلوي سيصبح أحد قادة الحزب الشيوعي المغربي ،بل زعيما له. - أمام هذا الزخم من الأحداث والتشابكات السياسية، سيكون اسماعيل العلوي في حاجة إلى خلوة جديدة تسمح له بالتأمل وترتيب التصورات والأفكار. أين كان اسماعيل العلوي، العضو الشاب بالديوان السياسي للحزب الشيوعي المغربي؟ - لقد تكلفت خلال هذه الفترة بتدبير مقاولة فلاحية لضيعة عائلية صغيرة، انغمست في العمل الفلاحي ونشأت بيني وبين الأرض علاقة قوية. - ألا تعتقد أن هذا نوع من الهروب الشعوري، من تفاقم الأحداث السياسية؟ - ربما.. قد يبدو الأمر كذلك، المهم أنني كنت أجد راحتي في هذا العمل. - هل التقيتم بالراحل الحسن الثاني خلال هذه الفترة؟ - لا لم أر الحسن الثاني بشكل مباشر منذ أن زارنا كأمير بمنزل جدتي بالجديدة . ربما كنت قد رمقته من بعيد عندها نظمت له العائلة «كْرَامََة» بمنزلنا ببطانة سنة 1950، وكان حفلا رسميا حضره باشا المدينة الفاطمي والقاضي وغيره من الشخصيات. لكن سوف أراه مباشرة عندما استقبلنا بالقصر الملكي بإيفران كقادة الكتلة ومساعديهم سنة 1992، يومها قال الحسن الثاني كلاما غريبا أشبه ما يكون بالنبوءة، ظل يتردد في ذهني، خاصة وأن الوقائع صدقته فيما بعد... - ماذا قال؟ - لقد قال لنا، إنه لم يعد له سوى فترة زمنية لا تتجاوز السبع سنوات عن العمل الفعال، ويريد خلالها أن يشتغل مع أحزابنا.. . يرفع اسماعيل العلوي رأسه إلى الأعلى ويعد السنوات من 92 إلى 99 سنة رحيل الملك. يبتسم ويقول: غريب كأن الأمر نبوءة أم حساب دقيق للأطباء؟ لست أدري - ما هي انطباعاتك على فترة بداية التسعينيات وأفق الانتقال الديمقراطي الذي بدأ يلوح؟ - قد نتحدث لاحقاً حول هذا الموضوع، لكن هناك ملاحظة ظلت لصيقة بذاكرتي، خاصة وأنها تأتي من سفير السويد بالمغرب آنذاك، وملاحظاته كانت تعليقاً على فشل محاولة التناوب الأولى، إذ قال «هذه المرة الوحيدة في حياتي كدبلوماسي، أرى أناساً يرفضون عرضاً مقدما على طبق من ذهب».