وأنت تنظر الى لوحات الأثمنة المتربعة فوق قمم أهرامات البطاطس والطماطم والفواكه والثمور خلال شهر رمضان، وأنت تتوصل بفواتير الماء والكهرباء، تصعقك الأرقام التي أصبحت تتضخم مثل ديناصور أسطوري لتبلع أجرة هزيلة جدا تأتي بأوجاعها كالعادة الشهرية . حمى الأسعار في أسواقنا في تصاعد مهول، فبالأمس القريب كانت الأعذار تتذرع بالجفاف، واليوم تتوسل بالفيضانات وغزارة الأمطار وفي جميع الحالات وجميع أحوال الطقس، يبقى المستهلك المغلوب على أمره يؤدي الثمن غاليا من أعصابه وعرقه وقد اعتصر اعتصارا. فأسعار السمك مثلا تصاعدت في رمضان إلى ثلاثة أضعاف السعر في الأيام العادية، رغم كون السمك مادة حيوية في غذاء المواطن، وتجود واجهتان بحريتان بخيرات كثيرة ومتنوعة من السمك، وكان من المفروض أن تقبل عليه جميع الشرائح الاجتماعية لرخص ثمنه، لكن يبدو أن مافيا السمك تتحكم في الأسواق، وتجعل المستهلك يكتوي بنار الأسعار وخاصة في الأسواق الشعبية ( واللي بغا الحوت يفزك سروالو!) العامل البسيط أو الموظف الصغير أضحت البسمة لاتعرف الطريق الى نفس ، بينما الجهامة لا تفارق محياه، مشاريعه الصغرى لشراء حذاء أو قميص أو بدلة ترجأ من شهر لشهر، ومن عام لعام، كل طموحاته أن يلبس الجديد من الثياب وأن ينعم بلذيذ الطعام وسائغ الشراب، أما بذخ العطلة والسكن والسيارة في مجرد أضغاث أحلام . الشاب العاطل المتحمس المتقد حيوية ونشاطا، طالته هموم الكهولة وشاخت حماسته، وترهلت أحلامه، وجلس يمضغ الحسرة، ويبلع الخيبات وينتظر الوعود العرقوبية. فحسب المؤشر الجديد للفقر المعتمد من لدن مركز البحوث الاقتصادية من أجل التنمية..