الرباط .. الإعلان عن إطلاق شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    دول الساحل تُشيد بمبادرة المغرب لتمكينها من الولوج إلى الأطلسي وتؤكد تسريع تفعيلها    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    ربط المغرب بآسيا.. اتفاقية استراتيجية بين المكتب الوطني للسياحة وطيران الإمارات    إسبانيا تستعيد الكهرباء بنسبة 99 بالمائة بعد يوم صعب    وزارة الأوقاف تحذر المواطنين من إعلانات "مضللة" بشأن تأشيرة الحج    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    رغم صلاحية 93%.. تقرير يدعو للتحكم بشبكات الصرف الصحي للحد من تلوث الشواطئ المغربية    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    كيف ساهم الربط الكهربائي المغربي الإسباني في إنقاذ إسبانيا من أسوأ أزمة طاقة؟    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    أخبار الساحة    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    هلال يكشف لمجلس الأمن تزييف الجزائر للحقائق حول قضية الصحراء المغربية    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    "الجمعية" تحذر من انفلات صحي واجتماعي بالفقيه بن صالح    التيار الكهربائي يعود بشكل شبه تام في إسبانيا والبرتغال    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    فاطمة الزهراء المنصوري: عدد الطلبات الاستفادة من الدعم المباشر بلغ 128 ألف و528    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    الصين تتوقع زيادة بنسبة 27 في المائة في السفر عبر الحدود خلال عطلة عيد العمال    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليونيل جوسبان يتحدث عن نفسه: المسؤولية في قيادة الحزب الاشتراكي .. زيارتي الأولى لموسكو صحبة ميتران
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 02 - 09 - 2010

هذا الكتاب ولد عن فيلم يرصد نصف قرن من مسار سياسي وشخصي لصاحبه، الكتاب هو نقل كامل لعشرات الساعات من الحوارات التي تم تكثيفها حتى تستجيب لإكراهات وقت البت التلفزي، لكنه يحتفظ بتلقائية وأمانة الحوار الأصلي، ولو أنه خضع لإعادة كتابته حتى ينتقل من الحوار الشفهي إلى الشكل المكتوب، وبالتالي فهو أكثر ثراء ودقة في الوصف وأكثر عمقا في تحليلاته من صيغة الفيلم (الذي ثبته قناة فرانس2 في يناير 2010 في حلقتين من 90 دقيقة).
الكتاب ليس مذكرات لصاحبه، ولكنه سرد لحياة وبالأخص حياة سياسية، لشخصية نمت في قلب التاريخ الحديث للاشتراكيين ولليسار في فرنسا.
نكتشف فيه ليونيل جوسبان الشاب المولع بالرياضة والكتب والسينما، ثم المنخرط في أحداث عصره ومعانقة المثل الثورية ثم الدبلوماسي والأستاذ... ثم إلى جانب فرانسوا ميتران ومع الاشتراكيين وكيف تعلم ممارسة السياسة بهدف تحقيق التقدم والعدالة وعبر الوصول إلى السلطة بالسبل الديمقراطية. ثم كاتبا أول للحزب الاشتراكي، فوزيرا للتربية، ثم مرشحا للرئاسة سنة 95 وكيف استطاع إعادة الحزب الاشتراكي إلى الواجهة بعد 97 وحكم كوزير أول لمدة 5 سنوات وكيف تقاسم انكسارات وانتصارات الاشتراكيين في فرنسا.
لقد فاجأتني القطيعة الأولى (قطيعة يناير 1975) بعد ذلك كنا منذرين وكنا مهيئين لذلك. الحزب الشيوعي وبواقعية، إن لم أقل بانتهازية، اقترب منا سنة 1977 بمناسبة الانتخابات البلدية. وأعتقد باقتناع أن ما جرى في مؤتمر ميتز كان حاسماً بالنسبة لمستقبل اليسار، وبالأساس بالنسبة لانتخابات الرئاسة لسنة 1981. فلو فاز تحالف موروا وروكار في هذا المؤتمر، لم نكن بالتأكيد لنفوز في رئاسيات 1981. فالحزب الاشتراكي كان سيفقد هويته، وكانت استراتيجيته ستبدو متناقضة وزعامته أسقطت. وسيكون قد دخل أزمة سيصل بها الى الانتخابات الرئاسية مهزوماً.
بعد 1975 أتيحت لي مناسبة ربط علاقات وثيقة مع فرانسوا ميتران عندما كنت كاتبا مكلفا بالعالم الثالث والعلاقات بين الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي. ومع مؤتمر ميتز أصبحت الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي مكان بيير موروا ككاتب وطني مكلف بالتنسيق وروبير بونتيون ككاتب مكلف بالعلاقات الدولية. طيلة سنتين، كنت أرافق فرانسوا ميتران في العديد من أسفاره إلى أمريكا اللاتينية، افريقيا، اسرائيل، أوربا، في بلدان الشرق، سواء للمشاركة في اجتماعات الأممية الاشتراكية أو في إطار دبلوماسية الحزب الاشتراكي.
كنت أتنقل كثيراً داخل فرنسا في إطار مهام حزبية وخارج فرنسا عندما أرافق ميتران في زياراته للخارج. وعندما لا نكون نقرأ في الطائرة لأنه كان كثير القراءة وأنا أيضاً كنا نتحدث في السياسة في حياة الحزب الاشتراكي وأيضا في مواضيع لم يسبق أن أتيحت لي فرصة إثارتها معه مثل الأدب وأشياء من الحياة، الموت المقاومة...
في هذه الفترة لم نتحدث عن مرحلة نظام فيشي. أتذكر جملة قالها ونحن عائدان من السينغال، كنا بالطائرة فوق اسبانيا في نونبر 1975، حيث كان فرانكو يحتضر. تحدثنا عن الفاشية، عن الحرب، ثم فجأة أكد قائلا: «هل تعرف، الحرب العالمية الثالثة ستقع لامحالة». لا أعرف لماذا قال ذلك، ولا إلى أي حد كان فعلا يفكر في ذلك. كانت تلك الفترة مرحلة توتر شديد بين الشرق والغرب ولكنني فوجئت بهذا التشاؤم. فإذا كانت مقارباتنا السياسية متطابقة، فإن نظرتنا للحياة كانت مختلفة.
لم نتعارض فيما بيننا حتى تلك الفترة، وسياسيا لم نتعارض أبداً. ومع ذلك، في أحد الأيام وقعت بيني وبينه نوع من المواجهة البسيكولوجية، كنا في ندوة موسعة لقيادة الحزب جمعت حوالي 50 فرداً. كنت مكلفا بإعداد تقرير، وكنت على وشك إتمام تلاوته، عندما قاطعني فرانسوا ميتران بنبرة ملل واضحة، قائلا: «جوسبان، أعتقد أنه عليك تقديم الخلاصة»، كان لبقاً في علاقاته مع الآخرين، ولكنه كان في بعض الأحيان يحس بالملل ويستعجل الأمور، ويأخذ ذلك في بعض المرات طابع التسلط.... كان ردي عليه: «السيد الكاتب الأول، لو تركتموني أنهي كلامي، ستكتشفون أنني وصلت خلاصتي». بعدها وقع صمت تام، لأنه كان من النادر الرد عليه بهذه الطريقة. واصل ميتران الكلام معبراً هذه المرة بكلمات لبقة تجاهي. وأعتقد أنه فهم من هذا الصدام البسيط، بأنني كنت شخصية مستقلة، وأنه من الأفضل إقناعي بدلا من مفاجأتي. وأنا طيلة هذه الفترة إلى جانبه، تعلمت أشياء كثيرة... مثلا في العلاقات الدولية، لاحظت دقته التي تصل حد التفاصيل وحرصه على الكلمات. عندما ننهي لقاء مع محاورين أجانب ببيان ختامي مشترك، لاحظت الدقة التي كان يراجع بها مضمون البيان ونصحح ويشطب ويعيد الكتابة. كان يبدي، بالنسبة لزعيم مثله في المعارضة، حرصا فكريا واضحا وشرطا كرجل دولة، كنت معجباً بموهبته واحترافيته العالية. كان مقتنعاً أنه لا يمكن الوصول إلى السلطة مع إبداء مواقف لامسؤولة في المعارضة...
في سنة 1975، كنت ضمن الوفد الذي رافق ميتران في زيارته لموسكو، كانت هذه أول مرة أزور فيها موسكو، وتباحث الوفد مع قادة الحزب الشيوعي السوفياتي طيلة 3 أيام. استقبل ليونيد بريجنيف ميتران وتباحثنا معمقاً مع ميخائيل سوسلوف أهم منظري الحزب آنذاك، بوريس بونوماريف وآخرين. كان ذلك بالنسبة لي مناسبة لتأكيد أمرين أولها شخصي: ليونة ودبلوماسية فرانسوا ميتران وأيضاً صلابته كمسؤول سياسي لا يتنازل أمام التهديد. والثانية أكثر عمومية وتاريخية، الملاحظة المباشرة بجمود النظام السوفياتي. هذه البرودة تظهر جسدياً في قمة هرم الدولة. وإذا كنا لا نستطيع لمس هذه البرودة على مستوى المجتمع الذي بقينا بعيدين عنه، كنا نعرف أن العلاقات الاجتماعية كانت أيضاً متصلبة، جامدة بفعل الدكتاتورية. كنا نلمس أن قادة التنظيمات الجماهيرية التي كنا نلتقيهم كانوا يرأسون هياكل فارغة أو بنيات للاستقطاب الإجباري بدون حياة. كنا هناك لدواعي دبلوماسية سياسية. وإذا كانت المفردات التي نستعملها الطبقة العاملة، الرأسمالية، السلم... هي نفسها، فلم يكن هناك أدنى تعاطف بيننا وبين هؤلاء.
كانت زيارة الساحة الحمراء، وقبر لينين ووضع إكليل الزهور على نصب الموتى والبولشوي... بالنسبة لي التاريخ لكن دون عواطف، اللهم بعض اللحظات في مكتب وإقامة لينين في الكرملين، لأنك تحس في هذه الأماكن التي تحولت الى متحف بالنبض القديم للثورة البعيدة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.