يحبل «المجتمع البيضاوي» بعدد من الظواهر الغريبة والخطيرة في آن واحد، والتي تدل على العقلية الاحتيالية التي صار يتمتع بها البعض، والتي يقوم بتصريفها سلوكا وممارسة دون أدنى وجل من أية متابعة أو عواقب كيفما كان نوعها، ما دام الهدف هو تحقيق المبتغى الخاص وإن تم خرق القانون أو التعدي على حقوق الغير وأملاكه؟ الأحياء السكنية الحديثة العهد والتشييد، سيما منها تلك التي يتوفر بعض المغاربة المهاجرين خارج أرض الوطن على منازل بها، باتت مسرحا لأسلوب احتيالي جديد يقوم على أساس مراقبة إحدى هذه الدور، وبعد التأكد من «هجرانها» يتم كسر الباب عنوة وتغيير الأقفال لتصبح «ملكا خاصا» بعد ذلك لمدة من الأعوام إلى أن يأتي أصحابها لزيارتها، ويكتشفون الأمر ليجدوا أنفسهم أمام وضع شائن خارج أي قانون أو عرف مما يحتم عليهم الالتجاء إلى أسلوب ما من أجل استرداد ملكهم! تجزئات متعددة شهدت نفس الفصول بدرجات متفاوتة، ففي الوقت الذي كان يلجأ فيه بعض الشباب لمعاقرة الخمر وممارسة نزواتهم الخاصة ببعض هذه المنازل، ارتأى البعض اقتحامها واستغلالها لمدة معينة ثم تأجيرها فيما بعد لمكترين مقابل أجر شهري، بينما آثر البعض الآخر المكوث بأحد هذه المنازل ومنهم من قضى بها أكثر من 10 سنوات، وعندما حل أصحاب المنزل ووجهوا بادعاء مفاده أنهم كلفوه بحراسة المنزل مما يتعين عليهم دفع مبلغ مالي مهم لمغادرة المنزل؟حكايات غريبة كتلك التي عاش على إيقاع فصولها سكان إحدى هذه التجزئات بتراب الحي الحسني بداية الأسبوع الماضي، وهم يعاينون أشخاصا يقومون بإخراج أفرشة ولوازم منزلية وأثاث مختلف من داخل منزل ويقومون برميها خارجا، بينما شخص متقدم في السن يجلس على مقربة من الباب ووضعه الصحي يوحي بكونه ليس على ما يرام، المشهد جعل فضول البعض يكبر فتوجهوا للتساؤل حول فحوى الموضوع، قبل أن يتبين أن المسن يقطن رفقة زوجته داخل المنزل بدون سند قانوني بعدما عمل على اقتحامه، وظلوا يسألونه عن الكيفية التي ولج بها الدار، ولم يجد من جواب سوى الادعاء بأنه كان يمر من المكان فعثر على مفتاح مرمي أمام الباب وعندما وضعه في القفل فتح الباب، فاختار ان يقطن بالمنزل لكونه يعيش ضائقة مالية ولايتوفر وزوجته على مسكن! حكاية ضمن سلسلة حكايات وجد بعض أرباب المنازل/الضحايا أنفسهم في مواجهتها إما عن طريق العنف، أو الخضوع للابتزاز، أو أية صيغة أخرى، في وقت غفلت أعين الجهات المعنية عن معرفة من يقطن بهذه المنازل والكيفية التي سمحت لهم بولوجها ؟!