ظلت الجديدة لعقود طويلة ، قبلة أساسية للعديد من الأسر المغربية والأجنبية ، من أجل قضاء جزء من عطلتها الصيفية والتي كانت تمتد في أحايين عديدة الى ما يناهز الثلاثة أشهر. وقد ظلت الأحياء الشعبية المتمركزة وسط المدينة مركزا للاستمتاع بأجمل اللحظات، نظرا لعدة عوامل متداخلة أبرزها العلاقة المنسوجة بين السائح وصاحب المحل المكري مع مرور الوقت ونظرا للتحولات السوسيو اقتصادية التي عرفتها المنطقة ، بدأت العلاقة المذكورة في التقهقر وتحولت الجديدة من مدينة للسياحة البسيطة والشعبية الى مدينة للسياحة الإقتصادية، وتحولت المنازل البسيطة الى شقق مفروشة صالحة لكل الأشياء ، كما أن البنيات السياحية عرفت تطورا مهما على كافة المستويات ، خاصة وأن كبريات الشركات العالمية الرائدة في عالم السياحة بدأت تستثمر بالجديدة .كما أن كبريات الشركات والمؤسسات العمومية والشبه العمومية التجأت ، في إطار العمل الإجتماعي، الى إنشاء مركبات ومراكز اصطياف خاصة بها لتتحول الجديدة في ظرف سنوات قليلة الى مدينة سياحية عصرية تستقبل مختلف الفئات الإجتماعية. إلا أن الاصطياف بالجديدة بدأ يعرف العديد من السلبيات من بينها انتشار السياحة الجنسية التي بدأت تنشط بشكل كبير بكل أرجاء المدينة وساهمت في انتشارها الإعلانات الإشهارية التي يعمد بعض سماسرة العقار الذين حولتهم المقالات المدفوعة الأجر الى مستثمرين وفاعلين في كل المجالات، الى نشرها عبر الأنترنيت في مواقع مشبوهة ، كما أن عملية الكراء تتم خارج كل القوانين والأنظمة ودون التأكد في أحيان كثيرة من هوية الشخص المكتري ، وهو ما دفع وزارة الداخلية الى استصدار مذكرة تسير في إتجاه التصريح لدى المصالح المختصة بالشخص المكتري خاصة بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدتها الدارالبيضاء . وإذا كانت الجديدة قد عرفت أزهى أيامها قبل التحولات التي عرفتها على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي خلال الألفية الثانية، فإن ما أصبحت تعرفه اليوم يدعو الى إعادة النظر في بعض الممارسات التي تضر بالمواطنين كما أن السياحة الداخلية أصبحت في حاجة الى إعادة التنظيم لتنقيتها من الشوائب إضافة الى كل ذلك تحولت أثمنة الإيجار من مبالغ بسيطة الى سومة قارة تتراوح مابين 200 درهم و1000 درهم بالجديدة مما حول السياحة الشعبية التي كانت تتم وكأن أصحابها عائلة واحدة الى تجارة مهيكلة إضافة الى تحويل العديد من الإقامات والشقق المتمركزة وسط المدينة تتحول الى فضاءات للكراء دون وازع أخلاقي الزبونية في الإصطياف تضم الجديدة العديد من مراكز الاصطياف التي تملكها المؤسسات العمومية : وزارة المالية ، المكاتب الوطنية للكهرباء والاستثمار الفلاحي والمطارات والسكك الحديدية، والخاصة، كالخطوط الملكية الجوية ولافارج المغرب و المكتب الشريف للفوسفاط والأبناك...... وتتمركز اساسا بالجديدةوسيدي بوزيد والواليدية والحوزية ، وتقدم هذه المراكز خدمات تختلف من شركة لأخرى ومن مرتبة إدارية لأخرى، إلا أن كل محاورينا أكدوا أن الاستفادة من خدمات هذه المراكز تخضع للزبونية خلال عملية التوزيع أو طيلة السنة، وينفرد كل مركز بخدمة معينة ، فهناك المراكز التي يمكن تصنيفها ضمن مراكز الخمس نجوم ، والتي يسهر مسيريها ومسؤوليها على تقديم خدمات جيدة مثل القرية السياحية التي تم إفتتاحها مؤخرا من طرف المصالح الإجتماعية للقوات المسلحة الملكية والتي تعتبر حسب الجميع المرفق السياحي الجيد على المستوى الإقليمي ، وتبقى الخدمات المقدمة من طرف المشرفين عليها من بين أغلى التسعيرات على المستوى الوطني إذ لا يستطيع العامل البسيط اليها سبيلا. مما يجعلها حكرا على الأطر العليا والبعض الآخر الذي لاتربطه أية علاقة بالمراكز المذكورة وتتمركز أساسا هذه المراكز بمنتجع سيدي بوزيد السياحي ومنتجع الواليدية ، فيما تتمركز المراكز التي تقدم خدمات بسيطة الى عمالها ومستخدميها البسطاء بمركز الحوزية، إلا أنها هي الأخرى تعرف اختلالات أثناء توزيع مراحل التخييم على المستفيدين وتعمد الجهات المتنفذة الى التدخل في عملية التوزيع . وتقدم كل المراكز المذكورة المبيت وبداخلها متاجر غير خاضعة للمراقبة ، فيما تتوفر أخرى على مطاعم فاخرة ومسابح كقرية القوات المسلحة الملكية والتي تبقى الوحيدة الخاضعة للمعايير المحدد من طرف المصالح الإجتماعية للقوات المسلحة الملكية ويشرف على تسييرها طاقم مختلط من كافة الرتب العسكرية في حين تشرف جمعيات الأعمال الإجتماعية على كافة مراكز المؤسسات العمومية والشبه العمومية، أو أطر الشركات بالنسبة للخواص ، وتبقى الميزة الأساسية التي تميزها أنها غير خاضعة للرقابة في الوقت الذي يتحكم في دواليب تسيير هذه المراكز وبيد من حديد مديرو المؤسسات المذكورة الذين يستحوذون على حصة الأسد من الشا ، في الوقت الذي لايستفيد المستخدم من هذه الخدمة ولو شتاء! خدمات ناقصة وفي اتصال ببعض مسيري هذه المراكز نفى بعضهم الزبونية والمحسوبية التي تتسم بها عملية التوزيع والإستفادة ، فيما أقرها آخرون ، معتبرين أن تدخل المسؤولين الكبار مجرد طلبيات بسيطة كغيرها من الطلبيات الأخرى التي يتقدم بها سائر العمال. إذا كانت بعض مراكز الاصطياف تقدم خدمات جيدة وتخضع بشكل دائم الى الإصلاح والتأثيث وضبط الحسابات، فإن أخرى تحولت الى ما يشبه «الحظائر» ! أمام التطور الحاصل بمدينة الجديدة ، والذي قاد الى ارتفاع مهول في أثمنة الكراء ، وأمام الزبونية التي تعرفها بعض مراكز الاصطياف بذات المدينة ، أصبح لزاما على الجميع وضع استراتيجية مضبوطة لتنظيم عملية الاصطياف التي يجب أن تمر في ظروف جيدة.