يتذكر القاسميون بشكل كبير طقوسا لرمضان هي اليوم ذكريات ليس إلا. فلقد كان الناس يستعدون لرمضان قبل حلول موعده بشهور. فالنسوة كن يحضرن أطباقا من الحلويات، ويحضرن كل المستلزمات من خضر وتمور، بل يحضرن حتى مستلزمات العيد، وكنا نشتم رائحة رمضان قبل موعده بأيام وشهور. فأغلب الأسر كانت تستعمل مواد ووسائل تقليدية وطينية، وكانت الحريرة تعد يوميا، وطبيعي أن تبقى روائح رمضان منتشرة، أما اليوم فإن نمط الحياة تغير وروائح رمضان ضاعت في الطناجر العصرية والثلاجات. كان ذالك حين كانت سيدي قاسم متطورة على مستوى الإنتاج الفلاحي، حيث كانت البساتين تنتشر في كل ضواحي المدينة، وتمدها بكل أنواع الفواكه والخضروات، أما اليوم فإن هذه البساتين جزء من الماضي، أصبحت قاحلة جرداء، بل إن «واد رضم» الذي كان شريان حياتها فقد مياهه. سحور رمضان كان من طينة أخرى، فقد كانت أمهاتنا تتسابق للاستيقاظ في السحور وإعداد الفطائر المختلفة (من ملوي وبغرير ومطلوع)، وإعداد الشاي والزبدة، وكانت للفطائر المعدة في ذاك الصباح طعم الأفران ورائحة الخشب والحطب. نتذكر من طقوس رمضان أن الشباب والرجال مع طول نهارات رمضان وحرها، كانوا يقضون يومهم في البحث عن مياه حلوة وعذبة بالآبار المنتشرة في ضواحي المدينة، وكنا نتباهى بجلب الماء ليصبح جزءا من الموائد، أما اليوم فإن هذه العادة اندثرت رغم أن مياه سيدي قاسم اليوم لا تختلف كثيرا عن مياه الأمس. تراجعت طقوس رمضان حين نبتت العديد من الأحياء وتوسعت المدينة، وأصبح لكل حي مركز يلتقي حوله الصائمون والصائمات قبل الإفطار لشراء كل ما يلزم من مواد الإفطار. ونتذكر في هذا الإطار حي صحراوة وهو حي هامشي كان يعتبر مركزا مهما نقضي فيه تقريبا جل أوقاتنا الرمضانية وخاصة مدخله الذي أصبح اليوم نفقا للراجلين. كان هذا المدخل يتجمع فيه جميع أنواع الباعة من أصحاب اللبن والحليب والفواكه والفطائر والخضروات واللحوم المقسطة. ونتذكر أن كل رمضان كانت تسقط جثة مواطن من الباعة المتجولين في صراع عن مكان البيع، أو التنافس على ثمن البيع أو عن زبون. أما اليوم فسيدي قاسم فقدت بريقها واستراتجيتها، وتوزعت مراكز التجمعات في العديد من الأحياء، مراكز فارغة من المواطنين لغلاء المواد، ولانتشار البطالة بشكل كبير، ولا وجهة للمواطن اليوم في سيدي قاسم إلا نحو المقاهي للحديث عن الحرارة وغلاء المواد الغذائية. في كل رمضان كنا نستمتع بالعديد من الأنشطة الرياضية، وفي رمضان تلتقي أهم الأحياء في صراع على كأس لا تتجاوز قيمته 50 درهما. وفي هذه الدوريات كنا نستمتع بالعديد من النجوم القاسميين يشاركون في هذه الاقصائيات مثل أبناء العامري، والإخوة بندريس، وعلال الهاشمي، ولاميدو وفتاح، وكان يحج لمشاهدة هذه الاقصائيات، مواطنون من مكناس وسيدي سليمان وغيرها، وفيها كان يتم اختيار لاعبين للانضمام إلى صفوف فرق كبرى. أما اليوم فإن الأنشطة الترفيهية والثقافية، تكاد تكون منعدمة، في حين تزدهرفي رمضان تجارة واستعمال المخدرات وخاصة مادة الشيرا.