تقول نسخة الإراثة المستخرجة من المحكمة الشرعية لقاضي التوثيق بمكناس إن الشهود «الموضوعة أسماؤهم عقب تاريخه يعرفون الشريف الفقيه العلامة مولاي محمد فتحا بن أمير المؤمنين المقدس مولانا الحسن العلوي المعرفة التامة الكافية شرعا ومعها يشهدون بأنه توفي رحمه الله عن أولاده الأشقاء مولاي الحسن وسيدي محمد ومولاي عبد السلام والمنفردين مولاي الكبير ومولاي عبد الله ولالة حليمة ولالة فاطمة الزهراء ولالة آمنة...» ومولاي امْحمد المذكور ليس سوى الابن البكر للسلطان الحسن الأول، وقد قضى كل أبنائه المذكورين في الوثيقة حتفهم باستثناء واحد لايزال على قيد الحياة هو الأمير سيدي مُحمد. وحسب أحفاد هذا الأخير، فهو آخر حفيد حي يرزق مباشر للسلطان الذي كان عرشه على صهوة جواده، إذ توفي كل حفدته الآخرين من بقية سلالته. وتضيف ذات المصادر أن سيدي مُحمد يشرف على عامه المائة، علما بأن شهادة الحياة المسلمة له في 17 من شهر يونيو الماضي تؤكد أنه ولد بالرباط في سنة 1914، أي خلال عهد عمه السلطان مولاي يوسف بن الحسن، والد محمد الخامس، والذي تربع على عرش المغرب من 1912 إلى 1927 . هكذا، فالأمير سيدي مُحمد بن الأمير مولاي امْحمد بن السلطان المولى الحسن الأول، عايش خمسة ملوك علويين: عمه مولاي يوسف، ابن عمه محمد الخامس وابنا عمومته الحسن الثاني ومحمد السادس. وعن وضعيته الصحية حاليا، يؤكد أحفاده أنها «جد حرجة»، مضيفين أنه « يتلقى العلاج في منزله بحي تواركَة بالرباط». ومعلوم أن الأمير مولاي امْحمد، «الأمير ذو عين واحدة» كما كان يلقب خلال حياته، قد تولى منصب خليفة السلطان على مراكش في عهد والده، مثلما لعب الحاجب القوي ابّا احماد دورا أساسيا في تنحيته وتولية المولى عبد العزيز، أصغر أبناء الحسن الأول، العرش في سنة 1884، ليصبح الصدر الأعظم خلال العصر العزيزي الأول والحاكم الفعلي للمغرب إلى حين وفاته (1900) . ووفق الحسن بن الطيب بن اليماني بوعشرين في السفر الأول من كتابه «التنبيه المعرب عما عليه الآن حال المغرب» الذي انتهى صاحبه من كتابته في 1906، فللحسن الأول « جملة كبيرة من الأولاد وكلهم نجوم تتلألأ أنوارها، ورياض تتفتق أزهارها، وفيهم النجباء والعلماء، والأدباء والحلماء، ولنذكر بعض ما بلغنا من أسمائهم، وعرفناه من أعيانهم، فنقول: منهم واسطة عقدهم، وتميمة سعدهم، أمير المؤمنين مولانا عبد العزيز نصره الله، ومولانا حفيظ النائب عن السلطان الآن بمراكش، ومولاي عبد الرحمان المدعو مولاي الكبير، ومولاي عمر، ومولاي إسماعيل، ومولاي الحسن، ومولاي إدريس، ومولاي أحمد، وسمية سيدي، ومولاي بوبكر، ومولاي التهامي، وسيدي محمد المهدي، ومولاي الزين، ومولاي محمد (بفتح الميم الأولى)، ومولاي الطاهر، ومولاي علي، ومولاي عبد الله، ومولاي الطيب، ومولاي يوسف، ومولاي المامون، ومولاي جعفر، ومولاي عثمان، ومولاي عرفة، ومولاي الأمين، ومولاي موسى، ومولاي المصطفى، ومولاي بلغيث، وغيرهم ممن لم تبلغنا أسماؤهم...». وحسب مصادرنا، فالأمير سيدي مُحمد نجل مولاي امْحمد «موسوعة تاريخية وشاهد على العصر، خصوصا أن ذاكرته مازالت تحتفظ بمواقف وحقائق مهمة من شأنها إضافة معطيات جديدة ووقائع عاشها وعاينها تهم تاريخ المغرب» ، إذ كان، وفق نفس المصادر « يرافق والده الابن الأكبر للسلطان مولاي الحسن في معظم تنقلاته، مثلما ورث بعض أسراره»، بل إن كل هذه الوقائع والمعطيات والمشاهدات قد تكون مدونة في «مذكرات تتناول حياته وعلاقاته مع ملوك الدولة العلوية». وتعرض مولاي امْحمد للحبس حين تولى المولى عبد العزيز العرش، وهو ما تكرر أيضا في العهد الحفيظي. لكن السلطانين المتعاقبين سيضطران معا إلى إخراجه من الحبس في بعض المناسبات ليراه الناس ويتأكدوا أنه ليس بوحمارة، الروكَي الجيلالي الزرهوني الذي انتفض ضد المخزن وطالب بالعرش زاعما أنه الابن البكر للحسن الأول. وفي أحد هوامش كتابه «زمن المحلات أو المغرب بين 1860 و1912» الصادر سنة 1952، يؤكد لويس أرنو أنه تعرف على مولاي امْحمد في قصر الرباط في عهد مولاي يوسف، حيث كان يعيش إقامة حرة، وأنه كان مثقفا تستقطب قراءاته وشؤونه كل اهتمامه، مضيفا أنه توفي هناك في 15 شتنبر من عام 1946.