هل الكوطا التي حددتها الدولة هذه السنة لكل طرف من الأطراف التي تساهم في عملية جني الطحالب هي وحدها كافية لتنظيم القطاع؟ وهل تحديد نسبة 20 بالمائة لفائدة الشركات المختصة في التصدير حسب العملة المصرح بها، و80 بالمئة لفائدة الشركات التحويلية المحلية، وحدها قادرة على وقف الفوضى التي يعرفها القطاع؟ أم أن تحديد شهري يوليوز وغشت لجني الطحالب وإغلاق بوابة التصدير من طرف الجمارك كافية لتنظيم القطاع؟ أم أن الفوضى ستظل سيدة الموقف رغم كل المجهودات التي تقوم بها الدولة لتنظيم القطاع والحفاظ على هذه الثروة البحرية المهمة جدا؟للوقوف على حجم الخسائر التي تتكبده الدولة جراء الفوضى العارمة التي تسببها عدة جهات متدخلة في القطاع، بل مستفيدة من هذه الوضعية إرتأينا أن نبسط الورقة التالية للوقوف عن ما يحدث بهذا القطاع. رغم المناظرات و الأيام الدراسية و التوصيات تظل كل القرارات عبارة عن كلام الليل الذي يمحوه النهار، سواء تعلق الأمر بالصدفيات أو الرخويات أو الطحالب البحرية،كما هو موجود بالمنطقة الممتدة من منطقة هشتوكة إلى حدود سيدي عابد ،حيث الأوضاع تنذر بكارثة طبيعية إذا لم يتم تدارك الوضعية. لوبيات الطحالب الطحالب، الخز، الربيعة، كلها أسماء لكنز واحد، إنها شبيهة بالذهب الأسود، هذه المادة البحرية قادت العديد من سماسرتها و مصاصي دماء عمالها إلى البرلمان و رئاسة الجماعات المحلية و رئاسة الفرق الرياضية، بل حولت البعض من عمال الموقف إلى رجال أعمال و أشباههم يتعاملون بالنقد الأجنبي في مطارات العواصم، لقد كان الحديث عن مداخيل الطحالب حكرا على عدد محدود من الأشخاص قسموا المنطقة الثانية إلى مربعات لكل واحد منهم مربع خاص به و لا حق لأحد في احتلاله أو الوصول إليه، بل إن حراسة هذه المربعات تطلبت تشغيل عصابات و أشخاص من ذوي السوابق تقود الاعتداءات على الأشخاص و حتى المسؤولين أحيانا و نظرا لما ينتجه مجال الطحالب من عملة صعبة تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني فقد تمكن إقليمالجديدة على عهد العامل الأسبق أحمد عرفة من سن العديد من القوانين و الأنظمة بمشاركة عدد كبير من المتدخلين في القطاع و أصحاب الشركات و بإشراف مباشر من وزارة الصيد البحري على عهد سعيد اشباعتو، و هي الفترة التي بدأت تعرف طريقها إلى التصحيح و الإصلاح و تضييق الخناق على السماسرة و أصحاب الشكارة ،إلا أنه مع ذهابه و قدوم العامل شوقي عاد لوبي الفساد و الإفساد إلى قيادة سفينة تدمير البيئة و القضاء على الطحالب برا و بحرا، فعلى عهده طبخت بعض التعاونيات و ما يشبه الاتحادات و تم إحياء شركات التصدير الحقيقية منها و الوهمية، التي بدأت تنهب خيرات الإقليم و تقضي على الأخضر و اليابس و رغم المحاولات المتكررة لإصلاح القطاع، فقد أخذت اللوبيات المستفيدة من الطحالب و عائداتها تعرقل العملية، بل تكمم أفواه المحتجين إما بالمال الحرام و شراء الذمم أو بطبخ الملفات القضائية و الإغراق عن طريق الشيكات بدون رصيد و امتناع الشركات التحويلية عن اقتناء الطحالب سواء عن طريق الغطس أو عبر التعاونيات و فرض أثمنة منخفضة بشكل كبير أقل بكثير من ثمن التكلفة رغم صدور مرسوم يحدد صيد الطحالب البحرية ما زال الجميع يتمادى في خرق القانون إذا كانت منطقة الجديدة تعتبر من بين المناطق الأكثر خرقا للقانون رغم المحاولات الجادة التي تقوم بها عدة جهات مسؤولة (مندوبية و مكتب الصيد البحري) فقد أسفرت العديد من الأيام الدراسية و المناظرات و التقارير عن تنظيم القطاع و ذلك بإصدار المرسوم رقم 2726/01/2 صادر في تاريخ 04 يونيو 2004 يحدد شروط و كيفية صيد الطحالب البحرية و جمعها، و ذلك بعد استشارة كل من الأطراف بما فيها ممثلو و منتخبو القطاع وقد صنف المرسوم الطحالب في مادته الأولى فيما خصصت المواد 2.3.4.5 للطريقة المخصصة لصيد الطحالب و مدة صيدها و المسموح لهم بالصيد فيما ذهبت المواد 6.7,8.9.10.11.12 و13 الى تحديد شروط صيد الطحالب البحرية، على أن لا أحد يحترم هذه المواد و لا أحد يسهر على تطبيقها، فاللوبيات تعمل طيلة السنة على الاستغلال الفاحش للطحالب عكس ما هو محدد في القانون، في حين لا يتوفر عدد كبير من الجهات التي تعمل بالميدان على رخص صيد الطحالب و لا على حد أدنى من أدوات العمل الخاصة بالصيد، كما أن أصحاب البواخر التي و إن توفرت على الترخيص فإنها لا تحترم عدد الغطاسين المرخص لهم بالصيد، إذ يعمد عدد كبير من أصحاب البواخر إلى الاستغلال المفرط للغطاسين دون احترام لقانون الشغل، كما أن السماسرة يعملون على استغلال الطحالب، إذ لا يتم احترام العمق الذي يصل الى أربعة عشر مترا في عمق البحر عكس العمق المحدد بمرسوم ،كما يتم استعمال محركات الأوكسجين غير الصحية و المملوءة بالهواء العادي فقط و ليس المصنع، في حين تعمل العديد من البواخر و القوارب دون ترخيص وزاري أو محلي و ذلك تحت ذريعة المساهمة في الدفع بعجلة الاقتصاد المحلي و التخفيف من حدة البطالة، و إذا كان المشرع قد نص على ضرورة توفر الغطاس على رخصة الغطس مسلمة من الوزارة، فإن أغلب الغطاسين الذي يصطادون بمنطقة الجديدة لا يتوفرون على هذه الرخص، بل إن ظروف العمل تقود أغلبهم إلى الإصابة بداء السل و أمراض أخرى تسببها عملية الغطس في عمق غير مسموح به كما أن عددا منهم لم يصل بعد إلى السن القانونية الاتفاق / المؤامرة تنص المادة 12 من مرسوم 45 يونيو 2002 على أنه يجب تفريغ الطحالب المصطادة من قبل البواخر في الميناء أو الموانئ أو المواقع المشار إليها في رخصة الصيد و يجب الإخبار بكل تغيير يشمل مكان الإفراغ و هنا يكمن مربط الفرس، ذلك أنه منذ بداية جني الطحالب عمل أصحاب المال و النفوذ على عقد اجتماع مصغر في أحد المطاعم و بعد الانتشاء بالكؤوس تقرر توحيد الأثمنة ما بين جميع المشترين من أجل محاصرة الغطاس و ضرب حصار مشدد على التعاونيات و فتح المجال لأصحاب الشركات للاستفادة من العائدات عن طريق وسطاء احترفوا كل شيء. و أمام تخفيض الأثمنة الى حدها الأقصى خلال هذا الموسم ،فقد أصبحت الجديدة عبارة عن حقل مفتوح للصيد غير المقنن و تدمير الأخضر و اليابس قصد الحصول على أكبر قدر ممكن من الطحالب حتى أن الوسطاء نصبوا خيمة بالطريق الشاطئية الرابطة بين الجديدة و سيدي بوزيد من أجل محاصرة الجميع و لفرض ثمن محدد. ففي الوقت الذي تفرض فيه الرخص الإفراغ في الموانئ نجد الجميع قد حول مكان نصب هذه الخيام الى أماكن للتفريغ رغم المجهودات التي يقوم بها موظفو المكتب الوطني للصيد البحري في محاصرة الشاحنات قصد أداء واجبات الدولة من الكمية المحملة بالشاحنة. إن الاستمرار في الاستغلال الفاحش للطحالب ينذر بكارثة بيئية و ندرة في أنواع كثيرة من الأسماك التي أصبحت الجديدة تفتقر إليها في المدة الأخيرة. فقد أثبتت دراسة للمعهد الوطني للصيد البحري أن نسبة تراجع الطحالب في المتر المربع تتراوح ما بين 4 و 8 كيلوغرام ، إذ علمنا أن الطحالب تشكل بنية أساسية لوضع بيض الأسماك، و أمام اندثارها لا تجد الأسماك من طريق آخر سوى البحث عن الدفء في بحار أخرى. هل سيحد من النزيف إن دخول القانون التنظيمي الأوروبي رقم 178/2002 حيز التنفيذ و خاصة في المادتين 11 و 18 يفرض من أجل الحفاظ على حصصها في سوق التصدير نحو اوربا منذ يناير 2005 تأهيل عملية تتبع الصناعة الزراعية و الغذائية في كل حلقاتها و يرمي هذا النظام إلى تحديد اصل مكونات المنتجات الغذائية و التعرف على ظروف إنتاج و توزيع المنتجات و هو ما تحدده المنظمة الدولية للمعايير في القدرة على تقصي تاريخ و مكان منتوج من المنتجات بواسطة تعريف مسجل و الذي يؤكد أساسا على التعرف على اصل المواد الأولية التي تدخل في تكوين المنتوج و يشكل قطاع الصيد البحري بحكم طبيعة منتجاته التي تتعرض للتلف 50 بالمائة من الصادرات الزراعية الغذائية ذلك أن قطاع الطحالب يشكل بين 1000 و 1800 طن سنويا مخصصة للتصدير،و يستلزم من أن يتوفر المصدر على مجموعة من الوثائق من بينها وثيقة تثبت الجهة التي مر منها المنتوج و بحكم أن المرسوم حدد بشكل واضح أن الجهة المخول لها الآن عملية التتبع هو المكتب الوطني للصيد البحري الحاصل على شهادة المنظمة الدولية للمعايير، كما أنه مؤهل لمنح وثيقة تثبت ان الشركة المصدرة في وضعية قانونية تجاه مصالح الدولة، و كان المكتب الوطني قد حدد الرسوم الواجب استخلاصها خارج الموانئ موزعة بنسب متفاوتة تستفيذ منها الجماعة التي يصطاد فيها الطحالب يؤديها المشتري و أخرى للمكتب الوطني للصيد بمقتضى القانون يؤديها البائع صاحب الباخرة و ليس الغطاس كما تروج بعض الجهات في أوساط الغطاسين و 0.15 للجهة المصطاد فيها الطحالب يؤديها البائع إضافة الى 1% لفائدة شركة مرسى المغرب إذا ما تمت عملية البيع داخل الموانئ. بعض الأطراف التي ظلت تستفيد من عائدات الطحالب خاصة التي يتم تصديرها و التي تتعدى 1400 طن دون أداء ولو سنتيم واحد لإدارة الضرائب تعمل على عرقلة مشروع تزويد مناطق إفراغ الطحالب بمعدات و مستخدمين مؤهلين لاستخلاص واجبات الدولة و حتى يظل مجال الطحالب بعيدا عن المراقبة، خاصة وأن الدولة قد أقرت عددا كبيرا من القوانين لمواجهة العولمة و قوانين الاتحاد الأوروبي على سبيل الختم لقد ارتفعت العديد من الأصوات بالجديدة تطالب بالحد من استنزاف هذه الثروة الغذائية و الصناعية و ذلك بإجراء دراسة علمية دقيقة بين المعهد الوطني للصيد البحري و كلية العلوم لتحديد المدة الكافية للراحة البيولوجية قصد الحفاظ على هذا المنتوج و بالتالي الحفاظ على الثروة السمكية التي تجد طريقها إلى الانقراض ،كما أن العديد من الجهات مطالبة بمد يد المساعدة إلى الإدارة البحرية لوقف نزيف اصطياد الطحالب بشكل غير قانوني رغم كل القوانين التي تصدرها الدولة للحد من عبث العابثين، فهل ستستجيب الباطرونا للكوطا ومدة جني الطحالب المحددة في ستين يوما، أم أن البعض سيستغل ما يمنحه باليمنى ليجنيه باليسرى.