تعبت من الكتب والكتابة ، أتخمت بالحروف ، الأفكار المعجونة سدت كل القنوات في عقلي، لامفر من الحصول على الحكمة من منابعها الأصلية ، من الشارع ، تماما كما كان يفعل سقراط. تقول احدى الجرائد أن السلطات الأمنية قد شنت حملة وصفت بالشعواء على العديد من المقاهي بمدينة القنيطرة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان لكون هذه المقاهي تقدم الشيشة لروادها ، فأسفرت الحملة عن اعتقال 20 شخصا من بينهم 13 فتاة احداهن حامل ، كما تم حجز بعض اللوازم المستخدمة في تحضير هذه المادة . قررت هذا المساء ارتياد مقهى يملكها منتخب محترم ، يقدم الشيشة للشبان والشابات ولن يضايقه أصحاب الوقت ، في الطريق الناس هائمون على وجوههم وقد أتخمتهم ا لحريرة والنشويات في هذه الليالي الرمضانية السمحة، داخل المقهى جاءت جلستها الى جواري ، فتاة في حوالي الخامسة والعشرين من عمرها ، نحيلة جدا ، نحولة القبح وليس نحولة الجمال، متوترة ، يظهر ذلك من طريقتها في تدخين الشيشة وهي تحتسي الشاي ، تقاطيعها دقيقة في غير تناسق ، وجهها ممصوص وكأنه مشروع أولي لوجه انساني سيتم تشكيله فيما بعد باضافة المزيد من اللحم والحيوية ، نظراتها قلقة بشكل يؤكد أنها لم تعرف السعادة من قبل ، كانت تضع خرطوم الشيشة في فمها كطفلة ترضع ثدي أمها ، تجذب نفسا عميقا ثم ثنفثه دخانا يخرج من فتحتي الأنف وتعقبه سحابة أخرى من الفم ، بجوارها يجلس فتيان وفتيات يفعلون نفس الشيئ ليتكون ضباب كثيف داخل مقهى ممثل السكان في المجلس البلدي. هذا المشهد يكاد يكون مكرورا داخل المقاهي والفنادق وحتى البيوت أداة الشيشة تتكون من عدة أجزاء ، فهي عبارة عن جهاز لتبريد الدخان وتنقيته بواسطة الماء ، تنتهي بخرطوم يسحب منه المدخن الأنفاس ، والتبغ المستخدم في الشيشة المدبس والعجمي والمعسل بالاضافة الى الباشا والواحة والنخلة ، وهذه الأنواع متوفرة بنكهات التفاح والأناناس والفراولة والمشمش ووالنعناع ووالياسمين ..... يحكى أن بداية تدخين الشيشة يعود الى يوم كان فيه مركب يحمل براميل عسل وشحنة من أوراق التبغ ، وحدث أن انسكب العسل واختلط بالتبغ فحزن صاحب البضاعة ، وحاول ايجاد حل ينقذ به خسارته ، فبدأ بتدخين التبغ المختلط بالعسل فلم ينجح في اشعاله ، فقام بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري وضع فوقه فحما مشتعلا ، فكانت تلك بداية تدخين المعسل في الشيشة ، أما النهاية فلن تكون الا مأ ساوية على المدخنين لأن أضرار الشيشة خطيرة جدا .