أريد لجماعة مكناس، ومنذ اليوم الأول لانتخاب أحمد هلال رئيسا لها ، أن تعيش على الإثارة ، و اللاستقرار !! فما إن انتخب الرئيس صباحا ، حتى طرده الحزب الذي زكاه وكيلا للائحته مساء ،!! وما إن تم تجاوز مخلفات هذا الوضع الشاذ الذي تحول بموجبه الرئيس إلى تقنوقراطي بدون حزب ، حتى صدرت قرارات التوقيف في حق بعض نوابه ، ممن ثبت في شأنهم «استغلال الموقف الجماعي في النهب و الارتشاء »... و هي تهم مترتبة عن الولاية السابقة . وما إن استبشرت الساكنة المكناسية خيرا بهذا القرار الذي تمت قراءته على أنه رسالة غير مشفرة للمسؤولين الجدد بأن « للي فرط يكرط» ، حتى فوجئت بمحاولة لتغيير الرئيس، الذي وصفه مصدر من الحزب المعني، بكونه «متمردا و غير منضبط لقرارات الحزب » ! و في غمرة هذا المد و الجزر تنفضح بحي الإنارة خروقات في التعمير غير مسبوقة، تم توقيف أحد نواب الرئيس على إثرها ، و عصفت برأس ناظر الاحباس ، بعد خمس عشرة سنة من اختلال وضع الوقف الإسلامي بالمدينة . و تأتي دورة أبريل 2010 ، لتقدم الأغلبية المسيرة للمجلس، في تطور مفاجئ على إقالة النائب التاسع للرئيس ، و كاتب المجلس ، و رئيس اللجنة المكلفة بالتخطيط و الشؤون الاقتصادية و المالية ، و رئيس لجنة المرور و نائب رئيس اللجنة المكلفة بالتعمير و إعادة التراب و البيئة ، هذه الإقالات كانت محط تعرض من طرف سلطات الوصاية بواسطة رسالة موجهة إلى رئيس المجلس تحت عدد 8156 بتاريخ 26 أبريل 2010 . و خلال دورة يوليوز الاخيرة ، تضمن جدول الأعمال نقطا ، تهم تعويض المستشارين المقالين ، و هو ما كان محط تعرض أيضا من لدن نفس السلطات ... إلا أن الأغلبية تمسكت بنقط جدول الأعمال كاملا غير منقوص ، على اعتبار ألا حق لسلطات الوصاية أن تحذف من جدول الأعمال، و أنما لها الحق فقط أن تضيف أو تطلب التعديل متى قبل المجلس ذلك. لكن المفهوم ، و غير المفهوم في نفس الآن، هو أن لا تستطيع هذه الأغلبية ، رغم تمسكها بجدول الأعمال ، من أن تعوض أيا من المستشارين المقالين !! نظرا لعدم الحصول على الأغلبية أثناء التصويت ! هذا الوضع الملتبس للأغلبية و المعارضة على حد سواء ، هو ما جعلنا نتصل بكل الأطراف في محاولة منا لتنوير المواطن الناخب بما تعرفه المؤسسة الساهرة على تدبير شأنه المحلي من تجاذبات بين ما هو سياسي و ما هو مصلحي ذاتي و ما هو انتخاباوي : « نحن لم نستقل من التسيير يقول أحد المستشارين ممن شملهم قرار الإقالة نحن متشبثون بالتسيير ، و لكن في إطار ما يمكن الاصطلاح عليه بالتسيير النقدي ، الذي يسمح لنا بالرغم من كوننا في الأغلبية ،أن لا نصوت على المقرارات التي نراها غير متماشية مع إستراتجية الحزب من جهة و، و لا تتلاءم و مصلحة المواطن من جهة ثانية ، و هذه الإستراتيجية الجديدة ، هي ما يجعنا بعيدين عن التسيير الغامض الذي تعرفه جماعة مكناس . أما ماتم الترويج له من كونتا انسحبنا من التسيير ، فهو مجرد ادعاء لا تدعمه أية و وثيقة ، اللهم ما تداولته الصحف ، و هو أمر يهم هذه الصحف وحدها ، و لا علاقة له بالواقع ، و لذلك فإن قرار إقالتنا هو اليوم بين يدي القضاء ، و نحن ننتظر». أما رئاسة جماعة مكناس فلها رأي آخر ، ينطلق من كون هؤلاء المستشارين المنتمين لحزب اليام ، الذين برروا انسحابهم من التسيير، بما تعرفه الجماعة من فوضى على حد تعبيرهم كانوا متزعمين لهذا التسيير و المؤطرين له ، بدليل تصويتهم، و بالإجماع ، على الحساب الإداري ، ساعات قليلة فقط قبل إعلان موقف الانسحاب !! بل إن من بين هؤلاء من كان مسؤولا في ولاية سابقة بما لها و ما عليها ، و أما نحن يقول رئيس الجماعة (فمازال ما درنا في الطاجين ما يتحرق ) » . أما عن قرار الإقالة ، يضيف أحمد هلال ، فإننا لم نتخذه إلا بعدما توصل مكتب المجلس ببلاغ وقعه المستشارون المقالون ، يعلنون من خلاله « التزامهم كمستشارين شرفاء بقرار الانسحاب من التسيير المشبوه ، و الفوضوي و الفاسد و غير المنسجم... » هكذا بالحرف !! و مع ما تضمنه هذا البلاغ الذي تداولنه الصحف ، و وزع على أوسع نطاق بالمدينة ، فإننا قد سعينا، رئيسا و أغلبية ، من خلال مراسلة هؤلاء المنسحبين لحثهم على تغليب مصلحة المدينة التي تحتاج إلى تضافر كل الجهود ، على المصالح الحزبية الضيقة ، لكن كل ذلك لم يجد نفعا ! فكان لزاما أن نفعل القانون ، و أن نتخذ قرار الإقالة مستلهمين في ذلك روح الميثاق الجماعي ، و خاصة المادة السادسة التي تنص بالحرف على « أنه في حالة رفض أو امتناع نائب الرئيس عن القيام بالأعمال المنوطة بمقتضى القانون ، أو بمقتضى التفويض الممنوح له وفقا للقانون ، أو في حالة ارتكابه لأخطاء جسيمة ، تخل بسير القطاع الذي فوض له فيه ، يجوز للرئيس أن يطلب من المجلس إقالته» . « أما عن تعرض سلطات الوصاية على قرار الإقالة ، و التعويض ، فإن المشرع يضمن لها هذا الحق، الذي هو فقط حق التعرض، و ليس حق الإبطال ، لكننا في الآن نفسه نتشبث بسيادة المجلس في إطار ما يتيحه الميثاق الجماعي بروحه و فلسفته . و هذا الميثاق التعاقدي ، الأخلاقي ، و القانوني ، يسعى إلى خدمة المواطن أولا و أخيرا ، فكيف تتم خدمة هذا المواطن، إذا تم التخلي ، و الاستعاضة عنه بالمقعد الشاغر ، خدمة لأهداف هي أبعد ما تكون عن مصلحة الناخبين» . « أما ما عبرت عنه بعض المصادر العليمة ، بخصوص موقف سلطات الوصاية ، هو أن هذه الأخيرة ، قد اعتمدت في تعرضها على الإقالة و التعويض على المادة 74 من القانون 7800 الخاص بالميثاق الجماعي الجديد ، و هي مادة صريحة لا تقبل التأويل ، تخول لسلطات الوصاية إعلان بطلان القرارات أو الاعتراضات عليها . و ان هذا التعرض قد طبق بمقتضى تشريعي، تضمنه المادة 6 من نفس الميثاق ، يضيف نفس المصدر ، كون المجلس لا يتوفر على أي سند قانوني يثبت رفض أو امتناع الأعضاء - محط قرار الإقالة - عن القيام بالأعمال المنوطة بهم ، أو أنهم ارتكبوا أخطاء جسيمة تخل بسير القطاع الذي فوض لهم فيه» . و بعيدا عن كل هذا السجال ، فإن لمدينة مكناس و ساكنتها انتظارات كثيرة و خصاصا في كل المجالات ، هي أولى بالعناية و الاهتمام!